هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
* جمال حشمت: لا أتوقع خيرا من نظام قام على دماء الأبرياء.. والسيسي جزء من المشكلة ولن يكون جزءا من الحل
* الباحثة سمر الحسيني: الدولة المصرية لديها رؤية واضحة في ملف المصالحة لكن الوضع الراهن لن يستمر
* خالد الشريف: إرادة السيسي مرهونة بالإمارات.. وتداعيات كورونا قد تجبره على المصالحة
* قطب العربي: الخطاب الجديد للإخوان ليس تمحكا في النظام وليس مسارا للتصالح معه
في
الوقت الذي عادت فيه من جديد أحاديث المصالحة بمصر، رأى سياسيون وباحثون مصريون أن
خطاب رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، أمس الثلاثاء، أغلق تماما باب المصالحة،
وألمح إلى استحالة الاستجابة للكثير من الدعوات والمناشدات التي نادت بالإفراج عن المعتقلين
السياسيين.
وكان
السيسي قد قال – صراحة وأكثر من مرة- إن المواجهة ستظل مستمرة ولن تنتهي مع من وصفهم
بـ"العناصر والفصيل الشرير"، مؤكدا أنه يريد مصر خالية ممن وصفهم بـ"الأشرار"،
على حد قوله.
اقرأ أيضا: السيسي: المواجهة مستمرة ولن تنتهي مع "الفصيل الشرير"
وفجّر
مقال كتبه رئيس تحرير جريدة الشروق المصرية عماد الدين حسين، نهاية الشهر الماضي، بعنوان
"الفرصة الذهبية التي ضيعها الإخوان"، جدلا في الأوساط السياسية، بعدما
قال فيه – على خلفية أزمة كورونا- إن الإخوان أضاعوا فرصة "ذهبية" كان يمكن
أن تُساهم في ترميم صورة الجماعة، وكانت فرصة لا تُعوض لإنهاء أو تأجيل كل الخلافات
والصراعات، داعيا جماعة الإخوان وإعلامها إلى البحث عن بداية جديدة ومختلفة، وأن تعيد
تقييم نفسها وسياساتها وأفكارها وأدواتها وإعلامها.
واتسع
الجدل السياسي مع مقال كتبه القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، حلمي الجزار،
بصحيفة "العربي الجديد"، مطلع الشهر الجاري، أكد فيه أن "تأجيل الكثير
من القضايا والصراعات لحين النجاح في مقاومة كورونا أمر حتمي"، لافتا إلى أن
أزمة الوباء "لن تكون لتصفية حسابات سياسية، ولا لتنفيذ عقوبات جماعية، ولا لصناعة
أمجاد شخصية، ولا لإدارة مناكفات حزبية"، مُعلنا أن "خطوة الإفراج عن المعتقلين
-في حال اتخاذها- قد تفتح الباب لخطوات إيجابية أخرى من جميع الأطراف لتضميد جراحات
المجتمع المصري، ولتخفيف معاناته، وحل مشكلاته".
وقال
الجزار، في أول ظهور إعلامي له منذ الانقلاب، إن "موقف الإخوان الرسمي الواضح
هو توجيه كل أعضائهم ومحبيهم في مصر للالتزام بتعليمات الدولة بشأن الإجراءات الوقائية
من الفيروس"، منوها إلى أن "الإخوان ستكون مُقبلة، وبقلوب مفتوحة، وأياد
ممدودة، لتضع يدها في يد كل مخلص عاقل حريص -بصدق- على مصلحة هذا الوطن وهذا الشعب".
وبعد
ثلاثة أيام من مقال "الجزار"، عقدت جماعة الإخوان مؤتمرا صحفيا بعنوان
"التعاون والمشاركة فريضة" لتؤكد رسميا على ما جاء بمقال القيادي البارز
بها. وأعلنت للمرة الأولى منذ الانقلاب دعم مبادرة للأزهر، وتأجيل خلافاتها مع نظام
السيسي.
اقرأ أيضا: "الإخوان" تطرح رؤيتها للتعامل مع أزمة كورونا داخل مصر
وشدّدت
الجماعة على أنه لا مجال للخلافات السياسية والفكرية، مُعلنة تشكيل لجنة متخصصة للإسهام مع
الشعب المصري في مواجهة كورونا، ومؤكدة أن أيديها ستظل ممدودة للجميع بـ"الخير
لأجل مصر وشعبها".
اقرأ أيضا: حسن نافعة يدعو لمصالحة مجتمعية شاملة في مصر
وكان
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، قد دعا، عقب خروجه من محبسه،
إلى إجراء "مصالحة مجتمعية شاملة" في مصر تبدأ بالإفراج عن كافة المعتقلين
السياسيين، وذلك بجانب الإجراءات التي تتخذها السلطات المصرية في مواجهة فيروس كورونا.
اقرأ أيضا: "صباحي" يدعو السيسي للإفراج عن السجناء وتشكيل لجنة خبراء
وكذلك،
دعا المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، السيسي إلى الإفراج عن المعتقلين وسجناء الرأي،
وتشكيل لجنة خبراء لاتخاذ حزمة إجراءات لحماية البشر والاقتصاد خلال أزمة فيروس كورونا.
وكما
هو مُعتاد، جاء الرد سريعا من إعلام النظام الذي هاجم جماعة الإخوان المسلمين،
وحمدين صباحي، وحسن نافعة، وغيرهم ممن دعوا للمصالحة أو الإفراج عن المعتقلين،
فضلا عن انتقاد بعضهم لرئيس تحرير صحيفة الشروق عماد الدين حسين.
وجاء
رد السيسي – في مؤتمره الصحفي بحضور قادة الجيش ورموز نظامه- قاطعا وواضحا بأنه لن
تكون هناك مصالحة وطنية، بل ستستمر المواجهة مع من يصفهم دائما
بـ"الأشرار"، ومواصلا استخدام مصطلحاته العدائية والإقصائية، بحسب
مراقبين.
"مبادرات
فاشلة"
ومنذ
انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن، طُرحت العديد من المبادرات السياسية من
شخصيات وقوى مختلفة في الداخل والخارج، لمحاولة إنهاء الأزمة التي تمر بها الدولة
المصرية، إلا أن الفشل كان مصير جميع تلك المبادرات.
"موقف
السيسي"
وأثناء
فترة ترشحه الأولى للرئاسة أعلن السيسي بشكل قاطع رفضه للمصالحة مع جماعة الإخوان،
إلا أنه بعد فترة من بداية حكمه حدث تحول في رأيه، حيث لم يُبد أي اعتراض على الأمر
وإن سعى في كل مرة لإلقاء الكرة في ملعب "الشعب" بالحديث عن أن "قرار
المصالحة في يد الشعب".
وفي
4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، خلال حواره مع فضائية "بي بي سي"
البريطانية، قال إن "جماعة الإخوان جزء من دولة مصر الديمقراطية، والشعب المصري
وحده يرجع له القرار في إعطائهم دورا آخر في مستقبل البلاد".
وفي
أيلول/ سبتمبر 2015، أكد السيسي في حوار له مع وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية،
أن جماعة الإخوان أزمتها مع الشعب المصري، وليست مع النظام أو الحكومة.
وفي
تشرين الأول/ أكتوبر 2017، خلال مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، علق السيسي على إمكانية المصالحة
مع الإخوان، قائلا: "مش هقدر (لن أستطيع) أخد فيها قرار لوحدي، دا (هذا) قرار
دولة، وأنا أكتر واحد أتحت ليهم فرصة في 3 تموز/ يوليو، والبيان الذي تم إصداره (خارطة
الطريق) كان متزنا للغاية، وأنا مش طالب من حد يغير أفكاره علشاني (من أجلي)، أنا بقبل
كل الأفكار، لكن مارسوا أفكاركم بدون ما تهدوا (تهدموا) بلدكم".
وفي
شباط/ فبراير 2018، أكد السيسي، في مقابلة مع قناة "فرانس 24"، أن إجراء
مصالحة في فترة حكمه مع جماعة الإخوان، "قرار الشعب" وليس قراره.
وعاد
السيسي مُجدّدا لموقفه القاطع برفضه لفكرة المصالحة، حيث قال في تشرين الأول/
أكتوبر 2018، خلال مقابلة أجراها مع صحيفة الشاهد الكويتية، إنه لن يكون هناك دور لجماعة
الإخوان في بلاده ما دام موجودا على رأس السلطة.
"نهاية
وزارة المصالحة"
وعقب
3 تموز/ يوليو 2013، شكلت حكومة حازم الببلاوي وزارة جديدة سميت "وزارة العدالة
الانتقالية والمصالحة الوطنية"، وتولاها المستشار محمد أمين المهدي، وقيل بوضوح
من المسؤولين عنها إن وظيفتها وضع قوانين وتشكيل لجنة للمصالحة، وفقا لأحد بنود خارطة
الطريق التي طرحها السيسي في 3 تموز/ يوليو 2013.
وأصدر
"الببلاوي" القرار رقم 82 لسنة 2014، بتحديد اختصاصات الوزارة في "ضمان
العبور الآمن للمرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد بأقل تكلفة وأكثر عائد على نحو
يدعم الوحدة الوطنية، ويحقق المصالحة الوطنية الشاملة وتحديد المسائل والموضوعات التي
تؤثر في وحدة نسيج المجتمع المصري ووضع حلول جذرية لها وآليات تنفيذها".
وفي
آذار/ مارس 2014، أثناء وجود حكومة إبراهيم محلب، تم حذف كلمة (المصالحة) من الوزارة
وأسماها (وزارة شؤون مجلس النواب والعدالة الانتقالية)، واستمر المستشار أمين المهدي
في نفس منصبه رغم تغيير اسم الوزارة، دون أن تفعل شيئا في المرتين.
وشهدت
حكومة "محلب" الثانية 16 حزيران/ يونيو 2014، والثالثة 5 أذار/ مارس
2015، تعديلات وزارية، ولكن ظل اسم الوزارة كما هو، ولكن تولاها المستشار إبراهيم الهنيدي،
دون أن تثار فكرة المصالحة.
ومع
قدوم حكومة شريف إسماعيل في 12 أيلول/ سبتمبر 2015، أعيد تغيير اسم الوزارة للمرة الثالثة
وتم حذف (العدالة) بعد حذف (المصالحة)، ليصبح اسمها الجديد هو "وزارة الشؤون القانونية
ومجلس النواب"، وتولاها المستشار مجدي العجاتي، ما اعتبر تملصا من فكرة المصالحة
كليا.
وجاء
التغيير الرابع والأخير في منتصف شباط/ فبراير 2016 ليصبح اسمها هو (وزارة الدولة لشؤون
مجلس النواب) فقط ويتم حذف (القانونية)، وتولاها المستشار عمر مروان الذي أصبح
لاحقا وزيرا للعدل.
وتنص
"المادة 241" من الدستور المصري الحالي على أنه "يلتزم مجلس النواب
في أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف
الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقا للمعايير
الدولية"، إلا أنه لم يتم تفعيل تلك المادة بأي صورة من الصور رغم قرب انتهاء
فترة البرلمان.
"لا
أمل في السيسي"
من
جهته، قال القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، جمال حشمت، إن "الانقلابيين
في مصر ما زال يحكم تصرفاتهم الخوف من الخيانة باعتبار ما كان منهم، خاصة في ظل غياب
الاطمئنان بعدما نشروا الخوف في ربوع مصر"، مؤكدا أن "كبر المستبد (السيسي)
وغروره يعمياه عن رؤية الواقع والمستقبل، وأنا لا آمل فيه خيرا أبدا".
وحول
حديث السيسي عن من وصفهم بالأشرار، أضاف: "هذا طبيعي من جيش له دولة،
ويكفي قوله (احنا بنحاربهم لنبقي أحرارا بدون أشرار)، وأي حرية يقصدها هذا الرجل؟ هل اعتقال كل من له رأي على مواقع التواصل أو يجاهر به هو مظهر هذه الحرية أم اعتقال
الصحفيين أم قتل المعارضين أم استمرار الاعتقالات في ظل مناشدات دولية وإنسانية وقانونية
للإفراج عمن في السجون. هذا دليل كذبه وافترائه".
وأردف
حشمت، في حديث مع "عربي21": "لست متشائما بطبعي أبدا، لكن لا أتوقع
خيرا من نظام قام على دماء الأبرياء؛ فلا أداء يُقدر حرمة الحياة أو يراعي حقوق البشر،
بل أداء متدنٍ يعتمد على الكذب والنفاق ولم يقدم بادرة خير واحدة في أي اتجاه تؤكد
على حكمة في التصرف أو توبة عن خطأ ارتكب".
واستطرد
قائلا: "لذا، إن لم يستشعر هذا النظام خطورة ما ارتكبه من جرائم على وجوده واستمراره،
وفاجأنا بقرارات ترفع ظلما أو تمنح حقا أو تعترف بخطأ، فلن نأمل منه أو نعول عليه في
استرداد الحقوق"، مضيفا: "كورونا سلّطها الله على البشرية لكي تتقطع السبل
بالظالمين، وينفضح عجزهم، فلا تمنحوهم أمل الخروج من أزمتهم بلا حساب أو بلا مقابل.
هو أجبن من أن يكون شجاعا وأحقر من أن يكون كريما فهل تطلبون منه أن يكون عاقلا محبا
لمصر".
واختتم
حشمت حديثه بالقول: "هو (السيسي) لا يملك النية ولا القدرة وأكد على ما نقوله
منذ الانقلاب أن هذا العميل هو جزء من المشكلة، ولا يمكن أن يكون جزءا من الحل، فافهموا
يا أولي الألباب".
"مكاسب
دولة يوليو"
بدورها،
قالت الباحثة في العلوم السياسية، سمر الحسيني، إن "الدولة المصرية لديها رؤية
واضحة فيما يخص ملف المصالحة، خاصة في ظل الوضع الحالي؛ إذ أنها تخشى من ظهور أي فصيل
سياسي حقيقي يُهدد ما حققته دولة 23 تموز/ يوليو (العسكرية) من مكاسب، ولكن التاريخ
السياسي يشير لعدم إمكانية استمرار المشهد السياسي على هذا الحال؛ فعصر دولة الحزب
الواحد أو التنظيم الواحد أو الرجل الأوحد لم يفلح في إبقاء الاتحاد السوفيتي دون الانهيار،
وهو ما لن يفلح أيضا في حماية أي ديكتاتورية حالية".
وأضافت،
في تصريح لـ"عربي21"، أنه "في الوقت الذي تواجه فيه مصر وباء قد يعصف
بحياة مئات الآلاف من المصريين لم يتطرق أو يفصح الرئيس السيسي- في خطابه بالأمس-
عن أرقام الاختبارات اليومية التي يتم إجراؤها لفحص حالات كورونا أو القدرة الاستيعابية
للقطاع الصحي من غرف العناية المركزية أو أجهزة التنفس في حالة تفشي الوباء. كما أنه
لم يوضح ما هي خطة الدولة لمواجهة الوباء في حالة ظهوره داخل السجون".
وتابعت
الحسيني: "على النقيض استطرد الرئيس السيسي في استدعاء ذكريات 30 حزيران/
يونيو، والتحدث عن الفصائل السياسية والخصومة دون مراعاة للخطر المحدق، رغم أننا
في وقت يجب فيه استدعاء كافة الجهود الرسمية وغير الرسمية، واستنهاض كافة القوى المدنية
والسياسية لوضع خلافاتها جانبا والتصدي لهذا الوباء الذي يهدد البشرية".
"السيسي
رهين الإرادة الإماراتية"
وذكر
المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية المصري، خالد الشريف، لـ"عربي21"،
أنه "في ظل أزمة كورونا مصر في حاجة ماسة لمصالحة سياسية ومجتمعية تنهي حالة الانقسام
المجتمعي، وتضع حدّا لحالة الانتقام من المعارضين والفاشية السياسية التي تسود المشهد
العام منذ عام 2013".
وتابع:
"لقد استبشرنا خيرا بالدعوات الصادرة من كافة التيارات السياسية بالدعوة للتوحد،
ونسيان خلافات الماضي، والإفراج السريع عن المعتقلين السياسيين، سواء الدعوة الصادرة
من حمدين صباحي أو مقال الدكتور حلمي الجزار، ومؤتمر جماعة الإخوان الذي حمل رسائل
إيجابية أو تغريدات الدكتور حسن نافعة الذي دعا فيها لمصالحة مجتمعية شاملة، فضلا
عن أصوات متعددة من مختلف الاتجاهات تمثل الكيان السياسي المصري تدعو لمصالحة وإفراج
فوري عن المعتقلين لمواجهة أزمة كورونا".
واستدرك
الشريف بقوله: "لكن الصادم فعلا هو رد السيسي الذي أكد فيه استمرار المواجهة أي
الانتقام مع أهل الشر أي المخالفين له سياسيا ليؤكد السيسي أن إرادة المصالحة والحل
السياسي للأزمة غائبة لدى السلطة، وهي تُصر على الانتقام رغم الظروف الكارثية التي
تمر بها مصر والعالم من حولنا".
وأوضح
المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية أن "إرادة السيسي مرهونة بالخارج الإقليمي
متمثلا في الإمارات التي لم تردعها أزمة كورونا، وتمضي في تخريب الربيع العربي، ونشر
الفوضى، وهو ما يؤكد استمرار دعمها لحفتر في ليبيا، الذي يواصل قتل المدنيين في طرابلس،
وقصف المستشفيات، رغم نداءات دولية بوقف آلة الحرب في مناطق النزاع والتمرد".
وأكمل:
"سياسة الشر والانتقام من الربيع العربي تواصلها الإمارات بلا تراجع، وهذا يوضحه
تصريح السيسي رهين الإرادة الإماراتية، والذي لا يعمل لصالح بلاده ونهضة مصر أو إنقاذها
من طوفان كورونا"، مضيفا: "يجب على النخب السياسية أن تواصل خطابها الداعم
للوحدة وجمع الشمل، والتكاتف المجتمعي، ولا تيأس؛ فهناك متغيرات حتمية في النظام العالمي
والإقليمي ستنعكس إيجابيا على كل دول المنطقة خلال الفترة المقبلة".
وأشار
إلى أن "الخطاب الجديد لجماعة الإخوان يستهدف منازلة السيسي في الساحة التي انفرد
بها، وهي ساحة الشعب، وبعد أن كانت الجماعة تركز في خطابها على مظالم سياسية لا يشاركها
فيها كثير من فئات الشعب الذين لديهم هموم وأزمات أخرى فإن الجماعة وفقا لخطابها الجديد
قررت أن تلتحم بالشعب في همومه وأزماته، وعلى رأسها أزمة كورونا".
وواصل
الشريف حديثه: "يبدو أنه لن تكون هناك مصالحة في ظل وجود السيسي –كما قال هو
بنفسه سابقا- ومع ذلك قد تتزايد تداعيات كورونا بصورة يصعب احتمالها فتتغير لغة الخطاب
الأمر الذي قد يضطره للاستجابة لنداءات المصالحة، لكن هذا يظل احتمالا ضعيفا في
الوقت الراهن".
"دلالات
خطاب الإخوان الجديد"
وأكد
الكاتب الصحفي قطب العربي أن "الخطاب الجديد للإخوان، والذي وجد فرصته للبروز
في أزمة كورونا يتلخص في ترتيب الأولويات، باعتبار هذا الوباء هو أولوية المرحلة التي
لا ينبغي أن تزاحمها أي معارك أخرى في الوقت الحالي"، لافتا إلى أن هذا الخطاب
"ليس تمحكا في النظام، وليس استسلاما له، كما أنه ليس مسارا للتصالح معه، فليس
خافيا على أحد أن النظام نفسه هو الذي يرفض هذه المصالحة، ولم يرسل أي إشارات لها سواء
بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".
وذكر،
في مقال له، نشره الأربعاء بموقع "الجزيرة مباشر"، أن السيسي "يستمد
شرعية بقائه في السلطة من إقصائه وملاحقته لخصومه السياسيين، وخاصة الإخوان، وهو ليس
وحده في مساعي الإبادة هذه، وليس صاحب قرار في وقفها، لأن أصحاب القرار الحقيقيين يقيمون
هناك في أبوظبي، ومن يريد مصالحة فعليه أن يتجه إلى (قصر الوطن) حيث يقيم محمد بن زايد،
وليس إلى (قصر الاتحادية) حيث يقيم عبد الفتاح السيسي".
وقال:
"لم يتضمن بيان الإخوان في المؤتمر الصحفي، ولا بياناتهم السابقة، ولم يتضمن مقال
الدكتور حلمي الجزار دعوة أو إشارة إلى التصالح مع النظام، بل كان الحديث موجها بالأساس
إلى الشعب بكل فئاته، ودحض لحملات تشويه الإخوان التي برع النظام في تسويقها"،
منوها إلى أن خطاب الإخوان الجديد كان "أكثر انفتاحا على المجتمع، وأكثر تماسا
مع همومه الحقيقية، وأهمها وباء الكورونا".
ورأى
العربي أنه "من واجب كل القوى الوطنية، وفي مقدمتها الإخوان، التحرك صوب الشعب
أيضا، فهو ساحتها للعمل الوطني والعمل الدعوي، ولن يكون ذلك إلا بالوقوف إلى جانبه
فيما يمر به من أزمات، ومد يد العون بقدر المستطاع للمتضررين، فالمؤكد أن السيسي سيرحل
يوما ما، وسيبقى الشعب وسيتذكر من وقف معه ومن خذله".