هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار رحيل قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، إثر غارة أمريكية في بغداد، تساؤلات بشأن خليفته العميد إسماعيل قاآني، وقدرته على ملء فراغ سلفه، الذي تمكن على مدار السنوات الماضية، من تشكيل أذرع مسلحة لإيران في المنطقة والتحرك بسهولة من طهران، وحتى بيروت مرورا ببغداد ودمشق.
ولا يعرف الكثير عن قاآني في منطقة الشرق الأوسط؛ لأن
نطاق عمله ضمن الحرس الثوري، وفيلق القدس، كان أفغانستان، لكنه كان الرجل الثاني
ضمن الفيلق، وهو ما يشير إلى إمكانية سد الفراغ الكبير، للحفاظ على ما دفعت طهران
لأجله الكثير، من أجل بسط نفوذها خارج الحدود.
ومن المعلومات المتوفرة عن قاآني، أنه ولد في مدينة مشهد
عام 1957، ويحمل رتبة عميد في الحرس الثوري.
وتدرج قاآني في العديد من الرتب العسكرية، وتسلم مهام
قيادية منها قيادة فرقة الإمام الرضا ما بين أعوام 1984-1988، وقائد فرقة النصر
عام 1988. كما شغل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة لاستخبارات الحرس الثوري ما
بين أعوام 2007-2008، وأخيرا قائدا لفيلق القدس خلفا لسليماني.
لكن المعهد الأمريكي
لأبحاث السياسة العامة، قدم صورة أكثر شمولا لقاآني، وتحركاته ونطاق اختصاصه ضمن
الحرس الثوري، الأمر الذي يعطي ملامح بقدرته على سد الفراغ الذي خلفه سليماني
برحيله.
اقرأ أيضا: زعماء مليشيا عراقية يظهرون مع خليفة سليماني (صور)
وقال المعهد إن القائد
الجديد لفيلق القدس، يختلف عن سليماني من ناحية الخطاب، فكلماته غير شخصية أو
بسيطة، وهي قليلة ولا تكشف الكثير عن طبيعته.
ولفت إلى أنه منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية، وجدت
مؤشرات على أن ساحة أفغانستان، أوكلت مهمتها لقاآني، وكان دوره مهما ضمن الحرس
الثوري بحيث لم يكن يجتمع مع سليماني بالمطلق، سوى مرة واحدة في احتفالية يوم
القدس العالمي، عام 2009 في كرمان مسقط رأس سليماني.
وأضاف المعهد: "هذا الأمر يعني أن قاآني يتولى الإدارة
اليومية لقوات الحرس الثوري، في حال غياب سليماني، أو حضوره الاحتفالات".
وشدد على أن قاآني كان
دائم الحضور في محافظة رضوي خراسان، التي ينحدر منها، لأنه فعليا مسؤول عن الفيلق
الرابع لقوات القدس، التي تعد واحدة من أربعة أقسام للحرس الثوري موزعة في
البلاد، هذا بالإضافة إلى أن رحلاته الخارجية، وثقت لأول مرة عام 1999، لدى زيارته
طاجيكستان، التي كانت ربما بغرض تسليح مقاتلين من طالبان، بحسب المعهد.
المحلل العسكري والباحث
بمركز راسام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العقيد حاتم الفلاحي، قال، إن غياب
شخصية مثل سليماني "بلا شك ستترك فراغا كبيرا، لا يمكن أن يملأه أي قيادي في
الحرس الثوري الإيراني".
وأوضح الفلاحي
لـ"عربي21" أن سليماني "كان مهندس السياسة التوسعية لإيران، ومفصلا مهما من مفاصل الدولة الحديثة، وإخراجه من المعادلة سيلحق خسائر كبيرة في نفوذ
طهران".
وأعرب عن اعتقاده أن شخصية قاآني، الذي حل
محل سليماني "لن يكون عليه إجماع في سوريا والعراق ولبنان، بخلاف سليماني
صاحب العلاقات الراسخة في المنطقة، الموالين لإيران".
وشدد الفلاحي على أن قاآني بحاجة إلى "وقت
كبير لبناء الثقة ونسج شبكة علاقات كبيرة، حتى يتمكن من الاستقرار في دوره
القيادي، ويحافظ على مسار الفيلق في المنطقة".
اقرأ أيضا: قاآني.. ولاء مطلق لخامنئي ورجل الظل بـ"فيلق القدس" (بورتريه)
ورأى أن الحشد الشعبي أصابته حالة من الفوضى
بعد اغتيال سليماني، "ما يعني أن إعادة نظم هذا العقد مسألة صعبة للقائد
الجديد للفيلق، بالتوازي مع التصريحات الأمريكية التي تشير إلى تغيير قواعد اللعبة
والاشتباك، وتنفيذ عمليات استباقية ضد المليشيات الموالية لإيران".
وأشار الفلاحي إلى
فيلق القدس، سيعمد خلال الفترة المقبلة إلى الكثير من الإجراءات والقرارات، من أجل
إعادة ترتيب أوراقه مع القائد الجديد لعملياته.
لكن في المقابل استبعد
المحلل السياسي الدكتور يحيى الكبيسي، أن يواجه قاآني، عراقيل في سد فراغ خلفه،
بقيادة فيلق القدس.
وقال الكبيسي
لـ"عربي21": "على الرغم من أهمية سليماني، إلا أن الأجهزة
الإيرانية، قادرة على إيجاد البديل المطلوب، حتى لو لم يمتلك الكاريزما المطلوبة،
لأن الدور الإيراني في المنطقة، غير مرتبط بعوامل خاصة بإيران، بل لأنه مطلوب من
دول في المنطقة".
وأضاف: "فشل
العراق في بناء الدولة الوطنية، ومعضلة سوريا وانهيار نظامها، فضلا عن الحرب في
اليمن، ووجود حزب الله، أنتج صراعات داخلية وبات هناك حاجة لدور إيراني من قبل بعض
الأطراف فتح لها الباب للتمدد".
اقرأ أيضا: أنباء عن إسناد قيادة "الحشد" للعامري.. وهذا شرطه للموافقة
وتابع: "الحوثيون
ليسوا بحاجة لسليماني ولا حتى قاآني بشخصهما، وكذلك العراق وسوريا، لكن هناك حاجة
لتدخل إيران".
وشدد على أن هناك
مسألة "جيوسياسية، قآاني ومن قبله سليماني، مضطرون للتعامل معها، ومن يقود
ليس الأشخاص بل سياسة الدولة الإيرانية".
وبشأن القوى التي أشرف سليماني على تشكيلها
طيلة السنوات الماضية، وستخضع لإمرة قاآني من بعده، قال الكبيسي: "القوى المرتبطة بإيران وفيلق القدس في اليمن
ولبنان الحوثيين وحزب الله، ليس لديهم بديل إلا البقاء مع إيران للحصول على دعمها،
حتى آخر نفس، لكن في سوريا المسألة مختلفة فالنظام استعان بإيران لمرحلة يبدو أنها
مؤقتة، وإذا ما أعيد قبوله دوليا سيتخلى عنها".
أما على صعيد العراق، فأشار إلى أن القوى تنقسم إلى قسمين، "الأول عقائدي يدين بالولاء لإيران مهما
كانت الظروف، والآخر مصلحي، يمكن أن يفض ارتباطه بها إذا توفرت معطيات أخرى له،
وكل حالة تدرس على حدة".