هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق ديفيد إغناطيوس، يقول فيه إن المتظاهرين في إيران يعكسون الغضب المستمر ضد الظلم.
ويقول إغناطيوس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "عندما قتل الجنرال قاسم سليماني قبل أسبوعين تقريبا، فإن وفاته كانت بمثابة إسدال الستارة على الثورة الإيرانية التي كان يرمز إليها".
ويشير الكاتب إلى أن "النظام الإيراني بعيدا عن الانتهاء، لكن من الآن وصاعدا فإنه سيواصل الحفاظ على السلطة من خلال البلطجية والأوتوقراطيين ممن ليست لديهم جاذبية سليماني".
ويقول إغناطيوس: "ربما هذا ما يحاول الشارع الإيراني إخبارنا به: خرجت الجماهير مودعة سليماني، وبعد أيام خرجت لشجب النظام الذي أسقط طائرة تحمل عشرات من الشباب الإيراني وكذب".
ويرى الكاتب أن "الحزن على مقتل سليماني والغضب ضد النظام ربما كانا وجهين لعملة واحدة، فقد كان سليماني يتمتع بصورة عامة، وهو رجل نشأ وسط عائلة متواضعة، وحاول أسياده تقديمه على أنه صورة مختلفة عن السلطات (الفاسدة) التي تسيء لإدارة إيران، وكان النظام يأمل في استخدام الحزن على وفاته لإعادة توليد الثورة، لكنه فشل بشكل واضح هذا الأسبوع".
ويلفت إغناطيوس إلى أنه "جاء بعد ذلك الرجل الغاضب الجنرال إسماعيل قآني، خليفة سليماني، الذي وصف في إيران بالخبير ومحارب الظل المتشدد الذي قاد عمليات في الخارج، وساعد في قمع المتظاهرين في الداخل، وهناك إبراهيم رئيسي، المرشح المحتمل للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، لكنه يفقد التميز في العالم الديني أو القيادة الروحية، فهو محام ووزير عدل ومدع عام سابق".
ويرى الكاتب أن "حركة الاحتجاج الحية في إيران وبقية الشرق الأوسط باتت واضحة، فهي ثورة تبدأ من القاع إلى القمة ضد النخب الفاسدة التي تحكم إيران والعراق ولبنان وبقية دول المنطقة، والحركة العراقية مدنية كما يطلق عليها الناشط السياسي نبراس كاظمي، وقد حاول المستبدون في كل مكان سحق هذه الحركة والتلاعب بها لكنها مستمرة".
وينوه إغناطيوس إلى أن الصحافي الإيراني الذي سجنه النظام مازيار بهاري، استشهد ببعض الشعارات التي أطلقها الطلاب هذا الأسبوع بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية، مثل "قتلتم عباقرتنا واستبدلتموهم بالملالي"، وقال بهاري إن المتظاهرين استخدموا عبارة "بي شاراف" لوصف خامنئي وغيره من المسؤولين، وهي عبارة تصف شخصا "دون ضمير أو أخلاق أو قيم".
ويفيد الكاتب بأن أشرطة الفيديو والتقارير الأخرى التي جمعها موقع "إيران واير"، الذي يحرره بهاري، تكشف عن صورة عن الغضب العام، ففي جامعة شريف في طهران هتف المتظاهرون يوم الاثنين قائلين: "لا نريد رؤساء جبناء"، وفي جامعة أصفهان التكنولوجية قالوا: "مدافع، دبابات، متفجرات لم تعد مفيدة: يجب على الملالي الرحيل"، أما في جامعة كردستان في ولاية سننداج فإن المتظاهرين تحدوا قائلين: "أصابنا الاشمئزاز من الجريمة فلماذا نخاف؟".
ويقول إغناطيوس: "يبدو أن المنظمات الإخبارية في إيران، التي كانت بوقا مفيدا للنظام، لم تعد تحتمل، فبعد إعلان الحكومة عن مسؤوليتها عن حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية نشرت صحيفة (بهار) على صفحتها الأولى عنوانا، يقول: (الكذب والتستر عليه لا يمكن غفرانه)، وتساءل كاتب التقرير قائلا: "ماذا يخفون أو ما الذي نجحوا في التستر عليه؟".
ويبين الكاتب أن "هذه الحركة تفتقد للقيادة، ولا هدف واضحا لها، لكنها تظهر صورة عن الغضب والاشمئزاز واستعدادا لمواجهة السلطات، وقد استقال عدد من الصحافيين الإيرانيين احتجاجا على الآلة الدعائية الحكومية، ونشرت وكالة الأنباء الإيرانية نقلا عن نقابة الصحافيين الإيرانيين، قولها: (ما يهدد المجتمع الآن ليس الصواريخ أو الهجمات العسكرية، لكن غياب حرية الصحافة)".
ويؤكد إغناطيوس أن "الحنين الشعبي للتغيير، والأساليب الوحشية التي تستخدمها الحكومات لقمع المتظاهرين، ظلا موضوعين سائدين في الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي، وفي بعض الأحيان ننسى العلاقة المستمرة، وهي أن الغضب الشعبي عادة ما يتخذ شكلا متنافرا، كما هو الحال مع تنظيم الدولة، لكن الموضوع الرئيسي هو الغضب المتواصل على الظلم وسرقات الحكام الديكتاتوريين، إلا أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تترنح يمينا وشمالا دون أن يكون لديها نهج واضح للمنطقة".
ويشير الكاتب إلى أن "ترامب يجسد حساسية الرأي العام في أمريكا للشرق الأوسط بعد الحروب الطويلة فيه، لكن مساعديه قاموا وبحكمة بمنعه من الانسحاب والتراجع في أفغانستان وسوريا والعراق ولبنان، والموقف المتشدد كان مفيدا في العراق، حيث أصدر البرلمان العراقي قرارا غير ملزم للحكومة دعا فيه لخروج القوات الأمريكية من العراق".
ويختم إغناطيوس مقاله بالقول إن "الولايات المتحدة تحاول احتواء الثورة الإيرانية منذ عام 1979، دون أن تظهر نتائج للمال والتلاعب الذي تقوم به، لكننا لو استمعنا الآن لرأينا بأن الآلة الإيرانية تلهث وتسعل بتعب، فإن هذه ثورة نفدت منها الطاقة الإيجابية، وباتت تعمل من خلال العنف والخوف والاضطهاد".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)