هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في هذه اللحظة، ما زال الترشيح الرئاسي «الديمقراطي» موضوع تنافس محتدم ومفتوح على كل الاحتمالات. إذ ما زال من غير الواضح من سيظفر بالترشيح، ومن غير الواضح ما إن كان الفائز بالترشيح سيكون من وسط الحزب مثل جو بايدن أو إيمي كلوبوتشر، أو ممثلا للجناح اليساري للحزب مثل بيرني ساندرز أو إيلزابيث وارن. ولكن كائنا من كان الفائز، سيكون ثمة كثير من النحيب والغضب على الجانب الآخر.
ولهذا أريد أن أقدّم رأيا ربما سيغضب الجميع:
ففي ما يتعلق بالسياسات الفعلية، ربما لا يهم كثيرا من هو الشخص الذي سيرشحه
«الديمقراطيون» – طالما فاز، وطالما فاز معه «الديمقراطيون» بمجلس الشيوخ أيضا.
فإذا كنت وسطيا قلقا بشأن الزيادات الضخمة في
الإنفاق التي اقترحها ساندرز، فعليك أن تهدأ، لأن تلك الزيادات لن تحدث. وإذا كنت
تقدميا قلقا من أن بايدن سيحكم مثل «جمهوري»، فعليك أن تهدأ لأنه لن يفعل.
فعمليا، سيشرف أي «ديمقراطي»، على الأرجح، على
زيادة مهمة في الضرائب على الأغنياء وعلى توسيع مهم ولكن ليس ضخما لشبكة السلامة
الاجتماعية. ففي حال انتصار «ديمقراطي»، فإنه من شبه المؤكد أنه سيتم اعتماد نسخة
محسّنة كثيرا من «أوباماكير»، أما بالنسبة لـ«ميديكير للجميع»، فذاك شيء مختلف.
وفي حال انتصار «ديمقراطي»، فإنه ستتم حماية وتوسيع «الضمان الاجتماعي»
و«ميديكير». ولكن خفض الضرائب من النوع الذي قدّمه بول ريان لن يكون على الطاولة.
والواقع أنه ما زال من غير الواضح من سيتصدر
نتائج الانتخابات التمهيدية «الديمقراطية»، غير أنه يمكن التفكير منذ الآن في ما
سيحدث في حال أصبح أي من المتسابقين الأوفر حظا حاليا، بيرني ساندرز أو جو بايدن،
رئيسا للبلاد – وكانت لديه أيضا جاذبية وتأثير انتخابيان قويان بما يكفي لإنتاج
مجلس شيوخ ديمقراطي، لأنه في ما عدا ذلك لن يحدث شيء.
ساندرز لديه أجندة طموحة للغاية، و«ميديكير
للجميع» ليس سوى جزء منها. تمويل تلك الأجندة سيكون صعبا. وبالتالي، فإن تحويل
رؤية ساندرز إلى واقع سيتطلب زيادات كبيرة في الضرائب، ليس على الأغنياء فقط،
وإنما على الطبقة الوسطى أيضا، وبدون تلك الزيادات في الضرائب، سيتسبب الأمر في
التضخم.
لكن ما من داع للقلق: فذلك لن يحدث. ذلك أنه
حتى إذا نجح في الوصول إلى البيت الأبيض، فإنه سيتعين على ساندرز التعاطي مع
كونجرس (وجمهور) أقل راديكالية منه وسيكون مرغما على اختيار أجندة تقدمية أكثر
تواضعا.
ماذا عن بايدن؟ لقد زعمت حملة «ساندرز» أن
«بايدن» دعم خطط «ريان» بخصوص تقليص حاد في «الضمان الاجتماعي» و«ميديكير»، ولكن
هذا الادعاء غير صحيح. والصحيح هو أن «بايدن» كان في الماضي «شخصية جادة جدا»
يساير إجماع واشنطن من أننا في حاجة إلى «تعديلات» – وهو مصطلح مهذب لتقليص متواضع
على الأقل – في «الضمان الاجتماعي». (والواقع أننا إن عدنا إلى الوراء قليلا،
سيتضح أن ساندرز قال أشياء مماثلة).
ولكن الحزب «الديمقراطي» بشكل عام مال «يسارا»
بخصوص هذه المواضيع، و«بايدن» مال معها. وحتى في حال كانت لديه رغبة باقية في عقد
«صفقة كبرى» مع «الجمهوريين» – وهو أمر أستبعده – فإنه سيواجه رد فعلا قويا جدا من
داخل حزبه لدرجة أنه سيضطر للتراجع.
وبالتالي، فمن حيث السياسات، إليكم ما أعتقد
أنه سيحدث إذا فاز «ساندرز»: سيكون لدينا توسيع مهم، ولكن ليس ضخما لشبكة السلامة
الاجتماعية، والذي سيتم تمويله بوساطة ضرائب جديدة مهمة على الأغنياء.
وبالمقابل، إذا فاز «بايدن»، سيكون لدينا
توسيع مهم، ولكن ليس ضخما لشبكة السلامة الاجتماعية، والذي سيتم تمويله بوساطة
ضرائب جديدة مهمة على الأغنياء.
أحد تداعيات ذلك، إن كنتُ على حق، هو أن
«القدرة على الانتخاب» أو «قابلية الانتخاب» يفترض أن تلعب دورا مهما جدا في
تفضيلاتك الحالية. فمن المهم جدا إن كان «ديمقراطي» سيفوز، ولا يهم كثيرا أي
«ديمقراطي» سيفوز.
ولكن فكرتي الرئيسة هي أنه ينبغي على
«الديمقراطيين» أن يوحدوا صفوفهم، بحماس، خلف الشخص الذي سيحظى بالترشيح، أيا يكن.
إذ يجدر بأي معتدل لا يعجبه بيرني ساندرز أن يدرك أنه حتى إذا كان يرى أن «ساندرز»
راديكالي أكثر مما ينبغي، فإن سياساته الفعلية ستكون أكثر اعتدالا بكثير. كما يجدر
بأي مناصر لساندرز يرفع شعار «بيرني أو لا شيء» أن يدرك أنه حتى «الديمقراطيون
الوسطيون» تقدميون جدا هذه الأيام، وأن ثمة هوة ضخمة بينهم وبين حزب ترامب
«الجمهوري».
(الاتحاد)