هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا كل من سيليفيا ويستول وفيونا ماكدونالد تحت عنوان "هجوم الفيروس عمق من قلق الخليج بشأن حرب أسعار النفط السعودية".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى وضع دول الخليج التي جرت إلى الحرب بسبب قرار السعودية المفاجئ بدء حرب أسعار نفط مع روسيا، التي تجد نفسها أمام معضلة للتعامل مع انتشار فيروس كورونا في ظل تراجع مواردها النفطية.
وتقول الكاتبتان إن حرب الأسعار السعودية مع زميلتها المصدرة للنفط روسيا حيرت ملكيات الخليج، وهزت بطريقة غير متوقعة دفاعاتها المالية التي تحتاجها لمواجهة تبعات انتشار الفيروس القاتل.
ويفيد الموقع بأن الكويت والإمارات، إلى جانب الجارات الصغيرات، تريد العودة إلى المحادثات بين القوى في أوبك+، إلا أن أبطال الدراما، بينهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ثبتوا أقدامهم ورفضوا التراجع.
ويلفت التقرير إلى أنه مع إغلاق قطاع واسع من الاقتصاد العالمي بسبب الوباء، فإن رفض التنازل دفع إلى انخفاض جديد في سعر النفط لمستويات أقل من 10 دولارات للبرميل في السوق الحقيقية، بشكل يحدد قدرات دول الخليج، التي لا تزال تكافح للتعافي من انهيار سعر النفط عام 2014.
وتذكر الكاتبتان أن ثلاثة مسؤولين على معرفة بالسياسة النفطية في المنطقة وعددا من العارفين بالصناعة النفطية، وصفوا قرار السعودية في بداية هذا الشهر لتخفيض أسعار النفط، وزيادة معدلات الإنتاج، بأنه خطوة مرتبطة بالسعودية ومقلقة لشركائها، الذين شعروا أنهم مجبرون على المضي مع القرار، في الوقت الذي كانوا يركزون فيه على المشكلات التي يمثلها فيروس كورونا.
ويجد الموقع أنه كلما طالت المواجهة بين السعودية وروسيا زادت الضغوط على جهود السياسة الخارجية الخليجية التي تحمل عادة كلفة ضخمة، فالسعودية وجاراتها لديها استراتيجية مترابطة في موضوع احتواء إيران، العضو في أوبك، وبتشجيع من أمريكا.
وينقل التقرير عن السفيرة الأمريكية السابقة في الإمارات العربية المتحدة، باربرا ليف، قولها: "هذا تحرك قام بناء على السعودية أولا"، ووصفت الخطوة بأنها مربكة لمنتجي النفط في منطقة الخليج، "لقد اصطف الإماراتيون مع الرياض وزادوا من الإنتاج، لكنني لا أعتقد أنهم يؤمنون بأن حرب أسعار مفتوحة مع موسكو هي الطريق الصحيح".
وتنوه الكاتبتان إلى أن الإمارات التي تفتخر بأنها مستقرة ومزود للنفط موثوق به قلقة من الفوضى في السوق التي قد تحدث من حرب الأسعار، لكنها تتجنب التعبير عن خلافاتها مع حليفتها الكبرى علنا.
ويورد الموقع نقلا عن دبلوماسيين في أبو ظبي، قولهم إن الإمارات العربية لن تنحرف عن شراكتها النفطية مع السعودية، رغم اللهجة التصالحية التي برزت من وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي، بعد انهيار المحادثات في فيينا، الذي قال: "نأمل أن أصدقاءنا في روسيا يحتاجون لمزيد من الوقت للتفكير، وربما عادوا مرة ثانية للقاء في أي وقت، وقد نلتقي في أي وقت".
ويشير التقرير إلى أن أبو ظبي أدت دورا من خلف الأضواء في الفترة التي تبعت انهيار المحادثات، وحاولت ردم هوة الخلاف بين الرياض وموسكو وتحقيق الاستقرار، بحسب أشخاص على معرفة بالموضوع، لافتا إلى قول ليف، إن هناك حاجة لجهود قصوى من أجل إعادة الجميع إلى الطاولة، إلا أن الجهود الإماراتية لم تثمر حتى الآن.
وتقول الكاتبتان إنه في ظل الحاكم الفعلي للسعودية، الأمير محمد بن سلمان، فإنها تقول إنها لا تمانع في وضع يباع فيه سعر البرميل بـ 30 دولارا، وقالت إنها تخطط لزيادة المتاعب على موسكو رغم أنها خفضت 13 مليار دولار من النفقات هذا العام، وهو ما أدى إلى إثارة الشكوك في سوق النفط من أن المملكة تحاول متابعة سياسية بنيوية لإضعاف المنافسين لها، في وقت تفرض فيه أزمة المناخ ثورة في الطاقة.
ويلفت الموقع إلى أن روسيا والسعودية هما من هندس تحالف عام 2016، ومع مرور الوقت أصبح التعاون غير متوازن، حيث تحملت السعودية حصة كبيرة من تخفيض الإنتاج فيما لم تلتزم موسكو بالتزاماتها، ووصل التوتر ذروته عندما رفضت موسكو مطالب السعودية بتخفيض إنتاج النفط بمستويات عالية في محاولة لرفع أسعاره.
وينوه التقرير إلى أن المسؤولين في الكويت والإمارات لم يعلقوا على ما ورد في التقرير، إلا أن وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي قال في تغريدة، إن بلاده لا تزال تؤمن أن اتفاقا جديدا ضروري لدعم سوق متوازن وأقل تقلبا.
وتقول الكاتبتان إن تداعيات الحرب وانخفاض أسعار النفط الخام ستظهر على البحرين وثاني منتج للنفط في أوبك، العراق، فلا تملك حكومتا البلدين احتياطات مالية كبيرة، وبالنسبة للعراق فهو يحتاج لدفع فاتورة ضخمة لإعادة إعمار البلد بعد الحرب ضد تنظيم الدولة، مشيرتين إلى أنه حتى الدول الغنية والحليفة للولايات المتحدة ستبحث عن مصادر لتجنب العاصفة الاقتصادية التي جاءت في وقت غير صحيح وكان يمكن تجنبها.
ويفيد الموقع بأنه بحسب توقعات صندوق النقد الدولي، فإن الإمارات العربية المتحدة والكويت تحتاجان إلى 70 دولارا و54.7 دولارا للبرميل على التوالي، لتغطية متطلبات الميزانية في عام 2020، وتقومان مع الجيران ببرامج تحفيز بقيمة مليارات الدولارات لاقتصاداتها التي لم تتعاف أبدا من أزمة انهيار النفط عام 2014.
وبحسب التقرير، فإن الإمارات أعلنت عن خطة تحفيز بـ34 مليار دولار لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، مع أن وضعها، بصفتها مصدرا رئيسيا للنفط الخام ومركزا عالميا للتجارة والسفر، يعني أن اقتصادها عرضة للمخاطر التي جلبها معه فيروس كورونا، مشيرا إلى أن معدل النمو المتوقع للقطاع غير النفطي في عام 2019 كان بنسبة 1.1%، أي بتراجع عن العام الذي سبقه، الذي سجل نموا بنسبة 1.3%، في وقت تتزايد فيه المخاوف من معاناة مراكز التسوق وسوق العقارات من زيادة ما لديها من المعروض.
وتنقل الكاتبتان عن المحلل في مجال النفط كامل الهرمي، قوله إنه من غير المحتمل أن تقوم الدول الخليجية الأعضاء في أوبك بتعويض ما خسرته من موارد عبر بيع كميات أكبر من النفط، "فسوق النفط مشبع، وستنتهز السعودية أي فرصة لترسل النفط على حساب بقية الدول الأعضاء في أوبك".
ويقول الموقع إن حرب السعودية النفطية ربما أغضبت حلفاء أبعد من جيرانها في الخليج، ففي الولايات المتحدة، التي تعد فيها صناعة الزيت الصخري عرضة لمخاطر أسعار نفط متدنية، طالب تسعة أعضاء في مجلس الشيوخ بالتحقيق فيما وصفوه "الإغراق المفرط" للسوق بالنفط الخام، الذي تقوم به السعودية وروسيا، واتصل الرئيس دونالد ترامب بولي العهد السعودي قبل تصعيد الأخير حرب الأسعار، ومن غير المعلوم إن ناقشا الخطة السعودية في هذه المكالمة.
ويشير التقرير إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، كان واضحا وصريحا هذا الأسبوع، عندما طلب من ولي العهد أن يكون على "قدر المسؤولية" ويطمئن الأسواق، في وقت تعاني فيه من حالة عدم الاستقرار.
وترى الكاتبتان أن من المؤكد أن تعيد حرب الأسعار القلق داخل الولايات المتحدة من ولي العهد الذي شجبه أعضاء الكونغرس؛ لدوره في قتل الصحافي جمال خاشقجي وحرب اليمن.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى قول نائب مدير شركة الاستشارات "فورين ريبورتس" المتخصصة في تحليل أثر التطورات في الشرق الأوسط على سوق الطاقة، ماثيو ريد: "لا أعتقد أن أحدا توقع ردا سعوديا بهذه الطريقة.. كلما طال أمد الأزمة توترت العلاقات".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)