هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن تعيين هادي العامري لخلافة الراحل أبو مهدي المهندس في تحالف الميليشيات المقربة من طهران، ما من شأنه أن يعزز تأثير الأمة الفارسية في الدولة المجاورة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه عندما وافق هادي العامري، قائد "منظمة بدر"، التي تعتبر الذراع المسلح للمجلس الإسلامي الأعلى في العراق، على التحدث مع صحيفة الموندو في سنة 2010، لم يكن شخصية ثانوية من بين الخبراء الاستراتيجيين السياسيين لهذه المنظمة، التي ترأسها عشيرة آل حكيم، وهي إحدى العائلات التي لديها أعظم الجذور الدينية والسياسية في الشرق الأوسط.
وبينت الصحيفة أن مؤسس منظمة بدر محمد باقر الحكيم قُتل في هجوم وحشي في سنة 2003 في النجف، وتوفي خلفه أخوه عبد العزيز بعد صراع طويل مع المرض في سنة 2009.
وكما يحدث بشكل متكرر في الشرق الأوسط، اكتسبت الشخصيات التي تتحكم في الجهاز العسكري، على غرار العامري، أهمية تفوق أهمية مرشديهم الفكريين إلى أن وقع ترحيلهم.
وتجدر الإشارة إلى أن هادي العامري وُلد في محافظة ديالى في سنة 1954 وكان يشغل منصب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي.
وإثر ذلك بوقت قصير، عُين وزيرا للمواصلات، وهو المنصب الذي شغله إلى غاية سنة 2014. ومن مفارقات التاريخ أنه اعترف في وقت سابق بالأداء الكارثي للطبقة السياسية التي كان يمثل جزءا منها قائلا: "أنا أيضا مذنب وأعترف بذلك، لقد جعلت البلاد تسير نحو انفجار اجتماعي وتمرد شعبي".
اقرأ أيضا : تعيين هادي العامري نائبا لرئيس الحشد الشعبي خلفا للمهندس
في الواقع، تحقق هذا التنبؤ في وقت متأخر نسبيا أمام التمرد الذي تعيشه الأمة العربية منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر، الذي يعتبره العامري وغيره جزءا من النظام الفاسد الذي قاد الدولة إلى أزمة دائمة.
وأضافت الصحيفة أنه حين بات من الواضح أن التمرد الشعبي يشكل تهديدا بوقف صعود التسلسل الهرمي للسلطة المحلية، سمح اغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني وقائد حزب الله في العراق أبو مهدي المهندس بإعادة إشراك العامري في السياسة من جديد الذي عُين خليفة لأبو مهدي المهندس بتوليه المنصب الرئيسي الذي كان يتولاه المهندس في قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران، التي أُنشأت في سنة 2014.
في الواقع، يبدو أن المسيرة التي قضاها العامري في العراق منذ سنة 2003 ترتبط تقريبا بسلسلة كاملة من "السخافات" الاستراتيجية الأمريكية الضخمة على غرار الإصرار على السماح لإيران بالحصول على نفوذ مفرط على الأمة العربية.
وبعد سقوط نظام صدام حسين، أصبحت منظمة بدر تحت أوامره، مندمجة بشكل كبير في وزارة الداخلية العراقية.
وبالتالي، في ظل رضا أو عدم اكتراث القوات الأمريكية، تسلل رجال الميليشيات الذي ضربتهم إيران منذ سنة 1983 إلى قسم استراتيجي من الدولة العراقية التي استمرت تحت إشراف العديد من أعضاء هذه التشكيلة، وآخرهم الوزير الحالي قاسم جلال الأعرجي الذي تولى منصبه في سنة 2017.
وأبرزت الصحيفة أنه خلال الحرب الأهلية بين السنة والشيعة التي اندلعت منذ سنة 2005، اكتسب الجنود الموالون لعامري شهرة "مؤسفة" في صفوف السكان المحليين بتهمة تشكيل الجزء الأكبر من فرق الموت، حيث كانت وحشيتهم مشابهة لتلك التي أظهرها إرهابيو القاعدة وتنظيم الدولة، الذين بثوا الرعب عبر العمليات الانتحارية وقطع الرؤوس.
ومن جهته، اتهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو هادي العامري فضلا عن ثلاثة من قادة الميليشيات الآخرين بكونهم أحد منظمي الهجوم على سفارة واشنطن في بغداد.
اقرأ أيضا : رويترز: هذه أبرز الفصائل المسلحة بالعراق المدعومة من إيران
ومن المثير للاهتمام أن العامري كان يتردد على أعلى المسؤولين في السياسية الأمريكية ويعقد مقابلات منتظمة مع ممثلي دونالد ترامب، وزار أيضا البيت الأبيض في سنة 2011 خلال ولاية باراك أوباما، بمرافقة رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي.
في الواقع، كان العامري وميليشياته حلفاء مقربين من الجيش الأمريكي في قتالهم ضد أتباع تنظيم الدولة.
في المقابل، مكنته إنجازات أتباعه في حملات الحرب هذه من الحصول على تمثيل برلماني بارز، حيث يدير الآن ثاني أقوى تحالف في البرلمان ، وفي السنة الماضية أصبح أحد المرشحين لرئاسة الوزراء. وأخيرا، كان عليه أن يتخلى عن المنصب لصالح عادل عبد المهدي.
وخلال مقابلة أجراها في سنة 2013، لم يخف العامري إخلاصه للجنرال سليماني الراحل، حيث قال "أنا أحبه، إنه أحد أعز أصدقائي".
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن صعود العامري، الذي سيصبح من الآن فصاعدا الرجل القوي الجديد لإيران في العراق، يشكل انتصارا آخر بعد اغتيال سليماني وشريكه السابق في فيلق بدر أبو مهدي المهندس، وهو ما لم يتوقعه الرئيس دونالد ترامب عندما أمر باغتياله.