هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذي ناشونال إنترست" مقالا كتبه الزميل في مركز "ديفنس برايورتيز" دانيال آر ديبتريس، تحت عنوان "هذا الرجل هو أكبر مشكلة لترامب في الشرق الأوسط"، يقول فيه إن الولايات المتحدة تواجه مشكلة كبيرة في الشرق الأوسط اسمها محمد بن سلمان.
ويبدأ ديبتريس مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالإشارة إلى المديح الذي كاله المعلق المعروف في صحيفة "نيويورك تايمز" توماس فريدمان على الأمير الشاب، عندما قال إنه النسخة العربية لنيلسون مانديلا، لافتا إلى أن محمد بن سلمان عاد إلى عناوين الأخبار، و"كما هي العادة فإنها كلها سلبية".
ويشير الكاتب إلى "الأخبار التي نشرت الأسبوع الماضي عن اختراقه هاتف مالك شركة (أمازون) جيف بيزوس لابتزازه وإسكات النقد له على صفحات الصحيفة التي يملكها الملياردير المعروف، التي تبدو مثل رواية تجسس كتبها توم كلانسي، لكنها حقيقية".
وينقل ديبتريس عن المقررين الخاصين في الأمم المتحدة أغنيس كالامار وديفيد كاي، قولهما في بيان مشترك، أصدراه في يوم 22 كانون الثاني/ يناير: "تشير المعلومات التي تلقيناها إلى إمكانية تورط ولي العهد السعودي في عملية تجسس على بيزوس، في محاولة للتأثير على، إن لم تكن إسكات، التقارير التي تنشرها صحيفة (واشنطن بوست)"، وأضافا: "تعزز هذه الاتهامات التقارير الأخرى التي تكشف عن أشكال من الرقابة المستهدفة لمن يعتقد أنهم معارضون وذوو الأهمية الاستراتيجية الأوسع للسلطات السعودية، سواء كانوا من المواطنين أو غير المواطنين".
ويلفت الكاتب إلى أنه "كشف عن هذه الأشكال من التجسس في الأيام التي تبعت نشر أخبار اختراق هاتف بيزوس، فنشر موقع (ديلي بيست) أخبارا عن محاولة أخرى للملاحقة، وقابل سبنسر إكرمان سعوديا قال إن السعودية لاحقته وحاولت اختطافه، وسافر عميل أمني سعودي مع والد عبد الرحمن المطيري إلى الولايات المتحدة للضغط على الناشط المعروف في منصات التواصل الاجتماعي للعودة إلى السعودية، وأحبط مكتب التحقيقات الفيدرالي هذه الخطة، الذي أوقف الرجلين في مطار لوس أنجلوس وأعادهما من حيث جاءا".
ويفيد ديبتريس بأن السعودية نفت بشدة تورط محمد بن سلمان في قضية بيزوس، ولم ترد بعد على تقرير "ديلي بيست"، ووصفت سفارة السعودية في واشنطن التقارير عن تورط ولي العهد بالقرصنة، قائلة إنها "سخيفة"، مشيرا إلى أنها هي الكلمة ذاتها التي استخدمها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود.
ويعلق الكاتب قائلا إن "هؤلاء المسؤولين يمثلون الدولة ذاتها التي أكدت وطوال السنين الخمس الماضية أنها تجنبت في حملة القصف على اليمن استهداف المدنيين، رغم وجود الأدلة التي تناقض هذا الكلام، من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة الخبراء في المنظمة الأممية ذاتها، والأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة (هيومان رايتس ووتش) و(أمنستي إنترناشونال)".
ويؤكد ديبتريس أنه "هو البلد ذاته الذي حاول التستر على قتل الصحافي المشارك في صحيفة (واشنطن بوست) جمال خاشقجي في إسطنبول، وقال إنه خرج من القنصلية سالما كما دخلها، والحقيقة هي أنه قتل وقطعت جثته على يد فريق من القتلة الذي أرسلته السعودية خصيصا من الرياض، ومن أجل إسكات صوته الناقد لولي العهد، وقيمت (سي آي إيه) بعد عملية القتل أن هناك درجة متوسطة إلى عالية من الثقة بأن الأمر بقتله جاء من ولي العهد".
ويعلق الكاتب قائلا إن "ملاحقة المعارضين بالعنف، وإلقاءهم في السجن بناء على اتهامات واهية، والكذب بشأنها، أو محاولة التستر على الانتهاكات، ليس أمرا جديدا على الشرق الأوسط، فدول المنطقة كلها متورطة في شكل من أشكال القمع، فقد قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بحملة قمع داخلية قاسية وملاحقة لا تتهاون مع النقد، تجعل من الثلاثين عاما التي حكم فيها حسني مبارك فترة من الليبرالية الناشئة، مقارنة مع 60 ألف معتقل في السجون وما فعله السيسي للإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي".
ويذكر ديبتريس أن "تركيا، العضو في الناتو، تعد من أكبر الدول التي تسجن الصحافيين في العالم، فيما قام بشار الأسد، الذي لا يتسامح مع النقد، بقصف مدن بأكملها، بدلا من القبول بإصلاحات سياسية حقيقية تقود إلى إضعاف سلطته، وتعد إيران خبيرة في إخماد التظاهرات، وقتلت في العام الماضي مئات المتظاهرين الذين احتجوا على زيادة أسعار الوقود".
ويشير الكاتب إلى أن "قوات الأمن العراقية قتلت في الأشهر القليلة الماضية المئات من المتظاهرين الذين تحدوا النظام السياسي العقيم، واحتجوا على الظروف المعيشية الصعبة، وعلينا في هذه الحالة ألا نتوقع من السعودية التصرف بطريقة مختلفة عن الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة".
ويعلق ديبتريس قائلا: "هذه في الحقيقة هي النقطة الأساسية، السعودية ليست دولة استثنائية، وهي بالتأكيد ليست مثيرة للاهتمام، وهي في النهاية واحدة من حكومات مستبدة في بحر من الدول الديكتاتورية، وكان السعوديون حتى صعود محمد بن سلمان للسلطة عام 2015 وقبله أيضا عامل هدم للنظام الإقليمي، مثل إيران، التي تدخلت في العراق وسوريا وإيران واليمن، وأي دولة لدى طهران فيها مصلحة، وكانت هذه الدول الأربع ساحة تنافس للسعودية أيضا، فاليمن التي قصفت وأعيدت إلى العصر الحجري على يد الطيارين السعوديين، الذين لا يعرفون إطلاق النار بشكل مباشر على الهدف، أو يقصفون دون اعتبار للمدنيين، ولا يستطيع حتى أذكى دبلوماسي سعودي أو وزير بارع التلاعب في الحقيقة، ولا تقدر أي شركة علاقات عامة التبرير بأن قصف أفقر دولة عربية ونشر البؤس والفقر والمرض يخدم الاستقرار".
ويقول الكاتب إن "إدارة دونالد ترامب خاصة، والمسؤولين في واشنطن عامة، هم كمن يمشي على قشر البيض عندما يتعلق الأمر بالسعودية، ويتحفظ المسؤولون الأمريكيون عن نقد السعودية خشية بحث العائلة المالكة عن حليف جديد في الصين أو روسيا".
ويرى ديبتريس أن "هذا الكلام مبالغ فيه، خاصة أن فلاديمير بوتين وشي جين بينغ حليفان لا يعتمد عليهما ويتغيران بسرعة".
ولا يدعو الكاتب إلى قطع العلاقات، خاصة أن عملا كهذا سيترك آثاره السلبية، ولأن الولايات المتحدة تشترك مع السعودية في مكافحة الإرهاب ومجال الطاقة، و"سيكون أمرا منعشا لو فهم أحد في البيت الأبيض الدينامية الأساسية للعلاقات الأمريكية السعودية، فالرياض ليست شريكا بارزا في هذه العلاقة، والسعودية تحتاج الولايات المتحدة أكثر مما تحتاجها الأخيرة".
ويختم ديبتريس مقاله بالقول: "حتى يتم الاعتراف بهذه الفرضية في دوائر بيلت واي (الحكومة والسياسة في العاصمة) فإن هناك خطرا من سوء فهم حجم المصالح في الشرق الأوسط، ومن غير الحكمة أو غير الضروري بل التهور القفز والدفاع عن السعودية دائما".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)