هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعده كل من جون هدسون وجوش داوسي وشين هاريس ودان لاموث، يقولون فيه إن اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني جاء بعد إلحاح مستمر من وزير الخارجية مايك بومبيو، على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن بومبيو استيقظ يوم الثلاثاء في الساعة الرابعة صباحا بعد مكالمة أخبرته أن المحتجين وصلوا إلى خارج السفارة في بغداد.
ويلفت الكتّاب إلى أنه عندما بدأ المتظاهرون بإلقاء قنابل المولوتوف الحارقة على مجمع السفارة، فإن بومبيو وجد نفسه أمام أزمة أمن قومي تهدد دبلوماسييه، مشيرين إلى أنه بدأ بالاتصال في الساعة الرابعة والنصف مع وزير الدفاع مارك إسبر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، والسفير الأمريكي في العراق ماثيو تولر.
وتذكر الصحيفة أن وزير الخارجية تحدث مع ترامب عدة مرات خلال الأسبوع الماضي، ما أدى إلى صدور قرار ترامب ومصادقته على قتل أكبر قائد عسكري إيراني، وهو سليماني، وبناء على إلحاح من بومبيو ونائب الرئيس مايك بينس.
وينقل التقرير عن مسؤولين أمريكيين، قولهم إن بومبيو لم يكن حاضرا في الصيف الماضي عندما ناقشوا قضية ضرب إيران عقب إسقاطها طائرة دون طيار، وظل عابسا، إلا أن التغير الأخير في طاقم الأمن القومي، وطرد ترامب لمستشاره في البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون، ونزوات ترامب، الذي بات يشعر بأن الرأي العام حوله يعده مترددا لمواجهة العدوان الإيراني، أدت إلى وجود ثغرة نفذ منها بومبيو لإقناع الرئيس والضغط عليه لتنفيذ ما دعا إليه منذ وقت طويل.
ويرى الكتّاب أن "منح ترامب البنتاغون الضوء الأخضر لاغتيال سليماني يعد انتصارا بيروقراطيا لبومبيو، لكنه يحمل معه مخاطر، مثل تورط أمريكا في حرب جديدة ومستعصية في الشرق الأوسط، أو اغتيال شخصية أمريكية بارزة في أي مكان في العالم ردا على اغتيال سليماني، أو عرقلة لجهود محاربة تنظيم الدولة، أو إغلاق المسار الدبلوماسي مع إيران فيما يتعلق بالملف النووي، أو ردة فعل قوية ضد أمريكا في العراق، الذي صوت برلمانه يوم الأحد على طرد القوات الأمريكية".
وتبين الصحيفة أنه "بالنسبة لبومبيو، الذي تظل طموحاته السياسية مصدرا للتكهنات، فإن مقتل دبلوماسي أمريكي سيكون مدمرا له في ضوء انتقاده المستمر لهيلاري كلينتون، واتهامها بعدم اتخاذ الاحتياطات لمنع مقتل السفير الأمريكي في ليبيا عام 2012".
ويستدرك التقرير بأن أيا من هذه المحاذير وقفت في وجه بومبيو عندما مضى قدما باتجاه استهداف الجنرال الإيراني، ما يؤكد، كما يقول المسؤولون الأمريكيون، هوسه بإيران، الذي يمتد على مدى العشرة أعوام الماضية من عمله في الكونغرس، وإدارته للمخابرات الأمريكية، وتوليه منصب وزير الخارجية، مشيرا إلى أن بومبيو قال في تصريحات لشبكة "سي أن أن": "لقد قتلنا رجلا سيئا واتخذنا القرار الصحيح".
ويورد الكتّاب نقلا عن مسؤول أمريكي بارز، قوله إن بومبيو تحدث مع ترامب حول قتل سليماني قبل شهر، إلا أن الرئيس ومسؤولي البنتاغون كانوا غير مستعدين للقيام بعملية كهذه.
وتنوه الصحيفة إلى أن المسؤولين الدفاعيين حذروا ولأكثر من عام من التوتر مع إيران؛ بسبب حملة العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران، ما يتطلب وضع قوات كبيرة في الشرق الأوسط، في الوقت الذي كانت البنتاغون تريد إعادة نشر هذه القوات إلى شرق آسيا.
وبحسب التقرير، فإن ترامب كان راغبا في تقليل عدد القوات الأمريكية منذ دخوله البيت الأبيض، إلا أن هذه العقلية تغيرت في 27 كانون الأول/ ديسمبر عندما ضربت قاعدة أمريكية عراقية بـ30 صاروخا أدت إلى مقتل متعهد أمريكي وجرح آخرين، وفي 29 كانون الأول/ ديسمبر سافر بومبيو وإسبر وميلي للقاء ترامب في ناديه الخاص في فلوريدا، حيث قدم المسؤولان العسكريان له قائمة بالخيارات للرد على العدوان الإيراني، وبينها اغتيال سليماني، بحسب مسؤول مطلع، مشيرا إلى أن قرار ترامب اغتيال المسؤول العسكري كان بمثابة صدمة لبعض المسؤولين الذين اطلعوا على القرار، في ضوء محاولة البنتاغون عدم استخدام القوة، وتردد ترامب بعدم الانجرار إلى الحرب مع إيران.
وينقل الكتّاب عن مسؤول بارز في الإدارة، قوله: "قتل سليماني لم يكن ليحدث في ظل ماتيس"، في إشارة إلى وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس، الذي كان معارضا لهذا كله، وأضاف المسؤول: "ميلي وإسبر مختلفان، ولديك الآن فريق أمن قومي متماسك ووزير خارجية ودفاع يعرفان بعضهما منذ كانا شابين".
وتشير الصحيفة إلى أنه منذ مقتل سليماني أصبح بومبيو صوت الإدارة والمدافع عنها، فتحدث مع الحلفاء، وقدم مبررات العملية في مقابلات تلفازية، وقد اختار ترامب بومبيو للظهور في البرامج التلفازية الكبرى كلها يوم الأحد؛ لأنه "يلتزم بالنص ولا يحيد عنه ولو بوصة"، كما يقول مسؤول.
ويستدرك التقرير بأن النقاد داخل الإدارة وخارجها يتساءلون عن مبرر قتل سليماني، وقول بومبيو إن الغارة الجوية أنقذت حياة العشرات، إن لم يكن مئات الأمريكيين، في الوقت الذي قال فيه المشرعون إن الملفات السرية التي أرسلها البيت الأبيض إلى الكونغرس ليس فيها ما يشير إلى وجود تهديدات وشيكة، إما من إيران أو الجماعات الوكيلة عنها في العراق.
ويورد الكتّاب نقلا عن محللين دفاعيين، قولهم إن تبريرات بومبيو بهجوم وشيك ليست قوية، مفضلين في هذه الحالة لو برر اغتيال الجنرال بقتل المتعهد الأمريكي وبقية الاستفزازات الإيرانية الأخرى.
وتقول الصحيفة إنه بعد عملية الاغتيال حمل بومبيو هاتفه واتصل بنظرائه في العالم، وتلقى من بعضهم دعما باردا، خاصة من الأوروبيين الذين خشوا من تعرض مصالحهم للخطر في العراق، وإمكانية انهيار الاتفاقية النووية بشكل كامل، وقال مسؤولان عارفان بمكالمات بومبيو إنه توقع دعم الحلفاء الأوروبيين له مع أنه لم يستشرهم بالعملية.
وينقل التقرير عن دبلوماسي، قوله: "لم تساعد الولايات المتحدة على تهدئة الوضع في إيران، ويريدون من الجميع أن يصفقوا لهم"، وأضاف الدبلوماسي: "معارضتنا كانت من أجل الدفاع عن الاتفاقية النووية".
ويذكر الكتّاب أن طهران أعلنت في يوم الأحد عن تحللها من بنود الاتفاقية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، مشيرين إلى قول دبلوماسي: "لا أحد يثق بما سيفعله ترامب في المستقبل، ومن الصعب دعم هذا الأمر".
وتلفت الصحيفة إلى أن بومبيو رد منتقدا الفرنسيين والألمان والبريطانيين، قائلا إنهم بحاجة لأن يفهموا ما قامت به أمريكا وأنه لحماية مواطنيهم، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر عن دعم بلاده للاغتيال، وقال إن أمريكا تصرفت بقوة وحزم، وأضاف: "تقف إسرائيل مع الولايات المتحدة في معركتها للسلام والأمن والدفاع عن النفس".
ويفيد التقرير بأنه منذ إدارته لـ"سي آي إيه" أقام بومبيو علاقة وثيقة مع مدير الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، وتحدثا عن التهديد الذي تمثله إيران على كل من أمريكا وإسرائيل، وفي تشرين الأول/ أكتوبر قال كوهين إن سليماني يعرف جيدا أن "التخلص منه ليس مستحيلا".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن بومبيو حاول في كل مرحلة من مراحل عمله السياسي تبني موقف متشدد من إيران، فعندما ترأس "سي آي إيه" أنشأ مركزا مهمته إيران للتركيز على العمليات وتأكيد أهمية إيران بصفتها هدفا استخباراتيا مهما، وفي الخارجية لا يتوانى عن قراءة أي تقرير أو معلومة دبلوماسية عن إيران، التي يضعها في الأهمية فوق أي نقطة ساخنة في العالم.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)