هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وضعت خطة السلام الأمريكية المعروفة بـ"صفقة القرن"، العلاقات الأمريكية الأردنية في حالة اختبار حقيقي، خاصة بعد إعلان الأخيرة رفضها للخطة.
ولاقت صفقة السلام المزعومة التي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي خطوطها العريضة، رفضا أردنيا رسميا وشعبيا.
إلا أن المملكة لا تملك حاليا أن تخطو لمسافة أكبر من ذلك في رفض الصفقة؛ لأن الولايات المتحدة تعد الداعم الرئيسي لها، ووقف هذا الدعم سيضع الأردن أمام أزمة اقتصادية لن يقوى على تحملها، في ظل ظروف صعبة تشهدها البلاد.
وتتضمن خطة الولايات المتحدة، التي لاقت رفضا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، إقامة دولة فلسطينية في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها "في أجزاء من القدس الشرقية"، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة لإسرائيل.
لن تتأثر العلاقات
محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق، قال في حديثه للأناضول، إن "الأردن لم ولن يساوم في يوم من الأيام على موقفه من القضية الفلسطينية".
وأضاف المومني: "لا شك في أن الولايات المتحدة تعتبر المملكة حليفا مهما لها، كما تعد واشنطن الداعم الرئيسي لعمان، لكن ذلك لن يؤثر على مواقفنا تجاه قضايانا العربية والإسلامية، التي لا تقبل التفاوض بأي حال من الأحوال".
واستدرك: "إعلان ترامب خطة أمريكية لا تمثل رأي المجتمع الدولي، الذي يجمع على أن حل الصراع لن يتحقق إلا في إطار حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
وأردف: "لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستغير نظرتها وموقفها تجاه الأردن؛ لأنها تدرك تماما أن مواقفنا نابعة من حرص المملكة على تحقيق السلام، وإنهاء أي أزمة ستؤثر على استقرار الإقليم في المستقبل".
ورأى أن على الرئيس الأمريكي وإدارته أن يقدروا مخاوف الأردن من الصفقة المعلنة، فضلاً عن معرفتهم بالمهمة التي يقودها الملك الأردني عبد الله الثاني، بوصاية الإجماع على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
واعتبر المومني أن الولايات المتحدة لن تضحي بعلاقتها مع الأردن التي تعتبر بوابة الأمن والسلام بالمنطقة.
جمود محدود
رائد الخزاعلة، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، قال للأناضول، إن "هناك علاقة تاريخية بين المملكة والولايات المتحدة، وقرارات ترامب غير مقبولة لا عالميا ولا حتى أمريكيا".
ومضى الخزاعلة قائلا: "حتى لو كان هناك تأثر في العلاقات بين البلدين، فسيكون من خلال جمود مع بعض الأشخاص المسؤولين عن الصفقة (لم يحددهم)".
وزاد: "هم (الأمريكان) يدركون مستوى أهمية وتأثير الملك عبد الله، وبأن المملكة دائما تعطي صوت العقل والخريطة التي تساهم بالسلم العالمي، ولن تخسر الولايات المتحدة هذا الحليف".
واعتبر البرلماني الأردني أنه لا يوجد لبلاده بدائل بحجم الولايات المتحدة، مؤكدا أنه لن يكون هناك قطيعة في العلاقات بين البلدين ولكن في ذات الوقت لن يكون هناك موافقة أردنية على الصفقة لأنها تؤثر على الأردن والمنطقة.
تحدّ جديد
الأستاذ الجامعي في العلوم السياسية، بدر الماضي، رأى في حديثه لمراسل الأناضول، أن "صفقة القرن" تعتبر بمثابة تحد جديد للعلاقات الأمريكية الأردنية.
وقال الماضي، إن "التحدي الأساسي لهذه الخطة وتأثيراتها على الأردن يمكن قراءته من خلال مجموعة من القضايا الأساسية والتي كانت تشكل هاجساً كبيراً للسياسة الداخلية الأردنية وهي قضايا اللاجئين والقدس والحدود".
وأضاف: "الأردن لا يملك خيارات الرفض أو مواجهة هذه الخطة إذا ما قررت إسرائيل والولايات المتحدة المضي قدماً في تنفيذها لأسباب استراتيجية تتعلق بطبيعة علاقة الأردن مع هاتين الدولتين".
واستطرد: "أصبحت هذه العلاقة من الثوابت في استقرار النظام السياسي الأردني، فالمملكة لا تستطيع إلا التماهي مع هذه الخطة، ولكن بشكل يختلف عما تعتقده الغالبية العظمى التي تراهن على قدرة المواجهة".
واعتبر المحلل السياسي الأردني، أن "عمان تتلقى مساعدات اقتصادية وأمنية وسياسية من الولايات المتحدة منذ زمن طويل، وهذه المساعدات تحقق نوعا من الاستقرار المطلوب للدولة".
وتساءل: "في هذه الحالة كيف ستواجه الأردن الخطط الأمريكية في المنطقة؟".
من ناحية أخرى، اعتبر الماضي أن اتفاقية الغاز بين الأردن وإسرائيل عام 2016، "تدلل على التناغم الإسرائيلي الأردني، وعلى فرض تل أبيب أجندتها بالمنطقة".
واستبعد أن تتأثر العلاقات الأردنية الأمريكية لأسباب عديدة منها أن عمان حليف رئيسي لواشنطن "ولا تملك أن ترفض التوجهات التي تفضي لخدمة إسرائيل".
وشدد الماضي على أنه "لا توجد لدى الأردن الإمكانات لتشكيل خط دفاع أساسي للدولة في مواجهة التعنت الإسرائيلي والأمريكي".