هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا تحت عنوان "إيران تجد نفسها في مرمى المتظاهرين العرب"، تقول فيه إن العراق ولبنان يشهدان أكبر تظاهرات منذ عقود.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هذه المظاهرات تعد أكبر تحد للتأثير الإيراني الذي حصلت عليه في البلدين، اللذين يحاول فيه المتظاهرون تغيير النظام السياسي، لافتا إلى أن المتظاهرين في مدينة كربلاء أشعلوا في يوم الأحد قنابل المولوتوف ورموها على القنصلية الإيرانية هناك، وحاولوا رفع العلم العراقي على المبنى، فيما قتلت قوات الأمن ثلاثة من المحتجين عندما أطلقت الرصاص الحي عليهم.
وتقول الصحيفة إن إيران استفادت في العقد السابق من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط لتوسيع وجودها في المنطقة، مستدركة بأنه في الوقت الذي تقوم فيه المليشيات المسلحة بدعم من الجمهورية الإسلامية بتحقيق نفوذ سياسي، فإن المحتجين يقومون بتحميل إيران ووكلائها المحليين مسؤولية الفساد وسوء الإدارة وعنف الدولة.
وينقل التقرير عن المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إميل هوكاييم، قوله: "تعودت طهران على الاستفادة من مفهوم أن منافسيها هم فاسدون وعاجزون"، وأضاف: "في الوقت الذي يحصل فيه شركاء إيران على القوة فإنهم لا يستطيعون الهروب من حقيقة أنهم هم المسؤولون عن رفاهية بلادهم".
وتلفت الصحيفة إلى أن المتظاهرين في ساحة التحرير في بغداد صرخوا قائلين: "إيران برا برا"، وقاموا بتمزيق لوحات إعلانات علقت عليها صور القادة الإيرانيين، ورموا الأحذية على صورة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني.
ويذكر التقرير أن التظاهرات استمرت دون توقف، حتى بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري ودفع رئيس الوزراء العراقي إلى الاستقالة، وعاد المتظاهرون نهاية الأسبوع إلى شوارع لبنان بعد توقف قصير، مشيرا إلى أن التظاهرات حظيت بدعم من أبناء الطوائف واتفقت جميعها على موضوع واحد، وهو مواجهة إيران، خاصة في الجنوب العراقي، فالكثير من المحتجين يلومون القيادة السياسية التي يعتقدون أنها رهن إيران؛ للغياب الصارخ للخدمات، وبطء النمو الاقتصادي والفساد.
وتفيد الصحيفة بأن المحتجين في لبنان يطالبون بتغيرات واسعة على النظام السياسي المتجذر بالطائفية والتأثير الأجنبي، ففي هذا البلد يتقاسم السنة والشيعة والمسيحيون أبرز ثلاثة مناصب سياسية، لافتة إلى أن لدى حزب الله، الذي تدعمه إيران، ويعد وكيلها الإقليمي، حصة كبيرة من أصوات الشيعة بسبب النظام السياسي الطائفي.
ويبين التقرير أن الهدف المشترك للمتظاهرين في العراق كان المليشيات الشيعية، التي تدعم معظمها إيران، وهي الجماعات التي ترجمت نجاحاتها ضد تنظيم الدولة إلى نفوذ سياسي، وتعرف بالحشد الشعبي، التي تتبع رسميا الجيش الوطني، لكنها تعمل بحصانة، وتعطي طهران نافذة للتأثير.
وتنوه الصحيفة إلى أن السلطة والسيطرة المناطقية منحتا هذه المليشيات القدرة على بناء قوة اقتصادية، مستفيدة من كل شيء من الضرائب إلى قبضتها المتزايدة على شركات البناء الحكومية، مشيرة إلى أنه بحسب مسؤولين أمريكيين، فإنها تساعد إيران على تجنب الحصار.
ويجد التقرير أن طهران تتعامل على ما يبدو مع المتظاهرين بنوع من القلق، وتقارن الاحتجاجات العربية بتلك التي قمعتها بقوة داخل إيران، واتهم المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي الولايات المتحدة وإسرائيل وبقية الدول الغربية بإثارة الثورات في العراق ولبنان، وقال: "الأعداء منخرطون في المؤامرات ذاتها ضد إيران، ولحسن الحظ فقد تحرك الناس في توقيت جيد، وتم القضاء على الفتنة"، ويستخدم المسؤولون الإيرانيون كلمة "الفتنة" لوصف تظاهرات 2009، التي عرفت بالثورة الخضراء.
وتفيد الصحيفة بأن إيران لم تكن هي فقط مصدر الغضب في العراق، بل أمريكا وإسرائيل وحزب البعث أيضا، مشيرة إلى قول الباحث في العلاقات الإيرانية العراقية محمد علي الشيباني من جامعة سواس في لندن: "يبدو الغضب موجها بشكل رئيسي ضد النخب الحاكمة.. ليس لدى الولايات المتحدة والسعودية الكثير للفرح، لأن أصابعهما في الكعكة".
ويستدرك التقرير بأن إيران هي مصدر الغضب الرئيسي، فقام المتظاهرون بحرق مكاتب المليشيات في الجنوب، وفي العمارة قام المحتجون بأخذ أحد قادة المليشيات من سيارة إسعاف وقتلوه، بحسب فيديو بثته جماعة عصائب الحق.
وتجد الصحيفة أنه مع تزايد الاحتجاجات حاولت إيران حماية حلفائها، ففي الوقت الذي عرض فيه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الاستقالة، إلا أن قاسم سليماني تدخل لمنعه، بحسب شخصين مطلعين على الموضوع، ففي زيارة استمرت أربعة أيام دعا قادة كتلتين كبيرتين طالبتا باستقالة عبد المهدي، وهما كتلة مقتدى الصدر وكتلة هادي العامري، وطلب منهما مواصلة دعم عبد المهدي، الذي دعا يوم الأحد المتظاهرين للعودة للحياة الطبيعية دون الإشارة إلى عرضه السابق بالاستقالة.
ويشير التقرير إلى أن مسؤولا رفض الاتهامات، قائلا: "هناك أهداف وراء هذه التقارير لتظهر أن إيران تقول للعراق ما يجب عليه عمله"، وأضاف: "تمت المبالغة فيها لتظهر إيران على أنها لاعب مكروه في العراق".
وتفيد الصحيفة بأن صباح العجيلي من كتلة الصدر وصف هذه التقارير عن صفقة للحفاظ على رئيس الوزراء، بأنها "كلام فارغ"، مشيرة إلى أن جماعات الحشد الشعبي تتهم بأنها حاولت قمع المتظاهرين، وقالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" إن هذه الجماعات متهمة بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين وإن كان ذلك أحيانا لحماية مكاتبها، فيما اتهمت منظمة "أمنستي إنترناشونال" باستفزاز وخطف المحتجين.
ويذكر التقرير أن المحامي علي الحطاب، الذي استخدم "فيسبوك" لاتهام المليشيات بقتل المحتجين وخطفهم، خاصة في مدينة العمارة في الجنوب، كان ضحية، حيث تم جره لمقابلة زبون، إلا أنه تم وضعه في سيارة بحسب شقيقه مصطفى، الذي قدم تصويرا لعملية اختطاف شقيقه.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي كان فيه نقد إيران غائبا عن تظاهرات لبنان، إلا أن شجب حزب الله كان واضحا، ففي 19 تشرين الأول/ أكتوبر هاجم أنصار حزب الله تجمعا من المحتجين في صور والنبطية جنوب لبنان، فيما قام أنصار حزب الله وحركة أمل الشيعية بالهجوم على معسكرات المحتجين وسط بيروت.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)