هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طلبت حكومة تصريف
الأعمال بالعراق بشكل رسمي من واشنطن تحديد آلية لانسحاب قواتها من العراق، متجاهلة تلويح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض
عقوبات عليها حال خروج قواته دون اتفاق ودي.
وبعدما قالت الحكومة العراقية إن رئيسها، عادل عبد المهدي، طلب من وزير
الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إرسال وفد لمناقشة آلية انسحاب آمن للقوات
الأمريكية من العراق، ردت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورغان
أورتاغوس بالقول: "سيكون أي وفد يتم إرساله إلى العراق مكرسا لمناقشة أفضل
طريقة لإعادة الالتزام بشراكتنا الإستراتيجية، وليس لمناقشة انسحاب القوات".
والأحد الماضي، صوت البرلمان العراقي، على قرار يطالب بموجبه الحكومة بإنهاء
الوجود العسكري الأجنبي في البلاد. وذلك على خلفية الاغتيال الأمريكي لقائد فيلق
القدس الإيراني، قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" العراقي، أبو
مهدي المهندس، في غارة جوية قرب مطار بغداد.
تهديد بالعقوبات
ورد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على قرار البرلمان العراقي بالتهديد بـ"فرض
عقوبات على بغداد"، وقال: "إذا غادرت قواته فسيتعين على بغداد أن تدفع
لواشنطن تكلفة القاعدة الأمريكية هناك، مؤكدا "لن نغادر إلا إذا دفعوا لنا
تكلفتها".
اقرأ أيضا: أمريكا: لن نناقش وجود قواتنا مع العراق.. وتبحث توسيع تحالفها
وفي تصريحات أخرى، اعتبر ترامب الانسحاب من العرق "أسوأ ما يمكن أن يحدث
للعراق"، ونوه إلى أن الانسحاب "سيعطي لإيران موطئ قدم أكبر بكثير
هناك".
وينتشر حاليا قرابة
خمسة آلاف جندي أمريكي في قواعد عسكرية منتشرة بأرجاء العراق، ضمن التحالف الدولي
لمحاربة "تنظيم الدولة". ويعود التواجد الأمريكي في العراق إبان غزوه عام 2003.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، الثلاثاء،
عن مسؤولين بارزين بالإدارة الأمريكية أنهم بدأوا بصياغة العقوبات التي هدد ترامب
بفرضها إذا ما مضى العراق في توجهه لطرد القوات الأمريكية.
ووصفت الصحيفة الخطوة بأنها "غير عادية تماما مع حليف أجنبي أمضت
الولايات المتحدة في دعمه ما يقرب من عقدين، وأنفقت مئات المليارات من الدولارات".
وأوضحت المصادر أن البيت الأبيض ووزارة
الخزانة سيكون لهما الدور الأبرز في حال فرض العقوبات، لكنها أكدت أن المناقشات
حول العقوبات لا تزال أولية.
وعبر الباحث الاقتصادي العراقي، عبد الله
الرشيد، عن مخاوفه من فرض عقوبات اقتصادية على العراق.
وقال في حديثه لـ"عربي21": "العقوبات ستضر بمصالح الشعب، وتؤدي
إلى كارثة كبرى وسيدخل البلاد تحت طائلة البند السابع وفرض وصاية على أموال العراق
الموجودة في البنوك العالمية".
يشار إلى أنه خلال تسعينيات القرن الماضي تم إصدار مجموعة قرارات من قبل مجلس الأمن الدولي بحق العراق بموجب وضعه تحت البند
السابع، وباعتبار أنه يُخل بالسلم والأمن، وجُعل العراق آنذاك تحت وصاية صندوق "تنمية
العراق" وبرنامج "النفط مقابل الغذاء".
وتمكن العراق في التاسع كانون الأول/ديسمبر 2017 من الخروج من البند السابع،
وأصبح بمقدوره استرجاع أمواله المجمدة خارج البلاد.
ثمن الانسحاب
من جانبه، أوضح الكاتب
العراقي، علي الصراف، بأن ترامب وعد بـ"فرض عقوبات أشد من العقوبات التي
تواجه إيران، إذا ما قررت الحكومة العراقية أن تدعو لانسحاب القوات
الأمريكية".
وأفاد في حديثه
لـ"عربي21" بأن "الولايات المتحدة من أجل أن تُنشئ لنفسها مركزا
بالعراق تكلفت تريليوني دولار، و50 ألف قتيل، وأكثر من ذلك من الجرحى"، مضيفا "غزو العراق
لم يكن مجانا، بل كان ذا كلفة باهظة"، وحكومة العراق لا تملك
دفع مقابل ذلك".
وحول العقوبات
التي يمكن لواشنطن فرضها، قال: "كل ما يمكن أن تتخيله من عقوبات أمر ممكن بما
في ذلك قطع إمدادات النفط أو سن قانون جديد يشبه قانون النفط مقابل الغذاء، ويترتب
على ذلك حرمان حكومة العراق من الموارد المالية التي تسير أعمالها، وهو أمر كبير وخطير
على العراق".
وتساءل "هل
تستطيع الحكومة العراقية أن تستغني عن موارد من النفط؟"، وتوقع "هذا
سيؤدي إلى أن تنهار الحكومة. لن تستطيع أن تصمد أكثر من شهرين، لأنها لن تجد
المال الكافي لتمويل عملياتها فضلا عن أن تحفظ وجودها كحكومة".
ويرى بأن "إجراءا
اقتصاديا واحدا سوف يكون كافيا لمنع صادرات النفط"، واعتبر ذلك "يخدم
الشعب العراقي الذي يُحاصر موانئ وحقول النفط، ويقول إن هذه الموارد تذهب في خدمة المليشيات والمصالح الإيرانية".
اقرأ أيضا: "هآرتس": لهذا لن تنسحب أمريكا من العراق على المدى القريب
ويوضح ذلك بالقول: "على الأقل هناك 20 مليار دولار من أموال النفط العراقي تذهب إلى إيران، لتمويل نشاطاتها في المنطقة".
وبتابع: "الوجود
الأمريكي في العراق جاء بموجب اتفاق بين الحكومة العراقية ومن خلفها إيران، وكان
نتيجة من نتائج غزو العراق في عام 2003"، لافتا إلى أن "وجود هذه القوات يشكل
أهمية استراتيجية ضخمة للولايات المتحدة، لأنه لا يُثّبت فقط نفوذها في العراق ولكن
في كل المنطقة".
ويضيف: "الطلب
من الولايات المتحدة أن تسحب قواتها من العراق يعادل من الناحية الاستراتيجية فرض
هزيمة بحجم هزيمة حرب عالمية، وهو في الواقع أكبر بكثير من قدرة الحكومة العراقية
وقدرة إيران على أن تمليه على الولايات المتحدة".
أسباب عدم القدرة
واعتبر الكاتب العراقي مطالبة الحكومة العراقية
بانسحاب القوات الأمريكية "قرار عاطفي يعبر عن ولائها لإيران لا أكثر".
وأضاف: "العراق
في وضعه الداخلي غير مستقر، فهو بلد خاضع لتأثير مليشيات وعصابات مسلحة، وحكومته أضعف
من أن تكون قادرة للدفاع عن نفسها، وهي بحاجة إلى قوة أجنبية كي تستقر، وهذه القوة إلى الآن هي قوة الولايات المتحدة وليست قوة إيران".
وتابع: "إيران
تحاول أن تنافس القوة العسكرية التي تمثلها الولايات المتحدة عن طريق نشر الميليشيات، لكنها أضعف من أن تشكل سندا حقيقيا لحكومة عراقية تبدو من وجهة نظر
الشارع العراقي غير شرعية".
اقرأ أيضا: ترامب: انسحابنا من العراق أسوأ ما يمكن أن يحدث
وأردف قائلا:
"الحكومة العراقية هي حكومة تصريف أعمال، ولا تستطيع أن تتخذ قرارا بهذا
الحجم، ولا تملك الصلاحيات الدستورية ولا السياسية التي تؤهلها للبحث في الموضوع،
والبرلمان العراقي لا يمثل إدارة الشعب العراقي بالنظر إلى الاحتجاجات المندلعة منذ ثلاثة
أشهر، والتي تطالب بإجراء انتخابات مبكرة على أساس قانون انتخاب جديد".
وعند سؤاله حول
إمكانية أن يشكل قرار الحكومة العراقيةرفعا للغطاء الشرعي عن وجود القوات
الأمريكية، وبالتالي دخولها في حالة اشتباك مع الجماعات المسلحة بالعراق والموالية
لإيران، أجاب "لو شاءت إيران أن تخوض حربا مع الولايات المتحدة من أجل أن
تُخرجها من العراق فيجب أن تكون مستعدة لخوض حرب مفتوحة وكبيرة، وليس لخوض حرب بالوكالة عن طريق
مليشيات".
وأشار إلى أن
ترامب أراد باغتياله سليماني أن يوصل رسالة تقول لهم "دعونا ممن يتحرش بنا،
لأننا سوف نضرب الرؤوس".