مع ما
نتج عن انتشار فيروس
كورونا في أرجاء العالم من أزمة مالية، وتراجع في دخول الدول والأفراد، وخفض لأجور الكثيرين، إلا أنه لا يبدو أن الجائحة العالمية أثرت على
أجور كبار الفنانين
المصريين عن المسلسلات الرمضانية.
وفي الوقت ذاته، يتصارع لاعبو كرة القدم على كعكة التعاقدات والانتقالات بمبالغ خيالية،
حيث فجر مؤخرا عدد من لاعبي الكرة بالنادي الأهلي عدة أزمات، كان أكثرها إثارة للجدل
قضية اللاعب أحمد فتحي.
وتداولت
مواقع فنية ما قيل إنها قائمة بأجور الفنانين الكبار، مثل عادل إمام، الذي نال عن مسلسل
"فالنتينو" 40 مليون جنيه، يليه محمد رمضان بـ18 مليونا عن "البرنس"،
وأمير كرارة بطل "الاختيار" المسلسل المثير للجدل 11 مليونا، و9 ملايين لياسر
جلال عن "الفتوة".
ومن
صاحبات البطولات النسائية نيلي كريم، 7 ملايين جنيه عن مسلسل "100 وش"، وياسمين
عبدالعزيز، 5 ملايين بمسلسل "ونحب تاني ليه".
ومؤخرا،
تفجرت أزمة تجديد لاعبي الأهلي أحمد فتحي، وحسام عاشور، التي قابلها ناديا بيراميدز
والزمالك بعرض أرقام بلغت إحداها 50 مليون جنيه لفتحي.
"مبالغات"
وفي
إجابته عن سؤال "عربي21": "لماذا لا يراعي
الفنانون ولاعبو الكرة مشاعر
المصريين بهذه الأزمة؟"، قال الناقد الفني طارق الشناوي، إن "الأرقام المتداولة
لأجور الفنانين عبر بعض المواقع الصحفية موسمية، وبعيدا عن صحتها أو عدم صحتها، فهي
دائما خبر دائم مرتبط بشهر رمضان، ويكون فيه مبالغة أحيانا".
الكاتب
المصري أكد لـ"عربي21" أنه "بكل أحوال المصريين، ومن دون كورونا، فإنهم
يشعرون بأن الفنانين ولاعبي الكرة يحصلون على أجور عالية جدا".
ولفت
الناقد الفني الأشهر في مصر، إلى أن "هذا الواقع يزيد الإحساس لدى المصريين بأن
المبالغ التي يحصل عليها الفنانون أكثر مما يستحقون، ولكن هكذا الحياة".
وقال:
"لا أستطيع القول بعدم نشر الصحف لهذه الأخبار، فالصحافة لا بد أن تتمتع بحريتها
مع المصداقية والمسؤولية، فإذا كان الخبر صادقا وجب نشره".
وتساءل:
"ولكن لأي مدى تكون أخبار أجور الفنانين صادقة؟"، مجيبا: "بحكم ما لدي
من خبرة بالمجال الفني، فهناك مبالغات ببعض الأرقام".
ولكن
هل أخطأ لاعبو الكرة بالحديث عن ملايين التعاقدات والانتقالات دون مراعاة مشاعر المصريين
بهذا التوقيت الصعب؟
"عنوان
المرحلة"
وفي
إجابته، أكد الناقد والمحلل الرياضي، ناصر صادق، رفضه حالة الثراء التي يعيشها الفنانون
ولاعبو كرة القدم في ظل ما يعانيه ملايين المصريين من فقر، مشيرا إلى أن "عنوان
المرحلة السفة والسفاهة"، معتبرا أن "الكرة والفن لإلهاء الشعب".
وبحديثه
لـ"عربي21"، قال الحكم الدولي السابق لكرة القدم، إن "ما يسمون الفنانين
يحصلون على مبالغ خرافية ما بين 30 أو40 مليونا بالمسلسل والفيلم الواحد، بينما لا
هو فن ولا هم فنانون؛ لأنهم يقدمون غثاء يحض على الجريمة، والعنف، وفساد الأخلاق، والبطر
على النعم، والتمرد على الواقع".
وعن
لاعبي كرة القدم، دعا صادق لمحاسبة "كل من رفع أسعارهم"، متهما النادي الأهلي
والسعودي تركي آل الشيخ بأنهما السبب في رصد أرقام خيالية تثير علامات الاستفهام.
وأوضح
الإعلامي الرياضي أن "صفقة انتقال اللاعب صلاح محسن للأهلي بالعام 2018، بلغت 40
مليون جنيه برعاية آل الشيخ، أثارت طمع اللاعبين"، مستغربا أن يحصد
لاعبون 20
مليونا بالسنة ولا يجيدون اللعب؟
وأشار
إلى أن "الأزمة الحالية ليست في لاعب الأهلي أحمد فتحي فقط، بل هناك زميله حسام
عاشور، أيضا والذي طلب 20 مليونا بالسنة لتجديد تعاقده؛ بحجة أن لديه التزامات".
وأضاف
أن "آل الشيخ ونادي بيراميدز، تسببا بإفساد اللاعبين، حيث تم إغراء أحمد فتحي بمبلغ
50 مليونا بـ3 سنوات بدلا من عرض الأهلي للتجديد لسنتين بـ11 أو 12 مليون جنيه سنويا".
ودعا
الناقد الرياضي لتطبيق ما أسماه "قواعد اللعب النظيف المصرية وليس الأوروبية،
ووضع حد لا يتخطاه أجر أي لاعب بمليون جنيه سنويا"، محذرا من أن "تلك المبالغ
تفسد المجتمع، وتصنع حالة من البطر بين الشباب، وتزيد حالات الانتحار".
"قمة
الاستفزاز"
وفي
تعليقه على حالة التناقض التي يعيشها المجتمع المصري رغم جائحة كورونا، قال الناشط
العمالي "ي. أ" إنها "حالة مستمرة بمجتمعنا منذ سنوات، وتزداد عمقا، وتزداد
معها الفروق الطبقية".
الكاتب
والناشط العمالي تحدث لـ"عربي21"، شريطة عدم ذكر اسمه خوفا من البطش به،
أضاف أن "الأمور الآن ازدادت سوءا؛ بسبب إجراءات الحكومة غير العادلة بمواجهة كورونا".
ويعتقد
أن "الحكومة لا تحمي عمال القطاع الخاص الاستثماري بمواجهة جشع الرأسماليين الذين
هدد الكبار منهم الحكومة والعمال بتخفيض الأجور للنصف وتسريح أكثرهم".
وأكد
أن "قرارات وإجراءات الحكومة خدمت رجال الأعمال، دون العمال والموظفين إلا بالإجازة
الاستثنائية لأصحاب الأمراض المزمنة"، مضيفا أن "مبلغ 500 جنيه لن تفيد أحدا
بهذا الغلاء إن حصل عليها".
وأشار
إلى أن "لاعبي الكرة والفنانين يمثلون قمة الاستفزاز لمشاعر المصريين بمجرد قراءة
أخبار الملايين التي يقبضونها، ومقارنتها بالملاليم التي يقبضها العمال والموظفون وعمال
اليومية".