هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا للصحافيين نهال توسي ودانيال ليبمان ودان دياموند، يقولون فيه إنه قبل تسلم دونالد ترامب الرئاسة بسبعة أيام فإن مستشاريه واجهوا اختبارا صعبا، فأدى الانتشار العالمي لفيروس خطير في مدن، مثل لندن وسيؤول، لدرجة أن بعض الدول فرضت حظرا على السفر.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في إيجاز لفريق ترامب علموا أن فيروس من سلالة H9N2 يهدد بالتفشي على مستوى العالم، وأن الأنظمة الصحية في الدول الآسيوية انهارت بسبب الضغط عليها، وقيل لهم: "إن مسؤولي الصحة يحذرون من أن هذا قد يصبح أسوأ تفش لمرض الإنفلونزا منذ عام 1918".
ويقول الكتّاب إن "الفكرة من إحاطة فريق ترامب كانت هي إيصال رسالة لهم بخطورة الواقع، وبأن على الرئيس الذي سيتم تنصيبه أن يتحمل مسؤولية حماية الأمريكيين خلال هذه الأزمة، إلا أنه على عكس ما حصل في فيروس كورونا المستجد، فإن أزمة 2017 لم تتحول إلى وباء، لكنها كانت واحدة من عدد من السيناريوهات التي تم تدريب كبار مستشاري ترامب عليها من مستشاري إدارة باراك أوباما السابقة، وبحسب عدد ممن حضروا، فإن الأجواء كانت (عجيبة)".
وحصلت مجلة "بوليتيكو" على وثائق من الاجتماع لتحاول تشكيل صورة كاملة عن ذلك الاجتماع المغلق، الذي كان ربما أكثر تمارين نقل السلطة تفصيلا في التعامل مع وباء محتمل، وفرض على كبار المسؤولين من الطرفين مواجهة رد فعل الحكومة كاملة للأزمة، وأخبر فريق ترامب بأنهم قد يواجهون بعض التحديات، مثل نقص في أجهزة التنفس والعقاقير المضادة للفيروسات والضروريات الطبية، والأهمية القصوى للتنسيق وتوحيد التفاعل على المستوى القومي مع الأزمة.
ويستدرك التقرير بأن ثلثي الممثلين عن إدارة ترامب الذين حضروا ذلك الاجتماع لم يعودوا يخدمون في الإدارة، وقال مسؤولون سابقون في إدارة أوباما بأن التغييرات الكثيرة التي حصلت في إدارة ترامب قد تكون أحد الأسباب التي جعلت الإدارة تتعامل بصعوبة مع الوباء الحقيقي الذي تواجهه الآن.
ويورد الكتّاب نقلا عن النائب السابق لوزير العمل، كريس لو، الذي حضر الاجتماع المذكور، قوله: "الميزة التي تمتعنا بها تحت رئاسة أوباما هي أنه في الأربع سنوات الأولى بقي موظفو البيت الأبيض أنفسهم والحكومة نفسها.. فمجرد وجود الاستمرارية يشكل فرقا كبيرا".
وتلفت المجلة إلى أن الناطق الإعلامي الأول لإدارة ترامب، شون سبايسر، شارك في حضور الاجتماع، وقال إنه يفهم أسباب أهمية مثل تلك التمارين، لكنه وصف تلك التجربة بأنها تحويل لكم ضخم من المعلومات شعر أنها نظرية، ففي الحياة الطبيعية ليست الأمور ببساطة ما يطرح في تمرين يتم تقديمه في اجتماع حول طاولة، وقال سبايسر، الذي غادر الإدارة في أواسط 2017: "لا يمكن لأي بيان موجز أن يعدك لوباء على مستوى العالم".
وينوه التقرير إلى أن مستشاري أوباما اجتمعوا مع مستشاري ترامب يوم الجمعة 13 كانون الثاني/ يناير 2017، في بناية أيزينهاور المجاورة للبيت الأبيض، وحضر 30 عضوا من فريق ترامب على الأقل -كثير منهم كان سيصبح في الحكومة قريبا- وكان كل واحد منهم يجلس بجانب نظيره في إدارة أوباما.
ويورد الكتّاب نقلا عن عدد ممن شارك في التمرين، قولهم إن وزير التجارة القادم، ويلبر روس، كان يغفو خلال التمرين، وبأن وزير الطاقة القادم ريك بيري كان متماشيا بشكل جيد مع نظيره إرنيست مونيز.
وتستدرك المجلة بأنه كان من الواضح أن بعضا من أفراد فريق ترامب بالكاد تحدثوا إلى نظيرائهم، مشيرة إلى أن بعض الأعضاء من الطرفين بقي يدخل ويخرج من الاجتماع، إلا أن البعض الآخر كان منتبها بشكل جيد إلى العروض التي قدمها مستشارو أوباما.
ويذكر التقرير أن مستشاري أوباما السابقين أشاروا في مقالات نشروها إلى ذلك الاجتماع بصفته مثالا على الجهود التي بذلوها لإبراز أهمية الإعداد للأوبئة للفريق الذي حل محلهم.
ويفيد الكتّاب بأن سوزان رايس انتقدت في مقال لها يوم الجمعة ترامب؛ لتعليقاته مثل "لا يمكنك في الواقع أن تتوقع"، وباء مثل كورونا "أن يحصل"، وأشارت إلى الاجتماع في 2017، على أنه مثال على العديد من الجهود التي بذلتها إدارة أوباما لمساعدة الحكومة القادمة على أن تكون جاهزة لمثل ذلك التحدي، بالإضافة إلى أنها انتقدت إلغاء إدارة ترامب مجلس الأمن القومي، الذي كان سيؤدي دورا مهما في تنظيم الحملة في مواجهة الوباء العالمي.
وتشير المجلة إلى أن مستشارة أوباما للشؤون المحلية، ليزا موناكو، أوضحت في مقال لها في "فورين أفيرز" الفكرة من وراء اجتماع كانون الثاني/ يناير عام 2017، فقالت: "مع أن التمرين كان مطلوبا (دستوريا)، إلا أن السيناريوهات المختارة لم تكن كذلك.. وقمنا بتضمين سيناريو الوباء لأنني كنت أعتقد وقتها وكنت أحذر منذ ذلك الوقت بأن الأمراض المعدية الجديدة ربما تشكل أكبر خطر على الإدارة الجديدة".
وبحسب التقرير، فإن لا أحد يدعي أن اجتماعا قبل ثلاث سنوات كان سيغير ما يحصل اليوم بشكل كبير، لكن مستشاري أوباما يقولون إن تعثر إدارة ترامب اليوم في التعامل مع فيروس كورونا سببه بشكل جزئي هو مدى عدم استعدادها -وأحيانا عدم إرادتها- للمشاركة في تمارين نقل السلطة أواخر عام 2016 وأوائل عام 2017.
وينقل الكتّاب عن ديفيد شلكين، الذي كان موظفا في إدارة أوباما وتم ترشيحه للعمل وزيرا لشؤون العسكريين المتقاعدين في إدارة ترامب، قوله في مقابلة، بأنه ما عدا هذا التمرين، الذي لا يذكره كثيرا، فإنه لاحظ أنه كان هناك "قليل من التنسيق" و"اهتمام قليل في العمل مع موظفي أوباما"، وقال: "قالوا إنهم لا يحتاجون كثيرا للحديث مع موظفي أوباما".
وتورد المجلة نقلا عن مساعدة وزير الصحة في إدارة أوباما، نيكول لوري، قوله إنه بسبب عدم استعداد فريق ترامب، فإنه طلب منها البقاء، لكنها سمعت في اليوم التالي من خلال مكتب وزير الصحة بأنهم غيروا رأيهم.
ويلفت التقرير إلى أن الاجتماع كان لتدريب فريق ترامب، بناء على قانون صدر عام 2016، يطلب من الإدارة المنتهية "التجهيز لاستضافة برامج تدريب جهوزية للطوارئ لأقسام الحكومة المختلفة"، مشيرا إلى أن قانون عام 2016 جاء بسبب حث مركز الشراكة للخدمات العامة، وهي منظمة تساعد الإدارات والمرشحين في عملية نقل السلطة، وكانت الطريقة التي سلمت فيها إدارة جورج بوش الابن إلى أوباما ملهمة لوضع ضوابط للتأهب للطوارئ، بما في ذلك القيام بتدريبات مشتركة على سيناريوهات محتملة.
وينوه الكتّاب إلى أن هذه الفكرة ولدت بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر وإعصار كاترينا للتحضير لأوضاع مثل التي نواجهها اليوم، بحسب مدير مركز الشراكة للخدمات العامة لعملية الانتقال الرئاسي ديفيد مارتشيك.
وتذكر المجلة أن فريقي أوباما وترامب التقيا في المساء، وجلسوا حول طاولة مستطيلة، ووزعت على المشاركين ملفات تحتوي على مواد غير سرية عنوانها "سلسلة تمارين الانتقال الرئاسي"، حصلت مجلة "بوليتيكو" على محتوياتها.
وينقل التقرير عن الوثائق، قولها إن الفكرة من التمرين هو "تعريف" الفريق القادم "بالسياسات والممارسات المتعلقة بإدارة الأحداث المحلية وبرامج استمرارية الحكم"، في حال مواجهة أزمة كبيرة، مشيرا إلى أن جزءا أساسيا من التدريب تضمن وكالات الحكومة المختلفة ومسؤولياتها القانونية، فيما تضمنت المراجع شروحا مفصلة للعديد من القوانين التي تؤثر على عملهم، مثل قانون التلوث الزيتي لعام 1990.
ويفيد الكتّاب بأنه عدا عن تمرين وباء H9N2، فإن المشاركين ناقشوا دراسة كيفية تعامل إدارة أوباما مع إعصار ساندي عام 2012، وغطى جزء من التمرين حادثة إلكترونية ممكنة الوقوع، وأخرى بحثت طرق التعامل مع حالات إرهاب محلي، حيث يقوم بالعملية مواطنون أمريكيون يفجرون قنابل خلال مناسبة رياضية في مدينة أمريكية رئيسية، وليس ذلك فقط، بل يقومون بإطلاق النار على الجموع ويقومون باحتجاز رهائن.
وتشير المجلة إلى أن فريق ترامب كان في هذه التمارين معظم الوقت في حالة المتلقي، وليس المشارك، لافتة إلى أن ذلك لم يكن مفاجئا، فاختيار ترامب للأشخاص يعني أن معظمهم لم تكن لديه أي خبرة أو كانت لديه خبرة قليلة في الحكم، فيما كان فريق أوباما يقدم لهم كميات كبيرة من المعلومات والشرح حول كيفية عمل مجموعة من المؤسسات معا للتجاوب مع الأزمات المختلفة.
وتختم "بوليتيكو" تقريرها بالإشارة إلى قول أحد المسؤولين السابقين في إدارة أوباما: "المشكلة هي أنهم (فريق ترامب) جاءوا وكانوا متعجرفين ومقتنعين بأنهم يعرفون أكثر من الإدارة المغادرة"، وقال مسؤول سابق كبير في إدارة أوباما إن منهم من قال: "هذه حماقة.. لماذا نحتاج حضور هذا"، بالإضافة إلى أن أي أمر كانت له علاقة بإدارة أوباما كان مرفوضا من فريق ترامب.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)