هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انطلق، الأربعاء
الماضي، مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (CIFF) بدورته الحادية والأربعين، من دار الأوبرا المصرية في ظل حالة
تردي ثقافي وتهميش فكري وتراجع فني في عهد النظام العسكري أدى لتراجع دور المهرجان
الأعرق بالمنطقة.
تلك الحالة تعبر
عنها تقارير الصحافة المصرية وتغطياتها للمهرجان وأيضا البرامج الفنية عبر
الفضائيات التي تنشغل جميعها بأزياء الفنانات، وإطلالاتهن، وإكسسواراتهن، وبيوت
الأزياء التي يرتدين منها، دون الاهتمام بما يقدمه المهرجان من أفلام وندوات
ولقاءات فنية مصرية وعربية وعالمية.
المهرجان الأقدم
عربيا وإفريقيا - منذ عام 1976- والذي يمتد حتى 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019،
ويحمل اسم مديره الراحل يوسف شريف رزق الله، ويرأسه المنتج محمد حفظي؛ يواجه
منافسة شديدة بعد نجاح مهرجان الجونة السينمائي الخاص، والذي ينظمه رجل الأعمال
نجيب ساويرس بدفق أموال كثيرة وبتنظيم عالمي.
ويعرض المهرجان
بدورته الحالية 150 فيلما، وتشارك السينما المكسيكية كضيف شرف، فيما عرض فيلم (The Irishman) للمخرج مارتن سكورسيزي، ومن
إنتاج منصة نتفليكس، في الافتتاح.
"شكل
بلا موضوع"
وفي تعليقها على
شكل مهرجان القاهرة السينمائي الآن، ترى الفنانة منة فضالي، أن "المهرجان لم
يعد كما كان؛ حيث أن التنظيم الآن يعتمد بشكل كبير على الشكل دون الموضوع الذي كان
يميز المهرجان طوال تاريخه".
وفي حديثها
لـ"عربي21"، أكدت الفنانة الشابة أن "التنظيم الآن معيب فيمكن لأي
أحد أن يكون بين المدعوين وأكثرهم من غير الصفوف الأولى والثانية من الفنانين"،
مشيرة إلى أن "الأمر يعتمد على الشو أكثر من أي فكرة أخرى، وأصبح المهم الآن هو ما ترتدينه الفنانات وإطلالاتهن
وإكسسواراتهن"، مضيفة أن "الضجة حول الفساتين وليس الأفلام
وموضوعاتها".
وقالت فضالي: "زمان
لم يكن الاعتماد على الشكل وكانت الملابس أبسط بكثير ولا تقوم على هذا الإبهار،
ولم يكن دور الفنان وهمه الظهور على الرد كاربت (السجادة الحمراء)، بل المشاركة
بفاعليات المهرجان ومتباعة العروض الفنية والتقنيات الحديثة ولقاء النجوم الكبار
ونقل خبراتهم من خلال عروض المهرجان".
وأوضحت فضالي أنه
"سابقا كان يجمعنا المهرجان حول فيلم مهم أثار ضجة أو قدّم جديدا أو دور جيد
لعبه فنان أو تكريم لقامة فنية كبيرة، وليس الحديث عن الفساتين
والاكسسوارات".
وأكدت الفنانة
المصرية أنه "رغم ذلك فإن المهرجان به جانب إيجابي، وهو التنوع الذي يبدو في
الديكور؛ ولكن في الإجمالي لا يوجد مهرجان لاختفاء الموضوع والاعتماد على
الشكل".
وترى فضالي أن
"مهرجان الجونة السينمائي يمثل حالة جديدة براقة لا شك أثرت على مهرجان
القاهرة، إلا أنه يعتمد على الشكل أيضا وليس الموضوع".
وأشارت فضالي إلى
أن "مصر خسرت كثيرا من تراجع قيمة مهرجان القاهرة السينمائي، ومن فقدان
مهرجان الفضائيات رغم تاريخهما ودورهما في إثراء الحالة الفنية".
"دعاية
لمصممي الأزياء"
وفي تقييمها
لمهرجان القاهرة السينمائي وأسباب فقده لبريقه السابق، ترى الكاتبة والروائية ريم
خيري شلبي، أن "المشكلة لا تكمن في تعدد المهرجانات المنافسة، ولكن من
المفترض أن كثرة المهرجانات تنعش الحركة الفنية".
عضو اتحاد كتاب
مصر، أوضحت، لـ"عربي21"، أن "المشكلة تكمن في قلة الإنتاج السينمائي
الذي يليق بالمهرجانات"، منوهة إلى أنه "لذلك أصبحت المهرجانات مجرد
دعاية لمصممي الأزياء ومجانين الموضة؛ ومصائب قوم عند قوم فؤاد".
"لقطة
مبهرة"
وبرؤيته قال
المخرج المصري علي أبوهميلة: "بداية لابد أن نقر بأن وجود مهرجان القاهرة
السينمائي لهذه اللحظة بظل تطورات سياسية تتدهور فيها أدوار مؤسسات الدولة وتعاني
من إهمال كبير على مستوى الإدارة والتمويل؛ فهذا بحد ذاته أمر جيد من وزارة
الثقافة".
مدير عام
التسجيلات الخارجية بقناة النيل للدراما، بحديثه لـ"عربي21"، يعتقد أن
"وجود مثل هذه الأنشطة لوزارة الثقافة كوجود الهيئة الوطنية للإعلام مجرد ترك
للمريض حتى الوفاة بعد سحب أجهزة الأكسجين، وهو هنا ما يتمثل بالإدارة غير الجيدة
والتمويل الضعيف".
وحول المشهد
العام للمهرجان، يرى أبوهميلة أنه "يتماثل مع المشاهد العامة لسياسة النظام
من حيث الحرص على اللقطة بغض النظر عن جودة محتواها ومضمونها"، موضحا أنه
"دائما بحاجة للقطة مبهرة لعين المتلقي تجعله ينسى المحتوي".
وأضاف أن
"المظهر الخارجي للمهرجان هو ما يجذب للمهرجان؛ سواء بوجود (ريد كاربت) وما
يحدث عليها من لقطات تظل محور الاهتمام بوسائل التواصل الاجتماعي"، مؤكدا أنه
"من حيث المحتوى؛ فعلينا أن ننظر لنرى منتج السينما المصرية خلال عام مضى
وعام قادم".
وأشار أبوهميلة إلى
أن "الحالة العامة للسينما ضعيفة مع تضاؤل عدد المنتجين، وعدم قدرة مخرجين
كبار على العمل والإنتاج سواء من خلال شركات مستقلة أو قطاع خاص متميز، وكذلك مع
رفع الدولة يدها عن الإنتاج السينمائي فيما عدا ما شاهدناه من انتاج فيلم
كـ(الممر)، والجميع يعرف من أنتجه ولماذا أنتج؟".
وتابع أبوهميلة:
"نحن إذن أمام حالة ضعيفة للإنتاج السينمائي في مصر، وهذا أيضا يؤثر على
المهرجان كثيرا".
وأضاف: "ثم
يأتي أخيرا ما يمكن أن يُطلق عليه إرث صناع المهرجان الأوائل مثل سعد الدين وهبة وغيره، مما أسّسوا قواعد
المهرجان، كالتكريم والنشرات السينمائية، والتي أضيف لها الأعوام الماضية النشرة
الإنجليزية، والندوات، وكذلك محاولة تكريم بعض نجوم السينما العالمية والإفريقية
والمصرية".
ويعتقد المخرج
المصري أن "هذا الإرث الجيد لا يستطيع الذين يديرون المهرجان الهروب منه -وإن
كنت أتوقع ذلك مسقبلا- لهو واحد من أهم مظاهر الجمال بالمهرجان".
وعن حضور وجهمور
المهرجان، أكد أن "هناك ما يُعرف دائما باسم جمهور المهرجان -حسب رأي الفنان
محمد هيندي قصة ولا مناظر- يتوقع حضور جمهور المناظر كثيرا، ويبقى للمهتمين
بالسينما والذين يحلمون بالعمل أو الثقافة حضور الندوات السينمائية إحدى مظاهر
جودة المهرجان".
وتابع:
"بمقارنة القاهرة بمهرجانات أخرى لابد أن نشير إلى أن اسم مهرجان القاهرة
وتاريخه جدير بصنع لقطة متميزة عن باقي
المهرجانات بالجونة وشرم الشيخ، ولا ينافس القاهرة سوى المهرجانات المتخصصة
كالإفريقي".
وختم المخرج
المعارض للنظام الحاكم بمصر بقوله: "إذا كان مهرجان القاهرة بنسخته الأخيرة
حريصا على اللقطة المبهرة فغالبا مهرجانات القطاع الخاص حريصة على الرقص؛ ولكن
يبقى للقاهرة اسمه وقواعد رجاله الأوائل".