هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت بيانات إسرائيلية، عن تزايد كبير في أعداد السائحين الإسرائيليين الذين زاروا مصر خلال عام 2019، وسط تساؤلات عن أسباب وتداعيات ذلك.
وأكد سياسيون واقتصاديون مصريون، أن الزيادة الكبيرة في أعداد السائحين الإسرائيليين لمصر خلال عام 2019، يأتي ضمن عدة إجراءات يقوم بها نظام الإنقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، لتوسيع مجالات التطبيع مع إسرائيل.
وكانت الخارجية الإسرائيلية أعلنت زيارة 700 ألف سائح إسرائيلي لمصر عام 2019. وأكد الحساب الرسمي للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة، أن الأرقام التي تم الكشف عنها، كانت من خلال إحصائيات لجهات رسمية، ورغم أنها لم توضح هل الجهات مصرية أم إسرائيلية، إلا أنها ذكرت تفاصيل عدد السائحين بالآتي: "طبقًا لإحصائيات الجهات الرسمية، فإن أكثر من 701 ألف و967 إسرائيليا زاروا مصر في عام 2019".
وكانت السياحة الإسرائيلية شهدت تراجعا كبيرا، بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، لتصل عام 2012، إلى (133,620) سائح، ثم ارتفع الرقم بعد الإنقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، ليصل إلى (140,425) سائح عام 2014، و(148,336) عام 2015، حسبما أفاد التقرير الإحصائي لوزارة السياحة المصرية.
وبعد حادث تفجير الطائرة الروسية بشرم الشيخ عام 2015، تراجعت الأعداد في الأشهر التسعة الأولي من عام 2016، بنسبة 42 بالمئة، مقارنة بنفس الفترة من عام 2015، ، إلا أنه مع نهاية العام، عاد الرقم للارتفاع مرة أخري ليصل إلى 100 ألف سائح، كما اشارت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري ، وفي عام 2017، قفز الرقم إلى 234 ألف سائح، وفي 2018 وصل العدد إلى 344 ألف، من إجمالي 11 مليون سائح زاروا مصر وفقا لإحصاء نشرته الهيئة العامة للاستعلامات.
زيادة 500 بالمئة
وفي تعليقه على هذه الزيادة الكبيرة بأعداد السائحين الإسرائيلين، يؤكد عضو البرلمان المصري السابق، عزب مصطفي، لـ "عربي21"، أن نظام السيسي يحاول بأشكال متعددة ربط المصالح المصرية بالمصالح الإسرائيلية، وخاصة في القطاع الاقتصادي، والذي تعد السياحة عاملا أساسيا فيه، باعتبارها أحد مصادر العملة الأجنبية.
وأوضح مصطفى، أنه طبقا للأرقام الرسمية المعلنة، فإن السياحة الإسرائيلية لمصر، زادت في عام 2019 أكثر من 500 بالمئة، عما كانت عليه عام 2012، وهو ما يأتي ضمن عدة إجراءات اتخذها السيسي، منها رفع الحظر الذي كان مفروض في السابق على عدد أعداد السائحين الإسرائيليين، والإجراءات الأمنية التي اتخذها في سيناء، وجعلها مستعمرة مغلقة لصالح السياحة الإسرائيلية.
وأشار البرلماني المصري، إلى أن السيسي قام أيضا بعدة إجراءات أخري تحفيزية، مثل إعادة ترميم المعابد اليهودية في القاهرة والاسكندرية، وترميم مقابر اليهود في البساتين، على أمل أن تقوم هذه الإجراءات بجذب أعداد أكبر من السائحين الإسرائيلين، وتوسيع الدوائر السياحية لمناطق أخري غير سيناء.
أقرأ أيضا: ما عوائد مليارات البنك المركزي لتنشيط السياحة في مصر؟
وحسب مصطفي، فإن هذه الأعداد لا تعكس ترحيب المصريين بالسائحين الإسرائيليين، أو أنها إنعكاس لتطور ملف التطبيع الشعبي، موضحا أن الأفواج السياحية الإسرائيلية، تسير في شوارع القاهرة والمحافظات في ظل حراسة أمنية مشددة، ولا يتم الكشف عن هويتها حتى لا تتعرض للأذى من عموم الشعب، كما أن النسبة الأكبر منهم تكون في سيناء، والتي أصبحت مغلقة عليهم وتخضع لحراسة ورقابة المخابرات العامة والحربية، والأمن الوطني.
دلالات الأرقام
وأكد خبير الاقتصاد المصري علاء السيد لـ"عربي21"، أن دخول 700 ألف سائح إسرائيلي لمصر خلال 2019، يمثل رقما كبيرا بالنسبة للرقم الإجمالي لعدد السائحين، وبالنسبة كذلك لعدد سكان إسرائيل، ومقارنتها بأعداد السائحين الآخرين القادمين من الدول الأوروبية، وتحديدا روسيا التي بلغ عدد سائحيها قبل أزمة الطائرة في 2015، أكثر من 3 ملايين سائح، وألمانيا التي تحتل المركز الثاني بعدد يتراوح بين المليون والمليون ونصف المليون سائح سنويا.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أنه وفقا للأرقام السابقة، فإن إسرائيل اقتربت أو تساوت مع السياحة الأوكرانية والسعودية، رغم أن المقارنة بين عدد سكان الدولتين لا يقارن لصالح إسرائيل، وهو ما يتطلب التوقف أمام القفزة الكبيرة التي شهدتها السياحة الإسرائيلية لمصر خلال 2019.
وأوضح السيد أن هناك أسباب اقتصادية وجغرافية، وأخري سياسية، تقف وراء هذا الرقم الكبير، منها أن معظم السياحة الإسرائيلية في شبه جزيرة سيناء، وخاصة شرم الشيخ ودهب وطابا، نظرا لقربها من فلسطين المحتلة، ولأن المنتجعات السياحية التي أنشأتها إسرائيل في هذه المدن، أثناء احتلال سيناء، وقبل الخروج النهائي من طابا، معظمها مازال مملوك لمستثمرين إسرائيليين، أو مصريين على علاقات قوية بالاسرائيليين.
وأضاف السيد قائلا:" سيناء يتم حمايتها مباشرة من القوات العسكرية الإسرائيلية، كما أن أكبر نسبة لقوات الجيش المصري خارج الثكنات متواجدة في سيناء لتأمين السياحة الإسرائيلية، وهو ما يبرر سياسة التهجير القسري التي نفذها السيسي ضد أهالي سيناء، تحت مبرر محاربة تنظيم ولاية سيناء.
وحسب السيد فإن تراجع سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، بعد قرار تحرير سعر الصرف في 2016، شجع الكثير من السائحين الإسرائيليين في التواجد بمصر، لأن الرحلة الواحدة بإقامة مميزة، شاملة الانتقالات والغطس والأكل، ربما لا تكلفهم أكثر من 500 دولار فقط.
ويرى الاقتصادي المصري، أن تزايد أعداد السياحة الإسرائيلية لا يعكس عودة النشاط السياحي لمصر مرة أخري، خاصة وأن الرقم الذي تتغنى به مصر وهو 10 ملايين سائح في 2018، و14 مليون سائح في 2010، لا يصل لنصف عدد السائحين الذي زاروا تركيا أو ماليزيا أو دول جنوب شرق أسيا في نفس السنوات.