هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتبة المتخصصة في الشؤون الصحية جين برودي، تقول فيه إن التغير المناخي ليس الأمر الوحيد الذي يبعث على التوقعات المخيفة من الناحيتين الصحية والاقتصادية، لكن يتوقع أن يكون هناك ارتفاع في نسبة السمنة المفرطة بين البالغين الأمريكيين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن فريقا علميا طبيا رفيع المستوى يتوقع بأنه مع حلول عام 2030 سيكون واحدا من كل شخصين بالغين مفرطا في السمنة، فيما يكون حوالي واحد من كل أربعة أشخاص مفرطا في السمنة إلى حد خطير.
وتقول برودي إنه يعتقد بأن هذه التقديرات دقيقة، مشيرة إلى أن الفريق قام بتعديل الإحصاءات الحالية التي تم الحصول عليها من الأشخاص، من خلال استطلاعات على مستوى البلد، ففي حوالي 29 ولاية ستتجاوز السمنة المفرطة الخمسين بالمئة، فيما لا توجد أي ولاية تقل فيها النسبة عن 35%.
وتذكر الصحيفة أن الفريق توقع انه في 25 ولاية من الولايات الأمريكية سيكون هناك أكثر من شخص من كل أربعة أشخاص يعاني من السمنة المفرطة الخطيرة، لافتة إلى أن هذا النوع من السمنة سيزيد بين النساء، والبالغين من السود من غير العرق الإسباني والبالغين محدودي الدخل على المستوى القومي.
ويجد التقرير أنه بالنظر إلى الدور الذي تؤديه السمنة في الإصابة بأمراض مزمنة تتسبب بالإعاقة أو الوفاة، فإن هذه التوقعات خطيرة بالفعل، مشيرا إلى أنه مع ذلك فإن السلطات المسؤولة، كما هو الحال في مواجهة التغير المناخي، لا تفعل شيئا لمواجهة السمنة المفرطة، بحسب ما يقوله المتخصصون في موضوع السمنة.
وتلفت الكاتبة إلى أن العلماء يشيرون إلى أن الجهود التي تبذل بنوايا حسنة للتقليل من استهلاك المشروبات الغازية المحلاة بالسكر، تحبطها شركات المشروبات الغازية الكبيرة بميزانياتها الضخمة للدعاية مقارنة مع الميزانية التي تستخدمها دوائر الصحة لتثقيف الشعب، مشيرة إلى أنه عدا استثناءات قليلة، فإن معظم شركات المشروبات المحلاة والسكاكر عارضت محاولات فرض ضريبة خاصة بالسكر.
وتنقل الصحيفة عن المتخصص في الصحة العامة في جامعة هارفارد زاخاري وارد، المؤلف الرئيسي للتقرير الذي تم نشره في دورية "ذي نيو إنجلاند جورنال أوف مديسين"، في كانون الأول/ ديسمبر، قوله بأن الادعاءات بان هذه الضريبة رجعية وتستهدف ظلما ذوي الدخل المحدود، تعاني من قصر في النظر، وقال في مقابلة: "ما سيوفره الناس من تكلفة في الرعاية الصحية تتضاءل أمامه الأموال الإضافية التي ستدفع ضريبة على المشروبات المحلاة بالسكر".
ويجد التقرير أنه مع ذلك، وفي مدينة مثل فيلادلفيا، حيث تم فرض 1.5 سنت على كل أونصة سكر منذ ثلاث سنوات، فإن مجموع المشتريات تراجع بنسبة 38% حتى بعد حساب المشروبات التي تم شراؤها خارج المدينة، بحسب ما قالته المؤلفة المشاركة للتقرير، سارة بليش.
وتنوه برودي إلى أن بليش أضافت بسرعة أن التغير التدريجي مثل هذا لا يكفي لإحداث تغيير مهم في التنبؤات بشأن السمنة المفرطة، إلا أنه يجب أن يكون هناك تحول على مستوى البلد من ناحية العادات الغذائية واسعة الانتشار، التي تتسبب بالصعود المستمر نحو كارثة صحية، مشيرة إلى أن التقرير الجديد أثبت بوضوح، أن الأمريكيين لم يكونوا دائما بهذه السمنة، لكن منذ 1990 تضاعف انتشار السمنة المفرطة على مستوى البلد.
وتورد الصحيفة نقلا عن وارد، قوله إن من يحاولون وضع اللوم على الجينات فإنهم لا يخدعون إلا أنفسهم، فالجينات لم تتغير على مدى الثلاثين سنة الماضية، لكن ما تغير هو البيئة التي تعمل فيها هذه الجينات.
وينقل التقرير عن الدكتورة بليش، وهي أستاذة الصحة العامة في جامعة هارفارد، قولها: "الطعام رخيص في أمريكا ومن السهل الحصول عليه"، وأضافت أن الناس يأكلون خارج البيت بشكل أكبر، ويستهلكون المزيد من الأغذية الغنية بالدهون والسكر والملح، فيما زاد حجم الحصة التي يتناولونها.
وتورد الكاتبة نقلا عن وارد، قوله إنه "ليس عليك حتى مغادرة البيت لتناول طعام تم إعداده في مطعم، وما عليك إلا الاتصال بالهاتف ليتم توصيل الطعام إليك، وإن كان لديك هاتف ذكي، فإن (أوبر إيتس) ستجلب الطعام لباب بيتك خلال دقائق".
وتقول برودي: "في المجتمع أيضا نتناول الوجبات الخفيفة أكثر، وهي عادة تبدأ بمجرد أن يتعلم الأطفال كيف يأكلون بأنفسهم، وحتى كلبي يعرف أن عربات الأطفال مصدر جيد لتلك الوجبات".
وتنقل الصحيفة عن وارد، قوله: "الناس يتسلون بالأكل طيلة اليوم.. التسلية بالطعام هي الشيء الطبيعي في أمريكا، بينما في فرنسا لا يمكنك أن ترى أي شخص يأكل في حافلة".
وتقول الكاتبة: "إننا نأكل المزيد من الأطعمة المصنعة أيضا، التي ثبت أنها تساعد على زيادة الوزن بسبب احتوائها على مستويات عالية من السعرات الحرارية، من سكر ودهون، وتظهر دراسة حديثة بأنه حتى عندما نتحكم في الوزن فإن استهلاك الأغذية المصنعة يزيد من احتمال الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني".
ويورد التقرير نقلا عن الدكتورة بليش، قولها: "لا يحتاج الأمر إلى الكثير من السعرات ليزداد الوزن.. ومن خلال التسويق، يتم بيعنا الكثير من الأطعمة التي لم نكن حتى نعرف أننا بحاجة إليها، كل ما يهمنا هو الاستمتاع الآني ولا نفكر في المستقبل، ولذلك سنرى أن أكثر من نصف المجتمع أصيب بالسمنة المفرطة خلال 10 سنوات".
وتنقل برودي عن وارد، قوله إنه إن لم يتم فعل شيء ليعكس هذا التوجه فإن "السمنة المفرطة ستكون هي الأمر الطبيعي الجديد في البلد، فنحن نعيش في بيئة تشجع على السمنة".
وتورد الصحيفة نقلا عن الدكتورة بليش، قولها: "في الوقت الذي ليس فيه هناك حل واحد للمشكلة.. لو كان هناك عصا سحرية يمكنني استخدامها لجعلت الضريبة على المشروبات المحلاة قانونا فيدراليا؛ لأنها مصدر كبير للسكر المضاف، ولها علاقة قوية بالسمنة والمشكلات الصحية، فعندما يشرب الناس السعرات الحرارية لا يشعرون بها كما يشعرون عندما يأكلون طعاما صلبا، لذلك ينتهي بهم الأمر إلى أكل المزيد".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "هذا قد يكون صحيحا بالنسبة للمشروبات الخالية من السعرات الحرارية، ومع أنه لم يبت في الأمر بعد، فقد يكون الرابط بين المشروبات واستهلاك المزيد من السعرات صحيح أيضا للمشروبات المحلاة ببدائل عن السكر لا تحتوي على سعرات أو تحتوي على سعرات قليلة".
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي يتم فيه تناول ثلث الوجبات خارج البيت، فإن الدكتورة بليش ترى بأنه يجب حث المطاعم على القيام بتخفيف كميات السكر والدهون والسعرات في وجباتها، ما قد يساعد على إبطاء السمنة في المجتمع، "فيمكن لقوائم الوجبات أن تجعل من الوجبات الصحية ذات السعرات الأقل هي الخيار العادي".
وتلفت الصحيفة إلى أن التحكم في حجم الحصة الغذائية يعد خطوة أخرى مهمة، فتقول الدكتورة بليش إن "الحصص الأكبر تهم بالذات ذوي الدخل المحدود الذين يحاولون الحصول على المزيد من السعرات مقابل نقودهم"، مشيرة إلى أن الإحصاءات تظهر أن أعلى نسب السمنة المفرطة توجد بين المجموعات محدودة الدخل.
وتذكر برودي أن الدكتورة بليش تشير إلى أن هناك نهجا آخر يتعلق بالسياسة يمكن أن يؤثر على السمنة المتزايدة، قد تكون الشراكة مع دعاة السيطرة على التغيرات المناخية، وتقول: "لو سحبنا المزيد من اللحوم من الغذاء الأمريكي فإن ذلك سيساعد البيئة والتخفيف من الوزن".
وينقل التقرير عن وارد، قوله: "من وجهة نظر سياسية.. فإن الوقاية هي الطريق الذي يجب سلوكه، فالأطفال لا يولدون وهم يعانون من السمنة، لكننا بدأنا نرى زيادة في الوزن من سن الثانية، ويجب أن تتغير بيئة الطعام على المستويات كلها -المحلية وعلى مستوى الولاية والفيدرالية- فمن الصعب على الأشخاص تغيير تصرفاتهم طواعية".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول وارد إن الطرود الغذائية الصحية المقدمة للنساء والمواليد والأطفال ذوي الدخل المتدني منذ العام 2009 ساعدت على إيقاف مشكلة السمنة المفرطة لدى الأطفال قبل سن المدرسة، فيما هناك دراسات لتقدير أثر وجبات المدرسة الأكثر صحية.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)