هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت بيانات البنك المركزي المصري عن امتداد سداد أقساط الدين الخارجي المصري إلى نحو نصف قرن من الزمان إلى منتصف عام 2071.
وأشارت بيانات المركزي الصادرة، الأربعاء، حول رصيد الدين الخارجي لمصر بنهاية شهر حزيران/ يونيو 2019 إلى ارتفاع قيمة الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل، متضمنا الفوائد إلى 129.3 مليار دولار.
بخلاف الدين الخارجي قصير الأجل متضمنا الفوائد، الذي يستحق سداده خلال عام 2020/ 2021، البالغ نحو 11.18 مليار دولار.
ليصل إجمالي الدين الخارجي القصير والمتوسط وطويل الأجل بالفوائد 140.552 مليار دولار .
وتحتاج الحكومة المصرية إلى 51 عاما لسداد الديون والأقساط إذا توقفت عن الاقتراض من الغد، وهو أمر من المستحيل حدوثه في ظل نهمها للاقتراض، وفق خبراء ومحللين اقتصاد.
وتوسعت النظام المصري في الاقتراض من الخارج خلال السنوات الأخيرة، لإنجاز مشروعات ضخمة، يشكك خبراء في جدواها الاقتصادية.
مستنقع الديون
وارتفع صافي الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر بنهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019 بنسبة 0.14% بقيمة 65 مليون دولار، ليسجل 45.419 مليار دولار.
ودفعت زيادة القروض البنك المركزي إلى توقيع اتفاقيات لتجديد الودائع السعودية، وذلك على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي بواشنطن في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
وقامت مصر بسداد مدفوعات خدمة الدين الخارجي بقيمة 13.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2018-2019، موزعة بواقع 10.2 مليار دولار أقساط مسددة، و3.2 مليار دولار فوائد مدفوعة.
ارتفع رصيد الدين الخارجي المستحق على مصر إلى 108.7 مليار دولار بنهاية حزيران/ يونيو 2019 بزيادة 16.1 مليار بمعدل 17.3%، وفق البنك المركزي.
وتشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن قيمة الدين الخارجي ستصل إلى 111 مليار دولار خلال العام المالي 2021-2022.
اقتراض عشوائي
وقال الخبير المصرفي والاقتصادي بواشنطن، شريف عثمان، إن "امتداد فترة السداد يعني إلقاء المزيد من الأعباء على الأجيال القادمة، دون أي خطط واضحة لوقف أو تقليل الاقتراض العشوائي، ما يؤكد أن الحكومة المصرية عاجزة عن إيجاد خطة سوى تأجيل السداد، أو إعادة جدولتها، وكلها محاولات لتأجيل الأزمة لا حلها".
وأوضح لـ"عربي21" أن "المشكلة الأساسية في الاقتراض تكمن في عدم وجود خطة واضحة في كيفية توجيه هذه القروض، التي من المفترض أن توجه لمشروعات تدر عوائد بالعملة الأجنبية، بحيث يتم السداد في وقت لاحق، ولكن هذا لا يحدث".
ودلل على ذلك بالقول: "لا نر أي جديد فيما يتعلق بزيادة الصادرات أو إيرادات قناة السويس بعد القروض التي حصلت عليها الدولة، التي أدت لزيادة الديون لا زيادة العوائد، كما أن الحكومة تستغل القروض في سد عجز الموازنة بتحويلها لجنيه مصري، وذلك ربما أدى لتقوية الجنيه مقابل الدولار، ولكن سيكون أثره سلبيا على المدى البعيد".
وأكد الخبير المصرفي أن "الأزمة ستحدث عندما يتعين على الحكومة المصرية سداد القروض بالعملة الأجنبية، فيتحتم عليها توفير المال من جهة، وتوفير العملة الصعبة من جهة أخرى"، مشيرا إلى أن "برنامج صندوق النقد الدولي لم يهدف إلى تقليل الاقتراض، بل شجعها للحصول على المزيد، ودعمها في هذا التوجه؛ لأن مهمته هي إقراض الحكومات".
اقتراض بل خطة
بدوره، قال المستشار الاقتصادي للمجموعة الدولية وإدارة المراكز التجارية، أحمد خزيم، لـ"عربي21"، إن "سداد الدين سوف يستمر إلى ما لا نهاية، وبما أن اعلى سلطة في البلاد لا تعترف بدراسات الجدوى، فبالتالي لا توجد رؤية كاملة".
مشيرا إلى أن "المشروعات لا يُقدمْ لها دراسات جدوى وجدول زمني وتكلفة عوائد، ومعظم الإنشاءات تتم على مشروعات لا تدر أرباحا"، مشيرا إلى أنه "يجب التوقف أولا عن المشروعات التي لا تحقق عائدا ماديا".
لافتا إلى أن "الدستور نفسه ينص على أنه لا يمكن أن نحمل الأجيال القادمة أي ديون إلا إذا كانت محققة العائد، فعدم مناقشة القروض داخل البرلمان، وأوجه إنفاقها، والعائد منها، مخالف للقانون".
مؤكدا أن "الاقتراض بهذه الطريقة على المدى البعيد سيؤدي إلى الإفلاس، وستجد الدولة نفسها أمام خيار وحيد، هو فرض المزيد من الضرائب، ومن ثم ارتفاع نسبة الفقر".
واختتم خزيم حديثه بالقول إن "التذرع بأن كل دول العالم تقترض لا يأخذ في الحسبان أنه يجب عدم تجاوز الاقتراض 60% من الناتج المحلي الإجمالي، فالعجز في الموازنة يزيد، والاقتراض يزيد، وهذان أخطر مؤشرين لأي اقتصاد في العالم".