هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لنا الحرية وعندنا حقوق
للإنسان، ولكم الرصاص ومن بعدنا الطوفان، اليونان مدانة بأفعالها، وأوروبا شريكة
بصمتها، غير أنها لم تتوقع أن سكوتها سيجلب لها أزمة أمام أبوابها ووراء أعتابها.
أطلق حرس اليونان الحدودي الرصاص الحي وفق
التسجيلات، والصوتي حسب تصريحاتهم، وكافحوا اللاجئين على الحدود بالقنابل الغازية
المسيلة للدموع، والنتيجة اختناقات وإغماءات لا تفرق بين الأطفال والنساء.
كابوس أوروبا بدأ في 27 فبراير، عندما خرجت
أزمة إدلب عن خريطة سوريا، ووصلت إلى حدود القارة العجوز، فروسيا ونظام الأسد
تمادوا في التصعيد والقصف، والأهالي أخذوا يتحولون من سكان إلى مهاجرين، حتى أعلنت
أنقرة أن سيلها بلغ زباها، وأنها لن تعيق حركة أي لاجئ باتجاه أوروبا.
صمتت أوروبا صمت القبور برهة، وباتت تتحدث عن
ابتزاز تركي، وفي المقابل أعرب أردوغان عن استيائه من تعامي دول القارة عن انتقاد
اليونان لمحاولتها إغراق قوارب اللاجئين في عرض البحر.
تطورت طرق مكافحة دخول اللاجئين إلى أثينا،
وأخذت قوات الحرس تضع السواتر الترابية، وانتشرت فيديوهات تظهر معاملتهم للاجئين،
وكيف أخذوا منهم ثيابهم، وجاء في شهاداتهم أنهم سلبوا منهم أيضا هوياتهم وأموالهم،
وتُركوا عراة للعراء، وهو مشهد صنع بالقارة صنيعا بأولئك الضعفاء.
قتلى وجرحى من المهاجرين سقطوا أمام الحدود
اليونانية، وواصل البقية التشبث بالمنطقة الحدودية حتى تلوح أي فرصة للعبور إلى
أوروبا، مهما كلفهم من قنابل مسيلة أو رصاص حي ومطاطي.
«أوروبا لا تقتلي، افتحي الحدود» و»أوروبا
تحركي»، لافتات رفعها مئات المتظاهرين خرجوا قبل أيام في برلين قلب العاصمة
الألمانية، ضد سياسات اليونان والاتحاد الأوروبي تجاه طالبي اللجوء.
نعم، على أثقل طاولة حل ملف اللاجئين ضيفا
ثقيلا عند الساسة الأوروبيين، ووقفوا أمام مسؤولية أخرى، فالأزمات سحب وإيداع، وما
زالت هناك صعوبة بينهم في الاتفاق على ما ينبغي فعله مع عشرات الآلاف من المهاجرين
أمام حدود اليونان عضو الاتحاد الأوروبي. وأمام الضغط الشعبي، طالب الاتحاد
الأوروبي على لسان متحدثة، بفتح تحقيق في عنف السلطات اليونانية، وممارساتها غير
القانونية بحق طالبي اللجوء على حدودها مع تركيا، وفي الوقت نفسه يبرر بأن
«المسؤولين اليونانيين يواجهون وضعا استثنائيا، ويقومون بمهمة صعبة».
لا بد من حل عسكري لحل أزمات المنطقة، غير أن
هذا الحل جاء في التوقيت الخاطئ والمكان الخاطئ، فالنمسا أعلنت عزمها إرسال وحدة
عسكرية خاصة ومدرعة وطائرة بدون طيار ومعدات مختلفة، لدعم الشرطة اليونانية لمنع
دخول اللاجئين، وأما قبرص فقد أرسلت فعلا.
وزير الدولة البريطاني لشؤون التطورات
الدولية، رجع إلى منشأ الأزمة، وحمّل النظام السوري وروسيا مسؤولية اندلاع مشكلة
طالبي اللجوء الأخيرة، بسبب هجماتهما، خصوصا على إدلب.
انتقلت تركيا إلى مرحلة جديدة من الحوار مع
الاتحاد الأوروبي، فحدود القارة تبدأ من حدود تركيا الجنوبية والشرقية، وليس من
الحدود التركية اليونانية، قائلا إن عهد المماطلة انتهى، يقول وزير خارجية أنقرة.
تغيرت اللهجة فعلا، فميركل أكدت أنها ستعمل
جاهدة لنقل اتفاقية الهجرة المبرمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى مرحلة جديدة،
ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تؤكد أن على الاتحاد الأوروبي
دعم تركيا واليونان معا، غير أن تلك التصريحات لم ترجع بعد للاجئين وطنهم أو
ملابسهم أو تمنحهم خياما أو مكانا.
(العرب القطرية)