مع بداية عام 2020، أصبح الغاز
الإسرائيلي أمرا
واقعا وجزءا من حياة الأردنيين اليومية قسرا، بعد أن ستولد شركة الكهرباء
الأردنية الكهرباء للمنازل والمصانع
والمؤسسات، باستخدام هذا الغاز.
وحسب شركة الكهرباء الأردنية، يبدأ الضخ
التجريبي للغاز الإسرائيلي مع بداية الشهر الأول من العام الحالي (1/ 1/ 2020) ضمن
اتفاقية وقعت في 2016 مع شركة نوبل إنيرجي الأمريكية صاحبة الامتياز بالتنقيب عن
الغاز مع تحالف شركات إسرائيلية من حقل "ليفياثان" للغاز الطبيعي في البحر
المتوسط.
تقول الشركة في بيان صحفي إن "الضخ
التجريبي يهدف لاختبار الجاهزية الفنية للبنية التحتية لبدء الضخ الفعلي، ويستمر
لمدة 3 أشهر، منصوص عليها بالاتفاقية، قبل بدء استقبال الغاز بشكل يومي، والمخصص
لأغراض توليد الكهرباء".
وعمليا، بدأت صباح الثلاثاء 31/ 12/ 2019، عملية تشغيل منصة استخراج
الغاز من حقل "ليفياثان"؛ تمهيدا لبدء الضخ التجريبي إلى الأردن.
وسيصل الغاز ضمن الضخ التجريبي إلى الأردن
خلال حوالي 72 ساعة من تاريخ تشغيل منصة استخراج الغاز من حقل "ليفياثان"،
كما ذكرت "حملة غاز العدو احتلال"، الحملة الأردنية المناهضة لاتفاقية
الغاز.
إذ تشير بنود
اتفاقية الغاز بين الأردن
وإسرائيل -التي اطلعت "عربي21" على
نسخة منها- أن فترة الضخ التجريبي
تمتد لـ150 يوما، يليها ضخ تجاري، ويحق للمشتري إنهاء الاتفاقية في حال لم يحصل
خلال 24 شهرا على 65% من الكمية المطلوبة بشكل سليم ضمن المواصفات خلال فترة الضخ
التجاري.
وتبين الاتفاقية أن الكمية اليومية التي
ستضخ للأردن خلال 15 عاما، تبلغ 300.000 وحدة حرارية بريطانية، على أن يناقش
الطرفان بعد 6 أشهر من التعاقد إمكانية ضخ كميات إضافية، كما ينص أحد بنود الاتفاقية
على أنه إذا ظهر في الأردن أي حقول غاز فلا يحق للمشتري تخفيض نسبة الاستيراد
بأكثر من 20% فقط.
كما نصت على أنه في حال إنهاء الاتفاقية من
تاريخ السريان وحتى تاريخ السنة الخامسة من بدء التشغيل التجاري، على المشتري دفع مبلغ
مقداره (1.5) مليار دولار أمريكي، أما إذا كان هذا الإنهاء ساري المفعول خلال
الفترة من التاريخ الذي يلي مباشرة للسنة الخامسة لتاريخ التشغيل التجاري حتى
السنة العاشرة لتاريخ بدء التشغيل التجاري، فإن على المشتري دفع (800) مليون دولار
أمريكي، وعلى المشتري دفع (400) مليون دولار أمريكي في حال كان الإنهاء بعد مرور
(10) سنوات من بدء التشغيل التجاري.
وتتولى نوبل انيرجي بيع الغاز للأردن من خلال
شركة "NBL" - شركة الأردن للتسويق
المحدودة- وهي شركة (أوف شور) غير معروف مالكوها، بينما أوكلت أمور النقل لشركة
"الفجر المصرية".
وأنشأ الأردن لهذه الغاية خطا لربط الغاز مع إسرائيل، خصصت له الحكومة الأردنية مبلغ 11 مليون دينار لإنشائه حسب أرقام موازنة
الدولة لعام 2018، وبلغت مساحة الأراضي
التي تم استملاكها لغاية المشروع 344
دونما واستئجار 611 دونما، من أراضي 18 بلدة في محافظتي إربد والمفرق.
ويمتد خط الغاز تحت الأرض حتى يصل إلى نقطة
ربط قرب معبر الشيخ حسين في شمال المملكة،
لوصله مع خط الغاز العربي الذي يبدأ في مدينة المفرق شمال شرق الأردن، وينتهي
ميناء الغاز الطبيعي بالعقبة جنوب الأردن، الذي يرتبط بدوره مع مصر أيضا.
خمس سنوات من
المعارضة
ويأتي بدء الضخ في وقت ما تزال تطالب فيه الحركات
المعارضة لاتفاقية الغاز الحكومة الأردنية بإلغائها، إذ دعت الحملة الوطنية
الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني، (غاز العدو احتلال)، مجلس
النواب لتحمل مسؤولياته من أجل العمل لإلغاء اتفاقية استيراد الغاز.
وأعلنت الحملة ما أسمته "حالة الطوارئ
الوطنيّة القصوى"، ودعت جميع المواطنين، ومجلس النواب، ومجلس النقباء،
والأحزاب السياسية، والمؤسسات الأهليّة والشعبية، إلى تحمل مسؤوليّاتهم التاريخية،
و"وقف هذه الكارثة".
يقول منسق الحملة هشام البستاني
لـ"عربي21" إن "مجلس النواب هو السلطة الوحيدة حاليا القادرة على
إسقاط الاتفاقية الكارثية".
وتنشط الحملة التي تضم شخصيات نقابية
وحزبية وشعبية ونيابية منذ 2014، وهو الوقت الذي وقعت فيه الحكومة الأردنية رسالة
النوايا لاستيراد الغاز من إسرائيل، وطرق معارضو الاتفاقية كافة الأبواب،
واستخدموا جميع الوسائل، من اعتصامات، ودعاوى قضائية، ومخاطبات للحكومة، ومجلس النواب،
وهيئة مكافحة الفساد، لكن دون جدوى.
وحسب البستاني، فإن الخطورة في الاتفاقية هي
"أن الكيان الصهيوني سينفذ عميقا للمستوى الشعبي، ويدخل منازل الأردنيين، وكل
القطاعات، الذين سيدفعون تكاليف هذه الاتفاقية من جيوبهم، ويرهنون 40% من إنتاج
الكهرباء لهذا الكيان".
ويضيف: "الحكومة تحاول التنصل من هذه
الاتفاقية من خلال التصريح بأن الاتفاقية بين شركتين، لكن الحكومة هي صاحبة الولاية، وهي المسؤولة عن تنفيذ إجراءات تمديد الأنبوب وضخ الغاز بالكامل".
وتابع: "اليوم لسنا بحاجة إلى الغاز
الإسرائيلي، لدينا ميناء الغاز المسال، وعودة الغاز المصري، والطاقة الشمسية،
سندفع 10 مليار دولار فقط لشراء التبعية، ونمول هذه التبعية من جيوب المواطنين
الأردنيين؛ لإعطائها للكيان الصهيوني ثمن الغاز المسروق من فلسطين".
ويعتبر البستاني أن "للولايات المتحدة
دورا كبيرا في الضغط على الأردن لتوقيع الاتفاقية لوجود شركات لها ومصالح، إلى جانب
دعم الاحتلال الإسرائيلي ودمجه في المنطقة".
مذكرات نيابية
مستعجلة
الحكومة الأردنية، قالت على لسان وزيرة الطاقة هالة زواتي، خلال اجتماعها مع
لجنة الطاقة النيابية في 23 كانون أول/ ديسمبر، إن "ثمن العودة عن اتفاقية
الغاز مع "نوبل إنيرجي" هو 1.5 مليار دولار تدفع مرة واحدة".
إلا أن الحملة ترى أن أمام الحكومة جملة من
المخارج القانونية لإسقاط الاتفاقية دون دفع الشرط الجزائي كرفضها من قبل مجلس
النواب.
وكان مجلس النواب الأردني منح في 22 كانون
ثان/ ديسمبر الماضي، صفة الاستعجال لمقترح نيابي لسن قانون يمنع استيراد الغاز من
إسرائيل، عقب مذكرة نيابية وقع عليها 58 نائبا، إلا أن المجلس لم يعقد جلسة
لمناقشة هذه المذكرة حتى اليوم.
النائب في كتلة الإصلاح أحمد الرقب يحمل
المسؤولية للحكومة التي "لم تستجب للنواب"، ويقول لـ"عربي21":
"طالبنا بلقاء عاجل لمناقشة الإجماع البرلماني لرفض اتفاقية الغاز، مجلس
النواب قام بواجبه التاريخي، وكان على الحكومة تنفيذ قرار مجلس النواب، الحكومة
صماء بكماء عاجزة لم تسمع لكل النداءات البرلمانية، ولا النداءات الشعبية، رغم الإجماع
على رفض اتفاقية العار".
يتابع: "بادرنا لتوقيع مذكرة لحجب
الثقة عن الحكومة"، لكن لماذا لا تترجم هذه المذكرات إلى واقع من قبل النواب؟
يجيب الرقب: "نحن ككتلة إصلاح طالبنا بحجب الثقة عن الحكومة، وسنعجل في ذلك
ببحر الأسبوع القادم، الأولية القصوى لمناقشة قانون إلغاء اتفاقية الغاز، ولا بد
من اصطفاف شعبي يؤدي إلى إلغاء الاتفاقية، وأنا ادعوا إلى هذه الهبات
السلمية".
وعلى وقع بدء ضخ الغاز الإسرائيلي للأردن،
دعت "حملة غاز العدو احتلال" الأحزاب الأردنية، ومجلس نقباء النقابات
المهنية للتحرك الفوري، وأن يبادروا إلى طلب لقاء عاجل مع الملك عبد الله الثاني،
على أجندته نقطة واحدة، هي إلغاء اتفاقية الغاز ومحاسبة المسؤولين عنها".
اقرأ أيضا: حرق محولات كهرباء تغذي محطة غاز إسرائيل القادم للأردن
للاطلاع على نسخة من الاتفاقية باللغة العربية اضغط (هنا)