هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الكتاب: المسيح عيسى ابن مريم الحقيقة الكاملة
المؤلف: د. علي محمد محمد الصلابي
الطبعة الأولى: كانون أول (ديسمبر) 2019
الناشر: دار ابن كثير- بيروت
عدد الصفحات: 496.
يواصل الكاتب والباحث المغربي بلال التليدي في الجزء الثاني والأخير من قراءته لكتاب الكاتب الليبي الدكتور علي محمد الصلابي "المسيح عيسى ابن مريم.. الحقيقة الكاملة" تتبع الموقف القرآني من سيرة المسيح عيسى عليه السلام.
رسالة المسيح ومصير المسيحية بعد رفعه إلى السماء
حرص الدكتور علي الصلابي على أن يستخلص من رواية القرآن طبيعة رسالة المسيح وعلاقتها برسالة اليهود وسلوكهم في زمنه، فقد بين المسيح طبيعة رسالته وأنه بشر أوحى إليه الله تعالى، ودعاه إلى عبادة الله وتوحيده والالتزام بشرعه كما بين ذلك الاستجواب الإلهي لعيسى بن مريم الذي ورد نصه في القرآن الكريم، وأكد القرآن على أن دعوة عيسى عليه السلام تضمنت الإيمان لموكب الرسل السابقين، والتبشير بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فجاءت دعوته كما بين القرآن مصدقة لما بين يديه من التوراة في مواضع مختلفة من كتابه العزيز، مكملة لدعوة موسى عليه السلام وموضحة لها وامتدادا لها ومصححة لما طرأ عليها من انحرافات وضلالات مع توالي الحقب والأزمان، كما جاءت دعوته متضمنة لبعض التخفيفات والرخص والتسهيلات لبني إسرائيل، ولهذا كان المفهوم الطبيعي للنصرانية أن تحكم شريعة التوراة مع مراعاة التعديلات الواردة في الإنجيل.
وأشار المؤلف إلى أنه بعد رفع عيسى عليه السلام، اختفت معه صحائف الكتاب الذي أنزل إليه، ولم يجد أحد اثرا لها إلى يومنا هذا، وعزا الفوضى العارمة التي أعقبت غياب عيسى عليه السلام إلى سطوة السلطة الرومانية وإلى أثر اليهود بين طبقات الشعب، إذ تعاون الفريقان على مطاردة من آمن بعيسى عليه السلام ومصادرة ما تشير إليه تعاليمه، وظل هذا الاضطهاد أكثر من ثلاثة قرون اختل فيها المسيحيون اختلافا كثيرا. فظهر الاختلاف في الكتب التي قيل إن تلاميذ عيسى ألفوها متضمنة تعاليمه، وقد سميت هذه الكتب كلها أناجيل، وقد اختلفت فينا بينها اختلافا واسعا بلغ حد التناقض، وأنها بلغت حسب المروي سبعين إنجيلا أو أكثر.
ويشير المؤلف إلى أن الأناجيل الحالية هي عبارة عن مصنفات تاريخية حول قضية حياة مريم وابنها عيسى ابن مريم وما جرى له منذ ولادته حتى نهاية حياته على الأرض حسب معتقداتهم، وأنه لم يكتب شيء من هذه الأناجيل في حياة عيسى ابن مريم عليه السلام وإنما كتبت بعد رفعه إلى السماء.
ويؤكد المؤلف أن الأنواع الثلاثة من التحريف أصابت الأناجيل الأربعة المشهورة، التحريف بالتبديل، والتحريف بالنقصان، والتحريف بالزيادة، وأن العوامل السياسية في القرن الرابع الميلادي تدخلت في تشكيل المسيحية وبنائها بالصورة التي تعرف بها اليوم، وأن الإمبراطور قسطنطين الذي كان وثني العقيدة، حاول توحيد كلمة النصارى تحت سلطانه خشية على امبراطوريته من الانقسام والفرقة، فجمع القساوسة في مؤتمر "نيقية"، وتآمر هو وبطريرك الإسكندرية على القول بوجود ثلاثة آلهة، وعقب المؤتمر تم الاتفاق على محاربة كل من يقول بعقيدة التوحيد أو كل من يخالف عقيدية التثليث. وقد تعرض الكاتب للابتلاءات التي تعرض لها المسيح عليه السلام من اليهود، وكيف حاول قتله، فحماه الله ونجاه ورفعه إليه..
هل مات عيسى عليه السلام؟ وما المقصود برفعه إليه؟
أورد الصلابي جملة الآيات التي تعرضت لنهاية عيسى عليه السلام، وكثر الجدل بشأن تأويلها، وهل مات عيسى عليه السلام، أم تم رفعه إليه، ما معنى الوفاة المتضمن في بعض آيات القرآن الكريم، فذكر الصلابي أن المقصود بالوفاة في القرآن أمران، وفاة نوم ووفاة موت، فوفاة النوم هي المقصودة في الآية: "إني متوفيك ورافعك إلي"، أي أن اليهود لمأ أرادت المكر بعيسى عليه السلام ومحاولة قتله، أنجاه الله، وأنامه ثم رفعه إليه، أما الدلالة الثانية، أي وفاة الموت، فلن تكون في حق عيسى عليه السلام حسب المؤلف إلا قبيل الساعة، ليستكمل عمره الذي حدده الله له، حيث سيتوفاه الوفاة الحقيقية بقبض روحه وخروجها من جسده وموته كما يموت الناس.
وذكر المؤلف المعارض (ثلاثة مواضع) التي ورد فيها محاولة قتل اليهود للمسيح في القرآن الكريم، الأولى عندما كف بني إسرائيل عنه لما نزلت عليه البينات، والثانية حين هموا بقتله فحماه الله ونجاه منهم ورفعه إليه، والثالثة أكثر تفصيلا وذلك حين نفى ادعاءات اليهود بقتل المسيح وصلبه والتأكيد على أنه مجرد اشتباه وقع لليهود وأن عيسى عليه السلام رفعه الله إليه.
ثار العقل الغربي على الكنيسة المحرفة كدين يعوق الفكر ويقف أمام التقدم العلمي ويقيد البحث العلمي ويشرع سلطة المستبدين، كما ثار على أشكال من التجارة بالدين التي آلت إليها الممارسة الدينية المسيحية.
إقرأ أيضا: المسيح ابن مريم في رواية القرآن.. قراءة في كتاب (1من2)