هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "التايمز" مقالا تحليليا للمحرر السياسي أوليفر رايت، يقول فيه إن نتائج الانتخابات العامة، التي أعلن عنها صباح الجمعة، وفاز فيها حزب المحافظين بغالبية ساحقة، تؤشر إلى عهد سياسي جديد.
ويقول رايت في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الجدار الأحمر، أي حزب العمال، لم يخترق، لكنه دمر، حيث لم تعد مناطق عمالية تقليدية، مثل وركينغتون وستوك أون ترينت ودادلي وبلايث فالي وبولسفر، الواقعة في الشمال، وميدلاندز، التي ظلت عمالية ولأجيال طويلة".
ويشير الكاتب إلى أن "النتائج الأخيرة للانتخابات ستكشف عن أداء سيئ للحزب لم يشهد مثله منذ عام 1935، فيما حقق حزب المحافظين أكبر غالبية له في البرلمان منذ مارغريت تاتشر عام 1987".
ويفيد رايت بأن "جيرمي كوربين والبريكسيت أقنعا الناخبين التقليديين بعمل أمر لم يفعله أجدادهم أبدا، وهو التصويت لحزب المحافظين وبأعداد كبيرة، وكانت النتائج أسوأ مما توقعته استطلاعات حزب العمال، فقد تراجعت حصته في بعض المناطق من 10.9% إلى 6.3% من الأصوات، خاصة في المناطق التي صوتت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي".
ويجد الكاتب أنه "بالمقارنة، فإن حزب المحافظين استطاع الحصول على مقاعده الرئيسية في البلاد، ومقاعد لم يحلم أبدا بالحصول عليها، مثل انتصار مرشحه في منطقة كيزنغتون في لندن، وفي إسكتلندا حقق الحزب الوطني الإسكتلندي أفضل نتائجه في ليلة الانتخابات، حيث حصل على 50 من 59 مقعدا مخصصا لإسكتلندا، وسيحاول الحزب الذي سيظل في المعارضة التأكد من عدم نهاية مطالب الإسكتلنديين باستفتاء ثان على الاستقلال عن المملكة المتحدة".
ويلفت رايت إلى أن "من النتائج المثيرة هي أن زعيمة حزب الليبراليين الديمقراطيين، جو سوينسون، مقعدها، ما يطرح سؤالا حول وجودها بعد فشلها في إقناع الناخبين البريطانيين بالبقاء في الاتحاد الأوروبي".
ويقول الكاتب: "عندما ينجلي الغبار ستعرف تداعيات انتصار المحافظين على النظام السياسي البريطاني، وما تعنيه النتائج لحزب العمال المنهزم وللمنتصرين من المحافظين وللبريكسيت، وسيدخل حزب العمال البرلمان دون قوة، وسيذهب كوربين حيث ستبدأ معركة على روح الحزب بين مؤيديه الذين يريدون انتخاب واحد منهم، والبقية التي تحاول سحب الحزب مرة أخرى إلى الوسط، وسيحاول المؤيدون إلقاء تبعة الهزيمة على الرسائل المتضاربة من البريكسيت، أما البقية فستنسب الهزيمة إلى السياسات غير الواقعية والعملية التي قدمها كوربين وحزبه في الحملة الانتخابية، والمخاطر هي أن تجري المعركة على رئاسة الحزب بناء على البريكسيت".
وينوه رايت إلى أن "الحزب لن يعود إلى الحياة إلا عام 2024، في ضوء سيطرة المحافظين على البرلمان، وعندها ستكون علاقة بريطانيا مع أوروبا مختلفة، وسيواجه الحزب تحديا لمراجعة التحالف التقليدي بين الطبقة العاملة في الشمال وميدلاندز والطبقة المتعلمة في المدن، وإن ما تزال ذات معنى".
ويتساءل الكاتب عما إذا كان الحزب سيقوم بمحاولة استعادة المناطق التي خسرها للمحافظين، أو تشكيل سياسة جديدة لا تعتمد على القواعد التقليدية، قائلا إن هذا الأمر لن يكون سهلا.
ويستدرك رايت بأن "نتائج الانتخابات تعد تحديا لبوريس جونسون أيضا، فهو سيعود إلى ويستمنستر بغالبية ساحقة، إلا أنه حقق هذا على ظهور الناخبين الذين صوتوا له بتردد، وأظهرت الاستطلاعات المتعددة عدم وجود حماس كبير لجونسون وحزبه بين الناخبين الجدد، وصوتوا له ليحل معضلة البريكسيت، ولأن البدائل الأخرى لم تعجبهم".
ويقول رايت إن "المجموعة البرلمانية ستكون مختلفة أيضا، فمع أن جونسون تعهد بقيادة البلد كله وتمثيله، إلا أن النواب الجدد قد يطالبون بتغيير أيديولوجية الحزب بعدما تغيرت طبيعة الناخبين".
ويبين الكاتب أنه "بعد الانتهاء من البريكسيت، فسيكون جونسون أمام تحديات وضغوط لتلبية وعوده لمن انتخبوه، والمشكلة أن الناخبين الجدد مختلفون في نظرتهم للقواعد التقليدية للحزب، ولهذا سيكونون ناقدين لقراراته بشأن قطع أو زيادة الضريبة في المناطق التي لم يكن الحزب يلقي لها بالا".
ويرى رايت أنه "ستكون للانتخابات تداعيات غير متوقعة، فجونسون المتحرر الآن من قيود البرلمان سيقوم بالتفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول خطة الخروج، فالمتطرفون يريدون خروجا واضحا دون تنازلات وباتفاق تجاري عادل مع أوروبا، وهو ما وعد جونسون بعمله، مع أنه لن يكون مجبرا على هذا، خاصة أن مسارا كهذا سيؤثر على الاقتصاد، ويخرب علاقته مع الناخبين الجدد، ومن هنا فإنه قد يحاول تبني خروج لين وتدريجي".
ويجد الكاتب أن "ما يهم في النهاية، هو أن حزب المحافظين خرق القاعدة في السياسة البرلمانية، حيث أصبحت له غالبية ساحقة، وذلك بعد عقود من برلمانات معلقة وأحزاب دون غالبية".
ويختم رايت مقاله بالقول إن "هذه النتائج لن تكون ترياقا للانقسام الذي تسبب به قرار الخروج، بل ستضع البلاد على طريق جديد لحلها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)