انتخابات مبكرة وحكومة جديدة يقابلها
توجهات لتأجيل الانتخابات البرلمانية والإبقاء على الحكومة القائمة؛ ردود تقليدية
تغذيها تصريحات مسؤولين أردنيين حاليين وسابقين حول تداعيات صفقة القرن وسبل
مواجهتها كان آخرها تصريح عبد الرؤوف الروابدة رئيس الوزراء السابق حذر فيه من
حصار وعقوبات أمريكية بسبب موقف عمّان الرافض لصفقة القرن.
تحذيرات الروابدة تعد الأكثر درامية
والسيناريو الأكثر تطرفا للضغط على الأردن للقبول بصفقة القرن؛ سيناريو يدعو
الروابدة لمواجهة بالاستعداد داخليا من خلال تدعيم الجبهة الداخلية ؛ سيناريو معزز
بموقف رسمي عبر عنه مؤخرا رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز في محاضرته يوم أول امس
الثلاثاء4 فبراير شباط الحالي في كلية القيادة والأركان قال فيها "أن أية مشاريع
للحل لا تلبي للشعب الفلسطيني حقوقه هي حلول مرفوضه خاصة صفقة القرن التي تحدثت
عنها الإدارة الأمريكية" ؛ فغياب الجبهة العربية الموحدة و العمق العربي
المتأكل لن يعيق الأردن عن اتخاذ مواقف صلبة للتعاطي مع صفقة القرن.
تصريحات تتناغم إلى حد كبير مع تصريح مدير
جهاز الأمن العام السابق اللواء حسين المجالي في مقابلة نشرتها صحيفة الغد الأردنية
يوم امس الأربعاء 5 شباط/ فبراير الحالي؛ ألمح فيها إلى ضرورة الاستعداد للمرحلة
المقبلة سواء بتشكيل حكومة جديدة أو بانتخابات مبكرة داعيا في ذات الوقت إلى ضرورة
إعادة النظر في قانون الانتخاب باعتباره عنصر مهم لإعادة إنتاج برلمان اقدر على
الاستجابة للتحديات.
سيناريو يمثل دعوة لاستكمال الاستعدادات
الداخلية لمواجهة صفقة القرن اعتمادا على القدرات الذاتية بشكل يتيح له إعادة
التموضع باستثمار موارده السياسية والجيوسياسية كركيزة أساسية في استقرارا المنطقة
وفي صياغة الاستراتيجية الأمريكية والأوروبية؛ فهل تنجح الجهود الأردنية
والمناورات الداخلية في إيصال الرسائل المناسبة للقوى الدولية وعلى راسها الاتحاد الأوروبي
وأمريكا مستبقا الضغوط الأمريكية والعربية أيضا ؛ أم أنها مجرد تكتيكات مستهلكة ؟.
المخاوف الأردنية الكبيرة من التحولات
الكبرى في مواقف الدول العربية الكبرى ومن الضغوط الأمريكية المتوقعة حقيقية
وتقترب من تقديرات العديد من القوى الأوربية بل والمؤسسات السيادية الأمريكية؛
تحديات يواجهها الأردن بالاعتماد على ساحته الداخلية وقدرته على توظيف مكانته في
سواء الاستراتيجية الأوروبية أو الأمريكية (داخل المؤسسات الأمريكية سواء السيادية
أو التشريعية ).
مكانة يعمل على توظيفها لتثبيط ضغوط الإدارة الأمريكية
وبعض القوى الإقليمية العربية استنادا لدوره في بناء وتشكيل الاستراتيجية الأمريكية
في المنطقة ؛ استراتيجية تتجاوز الملف الفلسطيني لتمتد إلى سوريا والعراق وايران
وتركيا خصوصا بعد ارتفاع حدة التوتر في الخليج العربي و تفاقم حالة عدم الاستقرار
في العراق.
موقف امكن ملاحظته برفض الاتحاد الأوروبي
لصفقة القرن وتمسكه بقرار الشرعية الدولية ؛ فالدول الأوروبية تبدي اهتماما واضحا
بمكانة الأردن واستقراره ؛ مسالة عكسها الدعم الأوروبي السخي للمملكة كان ابرزه
تقديم المانيا ما يقارب الـ 750 مليون يورو كمساعدات ؛ وجبة مساعدات تعد الأكبر في
تاريخ العلاقة الأردنية الألمانية.
دعم أوروبي كبير يؤكد على أن الأردن لا يعول
كثيرا على العمق العربي بمقدار ما يعول على مكانته كعنصر استقرار وديمومة في
الاستراتيجية الدولية سواء للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
ختاما ،الوصفات السياسية والاقتصادية
في الأردن لمواجهة إدارة الرئيس الأمريكي ترمب تقليدية؛ والسيناريوهات المتطرفة
بتعرض الأردن لعقوبات وحصار أمريكي تبدو مبالغا فيها في هذه المرحلة؛ فالإدارة الأمريكية
منشغلة بأزمتها الداخلية مع اقتراب انطلاق موعد الانتخابات الرئاسية والإسرائيلية؛
انشغالات تعطي الأردن وقتا إضافيا لمزيد من المناورة والاستعداد لمواجهة ضغوط الإدارة
الأمريكية بأدوات وآليات تقليدية لا يعلم إن كانت ستتجول من مناورات إلى إجراءات
استراتيجية جادة.