هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تأثر العالم على مدار مئات السنين، بالعديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة التي أدلت إلى موت ملايين البشر، بفعل سرعة انتشارها وعدم القدرة على إيجاد علاج سريع لها، ويذكرنا التاريخ بالعديد من تلك الأوبئة التي هدد انتشارها الجنس البشري برمته، في ظل عجز العقل البشري آنذاك عن تفسير أسباب الانتشار، أو طرق الوقاية والعلاج.
ومع التطور الإنساني الذي حدث في القرن العشرين، ظن العالم أنه بمعزل عن تلك الأوبئة الفتاكة بفعل القفزة العلمية الهائلة في عالم الطب والتكنولوجيا العلاجية، إلا أن ذلك لم يمنع انتشار أمراض قاتلة جديدة، كفيروس كورونا الجديد الذي يضرب العالم بلا رحمة، ويثير القلق بفعل غموض التشخيص، وغياب العلاج الفعال حتى الآن.
وفيما يلي ترصد "عربي21" أبرز الأوبئة التي انتشرت في العالم منذ العهد الإسلامي:
طاعون عمواس
انتشر هذا المرض المميت، في السنة الثامنة عشرة للهجرة، وينسب إلى قرية صغيرة تدعى عمواس، وتقع بين مدينتي القدس والرملة المحتلتين في فلسطين، وتفشى الطاعون في هذه القرية، ثم سرعان ما انتشر منها إلى الشام.
وتقول المراجع التاريخية إن "طاعون عمواس" قتل فيه 25 ألفاً، وهو رقم كبير جداً قياساً بعدد السكان في ذلك الزمن.
وتسبب الطاعون بموت عدد كبير من الصحابة، في حين تتحدث بعض المصادر والمراجع أن أعداد القتلى وصل إلى ثلاثين ألف شخص، ويقول الطبري في تاريخ الرسل والملوك، إن طاعون عمواس حصل في عام الرمادة، وعاشت الجزيرة العربية والشام في ذلك الحين المجاعة الشديدة والقحط والجدب.
وكان يشار إلى قوة الطاعون، بصفة عامة، بالجارف، فيقال الطاعون الجارف، لأنه يجرف الناس كجرف السيل، لكثرة عدد قتلاه.
وضرب الشام أكثر من طاعون، في فترات مختلفة، في سنوات 107 للهجرة، و115، وكذلك الكوفة العراقية سنة 49 للهجرة، وواسط سنة 114، وضرب الطاعون الموصوف بالجارف العراق سنة 65 هجرية، وقتل فيه الكثير من أهل البصرة.
الموت الأسود
يستخدم مصطلح الطاعون الأسود، للإشارة إلى وباء الطاعون الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين عامي "1347 و1352"، وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة.
كان هذا الوباء من أكثر الأوبئة ضراوة في التاريخ الإنساني، وتفشى في أوروبا بشكل واسع متسببا بموت نحو خمسة وعشرين مليوناً من السكان، وهو عدد يشكل ما بين ثلث ونصف السكان في تلك الفترة.
ولم يكن هناك تفسير علمي لهذه الظاهرة في العصور الوسطى، فأصابت الناس بالذهول، وفسرته الجماهير بأنه غضب الرب بسبب فساد الناس. وتقول كتب التاريخ أن شكوك الناس اتجهت نحو أعضاء الجماعات اليهودية لأن معدلات الإصابة بين اليهود كانت أقل نسبياً من المعدلات العامة مع أن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا يعيشون بين الجماهير.
الأنفلونزا الأسبانية
وباء إنفلونزا 1918 أو ما عرف بالانفلونزا الأسبانية، هي جائحة إنفلونزا قاتلة انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولى في أوروبا والعالم وخلفت ملايين القتلى، وتسبب بهذه الجائحة نوع خبيث ومدمر من فيروس الأنفلونزا من نوع H1N1.
أواخر صيف العام نفسه حلّت الموجة الثانية من الأنفلونزا بالولايات المتحدة الأميركية عن طريق الجنود العائدين من ساحات القتال بأوروبا.
وخلال فترة وجيزة، انتشر الفيروس المسبب للمرض من بوسطن نحو كل من نيويورك وفيلادلفيا قبل أن يبلغ لاحقاً سان فرانسيسكو بغربي البلاد. وبشهر تشرين الأول/ أكتوبر وحده، تسببت الأنفلونزا الإسبانية في وفاة 200 ألف أميركي ضمن ما عُرف بـ"أسوأ شهر" من حيث عدد الوفيات بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية. في حين أن هذا الوباء قد أودى بحياة ما يتراوح بين 40 و50 مليون مصاب.
الإيدز
مرض انتشر إلى العالم من وسط القارة الإفريقية مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وهو مرض يصيب الجهاز المناعي البشري ويسببه فيروس نقص المناعة البشرية فيروس إتش أي في (HIV) وتؤدي الإصابة بهذه الحالة المرضية إلى التقليل من فاعلية الجهاز المناعي للإنسان بشكل تدريجي ليترك المصابين به عرضة للإصابة بأنواع من العدوى الانتهازية والأورام.
وينتقل فيروس نقص المناعة إلى المصاب عن طريق حدوث اتصال مباشر بين غشاء مخاطي أو مجرى الدم وبين سائل جسدي يحتوي على هذا الفيروس من ثم، يمكن أن ينتقل هذا الفيروس من خلال الاتصال الجنسي، أو من خلال عملية نقل الدم، أو من خلال إبر الحقن الملوثة بهذا الفيروس، أو يمكن أن ينتقل من الأم إلى جنينها خلال مرحلة الحمل أو الولادة أو الرضاعة.
ويعتبر مرض الإيدز حاليًا جائحة (من الأمراض الوبائية و المتفشية). ففي عام 2007، تم تقدير عدد المصابين الأحياء بهذا المرض حول العالم بنحو 33.2 مليون شخص. كذلك، فإن هذا المرض قد أودى بحياة ما يُقدر بحوالي 2.1 مليون شخص من بينهم 330,000 ألف طفل.
وقد ظهر أن ما يزيد عن ثلاثة أرباع هذه الوفيات تحدث في ذلك الجزء من القارة الأفريقية الذي يقع جنوب الصحراء الكبرى. مما يعيق تحقيق النمو الاقتصادي ويدمر رأس المال البشري.
هذا وتظهر الأبحاث الوراثية أن فيروس نقص المناعة ظهر لأول مرة في غرب أفريقيا الوسطى في أواخر القرن التاسع عشر أو بدايات القرن العشرين.
سارس
ويعرف بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، وهو مرض تنفسي فيروسي من أصل حيواني المنشأ، بدأ ظهوره في الصين وأخذ ينتشر في بلدان العالم ولاسيما في دول جنوب شرقي آسيا ليصيب ضحاياه بصعوبة التنفس والتهاب رئوي غامض.
ظهر كتهديد عالمي في آذار/ مارس عام 2003، وسجلت أولى إصابة في شمال الصين في شهر كانون الأول من عام 2002، ويعتبر الطبيب الإيطالي كارلو أورباني هو أول من اكتشف الفيروس وتوفي بسببه.
ينتشر من شخص لشخص ولاسيما أثناء الزحام ومدة حضانته من يومين لسبعة أيام. وكان العلماء يعتقدون أن العدوى يمكن أن تتم عن طريق "اتصال قريب" مثل العطس.لكنهم قد توصلوا إلى سهولة انتشار المرض على الرغم من عدم وجود اتصال واضح بين المرضى وبين آخرين مصابين بالعدوى. في بعض الحالات على الأقل، يمكن للفيروس الانتشار عن طريق الهواء أو عن طريق الإمساك بأجسام مثل المقابض ممايزيد من صعوبة السيطرة عليه.
السلالة الحالية من هذا الفيروس تنتشر عن طريق رذاذ يخرج من الرئة مع السعال والأطباء حالياً غير متأكدين من وجود طرق أخرى لنقل العدوى.
يبدأ المرض بأعراض تشبه نزلة البرد تتحول سريعا إلى التهاب رئوي وقد أصاب العشرات في هونغ كونغ وفيتنام وسنغافورة وتايوان وإندونيسيا وتايلند مما جعل منظمة الصحة العالمية ترسل خبراء إلى آسيا لمحاولة معرفة مصدر المرض واحتوائه.
أصيب أكثر من ثلاثة آلاف شخص ولقي 861 حتفهم في جميع أنحاء العالم منذ أن ظهر لأول مرة في إقليم جوانجدونج الصيني، لم يتم اكتشاف أي لقاح أو علاج وقائي لهُ، يثبت أنه علاج آمن وفعال على حد سواء في البشر.
ولا يزال يعتبر فيروس السارس مرض نادر نسبياً مع حدوث 8422 حالة اصابة بهِ اعتباراً من عام 2003.
انفلونزا الخنازير
إنفلونزا الخنازير هو أحد أمراض الجهاز التنفسي التي تسببها فيروسات إنفلونزا تنتمي تؤثر غالباً على الخنازير.
وهذا النوع من الفيروسات يتسبب بتفشي الأنفلونزا في الخنازير بصورة دورية في عدد من الدول منها الولايات المتحدة والمكسيك وكندا وأمريكا الجنوبية وأوروبا وشرق آسيا.
فيروسات إنفلونزا الخنازير تؤدي إلى إصابات ومستويات مرتفعة من المرض، لكنها تتميز بانخفاض معدلات الوفاة الناتجة عن المرض ضمن الخنازير، وحتى عام 2009 تم التعرف على ستة فيروسات لإنفلونزا الخنازير.
زادت احتمالية انتقال فيروس إنفلونزا الخنازير من الخنازير إلى البشر مؤخراً نتيجة التحورات الجينية التي حدثت في الفيروس، وعادة ما تصيب العدوى الأشخاص العاملين في مجال تربية الخنازير فقط حيث يكون هناك اتصال مستمر مما يزيد من احتمالية انتقال الفيروس.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية في العام 2010 عن وفاة 18 ألف شخص جراء الوباء.
الكوليرا
انتشرت الكوليرا خلال القرن التاسع عشر في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند، واندلعت بعد ذلك ست جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر عبر القارات كلها.
أما الجائحة الحالية (السابعة) فقد اندلعت بجنوب آسيا في عام 1961 ووصلت إلى أفريقيا في عام 1971 ومن ثم إلى الأمريكتين في عام 1991. وتتوطن الكوليرا الآن العديد من البلدان. بحسب منظمة الصحة العالمية.
والكوليرا عدوى حادة تسبب الإسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة بضمات بكتيريا الكوليرا، وهي ما زالت تشكل تهديداً عالمياً للصحة العمومية ومؤشراً على انعدام المساواة وانعدام التنمية الاجتماعية.
وتشير تقديرات الباحثين إلى وقوع عدد يتراوح تقريباً بين 1.3 و4.0 مليون حالة إصابة بالكوليرا سنوياً.
كورونا
ظهر الفيروس الذي ينتشر حاليا في العالم بنسخة الأولية عام 2012، وصار يعرف باسم "متلازمة الشرق الأوسط التنفسية" أو "متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد"، واعتبارا من يوليو 2015، أبلغ عن حالات الإصابة بفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في أكثر من 21 دولة.
وبحسب آخر إحصائية نشرتها منظمة الصحة العالمية، في 24 أبريل 2014، تم تشخيص 254 حالة مؤكدة في العالم توفي منهم 93.
وفي أواخر كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، تم الإبلاغ عن أول حالة مشتبه بها لمنظمة الصحة العالمية، بوصفها فيروس كورونا الجديد أو فيروس كورونا المستجد.
وكان أول تفش للمرض في سوق ووهان بمقاطعة هوبي في الصين، قبل أن ينتقل إلى معظم دول العالم.
وتضمنت الأعراض الموثقة حدوث حمى في 90 في المئة من الحالات، وضعف عام وسعال جاف في 80 في المئة، وضيق في النفس في 20 في المئة، مع ضائقة تنفسية في 15 في المئة من الحالات.