هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للصحافي الرياضي جوناثون ليو، يقول فيه إنه في عام 2011 وصلت رسالة لأمير أبو ظبي ورئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد، وكانت الرسالة من مجموعة من المفكرين الإماراتيين، الذين ألهمتهم موجة المظاهرات المنادية بالديمقراطية، التي اجتاحت بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مطالبين بمجموعة من الإصلاحات البسيطة، بما في ذلك توسيع نطاق حق التصويت ليشمل أكثر من مجرد 2% من سكان الإمارات.
ويقول ليو في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "لم تكن هناك مظاهرات في الشوارع ولا فوضى شعبية، بالتأكيد لم تكن هناك أي فوضى من أي نوع، بل مجرد رسالة، لكن لخوف النظام إلى درجة الجنون من شبح الإسلام السياسي، كان الانتقام سريعا وبلا رحمة".
ويشير الكاتب إلى أنه "خلال أسابيع كانت هناك اعتقالات لمعظم الموقعين على الرسالة، والبالغ عددهم 160 شخصا، وتم تصنيفهم بأنهم (إرهابيون) يخططون للإطاحة بالنظام، وتم سحب الجنسيات من البعض، وصدرت أحكام بالسجن لفترات طويلة، وفي عام 2014 سنت الإمارات قانون الإرهاب رقم 7، حيث تمت إعادة تصنيف المعارضة السلمية على أنها فعل إرهابي يحمل عقوبة الإعدام، وتجريم عدد من الأفعال التي تم تعريفها بضبابية مثل (استعداء الدولة) و(نشر الفزع بين مجموعة من الناس) و(حمل المفرقعات المتفجرة لأهداف إرهابية)".
ويتساءل ليو قائلا: "هل يبدو أناس كهؤلاء، سيخافون من المادة 56، القسم (أ) من نسخة عام 2018 من لوائح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) المتعلقة بترخيص النوادي وقوانين ضبط الشؤون المالية؟ وهل يمكن لنظام يتحدى دائما الحظر على السلاح لليبيا الذي فرضته الأمم المتحدة -بحسب تقارير الأمم المتحدة- أن يضع أي اعتبار لعملية بيروقراطية؟ وهل يمكن لعائلة اشترت لنفسها أكبر يخت في العالم بستمئة مليون دولار، حجمه يصل إلى ثلثي حجم التايتانك ومجهز بحسب التقارير حتى بنظام دفاع صاروخي خاص به، أن تتقبل العقوبات التي فرضها الاتحاد على نادي مانشستر سيتي؟".
ويقول الكاتب: "هذه هي فقط بعض الطرق التي يمكن من خلالها فهم الخلاف الواقع الآن بين نادي مانشستر سيتي والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهو خلاف يحمل تداعيات أكبر من مجرد تأثيره على لعبة كرة القدم، فلو فتشت في لوحات الرسائل الخاصة بالنادي فلن تقضي وقتا طويلا لتعثر على خطاب الأرض المحروقة: من الخونة والثوار والعنف والتطهير والعصابات والحثالة الأقل من البشرية".
ويعلق ليو قائلا إن "هذه اللغة عن التهديد الوجودي، التي تحمل نغمة الحرب وتغذيتها بالقدح الحارق من النادي ذاته، ويعكس هذا إطلاق Cas One وCas Two على استئناف النادي لدى لجنة التحكيم الرياضية، وكأننا نتحدث عن حملات عسكرية وليس ملفات سيوصلها كتبة إلى غرفة المحكمة، كما يمكن أيضا أن ننظر إلى موقف محامي الدفاع سايمون كليف، بحسب تسريبات (دير شبيغل) عام 2018، وقوله إن (يويفا لا يتجاوب مع شيء إلا مع الهجوم)، وأن قضية ضد المدقق يمكنها أن تدمر المنظمة كاملة خلال أسابيع)، فنادي مانشستر سيتي يتحدث عن أعدائه في كرة القدم كما تتحدث أبو ظبي عن أعدائها الحقيقيين".
ويقول الكاتب: "ربما كانت تلك هي الحجة الأكثر إقناعا لعدم السماح لمؤسسات كرة القدم المحبوبة بأن تقع تحت سيطرة دول، ولا يتعلق الأمر بنقص الشفافية أو التشوهات المالية، مع خطورتها، لكن بعد ما رأيناه، فإنها بسبب تحول تلك النوادي، مع الوقت، لتشبه الدول التي تملكها، وأن تفرض المشكلات الرياضية حلولا جيوسياسية، وأن تصبح التحديات الرياضية تشبه التحديات الواقعية".
ويبين ليو أنه "كان هناك دائما فهم خاطئ للمفهوم المعروف بـ(الغسيل الرياضي)، وهو محاولة الأنظمة الديكتاتورية ترسيخ قوتها الناعمة من خلال الرياضة، وليس ذلك مجرد عملية علاقات عامة، فهناك شركات للعلاقات العامة ولا تحتاج لإنفاق 1.5 مليار جنيه إسترليني على لاعبي كرة القدم، أو بناء أجزاء كبيرة من شرق مانشستر، لكن يساعدنا النظر الى الغسيل الرياضي على أنه مشروع بنية تحتية كبيرة لا فائدة له: مثل جبل جليد من صناعة البشر، أو بناء جسر عملاق في مكان لا يصله أحد، أو بناء نظام ناندو يمكن رؤيته من الجو، فالفكرة هي أن تصنع شيئا براقا ومثاليا يمكن أن يولد الصدمة والرعب؛ ونصبا خالدا للجمال والثراء والقوة قادرا على القيام بفعل ما تشاء".
ويجد الكاتب أنه "لذلك فإن هناك سخرية مزدوجة في الموضوع، فأولا وبالرغم من الأموال الطائلة التي أنفقت على غوارديولا إلا أن نادي مانشستر سيتي يعاقب على سنوات الصعود المترنح من عام 2012-2016، وليس على السنوات التي دفع فيها 50 مليون جنيه للاعبي الدفاع بل للاعبين أمثال مانغالا ورودويل وويلفريد، وثانيا، أن يكون من الممكن أن ينهار مشروع رياضي هو الأكثر دقة في الإنشاء بسبب سذاجة بسيطة: وهي أنه يمكن تجاوز حكم القانون بقوة الإرادة فقط، والفشل في بناء أي نوع من الاحتياط السياسي أو الدبلوماسي ضد حصوله، ففي الوقت الذي جعل فيه القطريون في نادي باريس سان جيرمان، أولويتهم التسلل إلى مراكز السلطة، يجد نادي مانشستر سيتي نفسه يمشي على غير هدى: دون أصدقاء ووحدهم، وليس معهم سوى مالهم وغطرستهم لحمايتهم".
ويختم ليو مقاله بالقول: "قد يكون هذا كافيا، وهناك كلام بأن نادي مانشستر سيتي يجمع كما من الأدلة التحريضية ضد نواد أخرى، توقعا لمعركة حامية الوطيس، وقد يستطيع النادي بمساعدة المحامين والمحاسبين الذين يعملون لصالحه أن يعكس حكم المنع من المشاركة في دوري أبطال أوروبا، وربما كما تصر بعض الأصوات الداعية للحرب بأنهم سيدمرون جهاز كرة القدم كما نعرفه، وهو ما يبدو رد الفعل المناسب لعدم السماح لضم اللاعب ستيفان يوفيتيتش، وعلى أي حال فإنه فبالنسبة لنادي مانشستر سيتي فإن الغاية تبرر الوسيلة، وفي المحصلة فإن كرة القدم مثل السياسة، فالمهم هو النتيجة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)