بالتعاون والشراكة بين عدد من المؤسسات
الفلسطينية والعربية، انطلقت
حملة "العودة حقّي وقراري" والتي تهدف إلى حشد
اللاجئين الفلسطينيين في عديد بلدان العالم، بمخاطبة اللاجئ الفلسطيني من حيث هو فلسطينيّ عاديّ، لا أثر لموقعه، ومستواه المادي، وطبيعة عمله، وتصنيفه الاجتماعي.. في حقّه في العودة، وهو الحقّ الذي لا يسقط بالتقادم، ولا يملك أحدٌ القرار فيه إلا الفلسطيني، الفلسطيني بصفته فردا وجماعة.
تستند الحملة إلى أنّ حقّ العودة مركّبٌ من الحقّ الفردي والجماعي، مما يجعل سقطوه مستحيلا، حتّى لو قرّر في شأنه بعض الفلسطينيين. هذا في ما يخصّ المستوى الفلسطيني، وأمّا في ما يخصّ المستوى العامّ، فإنّه ومن باب أولى، لا يملك غير الفلسطينيين القرار في هذا الحقّ أصلا، ومن ثمّ فالإرادة الأمريكية ومن يتواطأ معها، من خلال "صفقة القرن" أو غيرها لتصفية حقّ العودة، لا اعتبار لها في أصالة هذا الحقّ، وبقائه ونفاذه. ومن هذه الجهة، تأتي أهمية حشد أفراد الفلسطينيين في العالم، للتأكيد على حقّهم وقرارهم في العودة، ولاتخاذ خطوة ممكنة في المواجهة.
من جهة الأدوات تعتمد الحملة بالدرجة الأولى،
جمع أكبر ما يمكن من تواقيع اللاجئين الفلسطينيين بصفاتهم العاديّة، للتأكيد على مضمون الحملة المتركّز في كلمتي "حقّي وقراري"، بالإضافة إلى الفاعليات التي تُطلَق في عدد من بلدان العالم. وأهمية الحملة وفاعليتها، بالنظر إلى هذه الأدوات التي قد تبدو بسيطة، يمكن إجمالها في ثلاث نقاط أساسية:
أولا، في خلق رابطة معنويّة بين اللاجئين الفلسطينيين في بلدان العالم كلّها، وهي رابطة ذات بعد ماديّ، بمعنى أنّها قابلة للقياس والانعكاس في الواقع. ومثل هذه الرابطة هي الأساس الذي لا بدّ من توفّره؛ قبل أيّ بناءٍ يُفترض أن يقوم عليه، وهي بذلك أقوى، لما تتسم به من بعد عمليّ، من الفعاليات الموسميّة، والخطابات التعبويّة، وذلك لأنّه من المتوقع من هذه الحملة أن
تستمرّ ولا تتراجع ولا تخبو، ولأنّها تخاطب اللاجئين كلّهم، وتجعل من كل لاجئ عنصرا مهمّا وفاعلا في حدّ ذاته، ولتوقيعه واسمه قيمة تزيد الحملة وزنا، الأمر الذي يجعلها في ذاتها متضمّنة للروافع التعبويّة التي تعيد تأطير وجمع اللاجئين الفلسطينيين.
ثانيا، في كون الحملة، إثباتا لتوفّر الممكنات، لمواجهة مخطّطات ومشاريع التصفية التي تواجه القضيّة الفلسطينية، والتي يأتي في صدارتها قضيّة اللاجئين. فقد بدأت الإدارة الأمريكية بالفعل في اتخاذ خطوات عمليّة، سوى ما تمارسه من ضغوط، لتفريغ حقّ العودة من قوّته، ومن معناه القانوني، ومن بعده الأخلاقي، بما في ذلك سعيها لإضعاف المؤسسات ذات الصلة، وتغيير تعريف اللاجئ الفلسطيني. والأصل، وحينما تعاني المنظومة العربية هذا القدر من التردي والاهتراء، والفلسطينية الرسمية من العجز والتخبّط، أن يتقدّم كلّ من يمكنه فعل شيء بمبادرته، والإنجاز في النتيجة يتأتّى من التضافر والتراكم والاستمرارية وتحدّي عقّبات الواقع.
ثالثا، إمكانية تحوّل الحملة إلى لوبي فلسطيني ضخم،
متمدّد في مختلف بلدان العالم، بتوظيف الحشد الذي يمكن للحملة جمعه، ثمّ بتوظيف العناصر والكفاءات للترويج لمفاهيم الحملة جماهيريّا في مختلف البلدان، وفي مراكز القوى المؤثّرة، ومحاولة تكريسها في سياسات تلك القوى والبلدان. كما أنّه يمكن القول إنّ مثل هذه الحملة من شأنها أن تساهم في تفعيل اللاجئين الفلسطينيين، بعدما تراجع دورهم في قيادة القضيّة الفلسطينية، ويمكن في هذا السياق أن تلتقي الحملة وتتضافر مع الجهود المتنوعة في هذا الصدد.
ويبقى لأجل تعظيم الحملة وزيادة فاعليتها، توفير ما يضمن استمرارها، وكذا توسيع فعاليّاتها وتنويعها.