هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشكل مخلفات الحرب والذخائر غير المتفجرة واحدة من أكبر التحديات التي تعيق عودة النازحين في شمال غرب سوريا إلى منازلهم التي هجروا منها، جراء العمليات العسكرية التي شنتها قوات النظام في أرياف إدلب وحلب، في وقت تطالب فيه جهات طبية بتقليص أعداد النازحين في المخيمات، تجنبا لتداعيات كارثية في حال وصول فيروس كورونا إليها.
وبعد مضي نحو شهر ونصف على بدء
سريان وقف إطلاق النار، وفق الاتفاق التركي-الروسي الأخير في "موسكو" حول
إدلب، فما زالت المخيمات المؤقتة المتناثرة على الشريط الحدودي التركي شمال إدلب مكتظة،
وتؤوي قرابة 1.3 مليون نازح.
وأوضح مدير فريق "منسقو
استجابة سوريا"، محمد الحلاج، أن مخلفات الحرب تعد من أبرز المشكلات التي تعيق
عملية إعادة النازحين، إلى مدنهم وبلدانهم القريبة من خطوط التماس.
وقال الحلاج لـ"عربي21"،
إن مخلفات الحرب تجعل العودة إلى المدن والبلدات القريبة من خطوط الاشتباك السابقة
غير آمنة، ومحفوفة بالمخاطر، مؤكدا أن العديد من الأبنية والحقول التي تعرضت لقصف سابق، ما زالت تحتوي على ذخائر غير متفجرة.
وأضاف أن انتشار المخلفات في
مساحات واسعة، يجعل إزالتها والتعامل معها من قبل الفرق المتخصصة، أمرا صعبا للغاية.
اقرأ أيضا: نازحون يخاطرون بمغادرة المخيمات إلى إدلب خوفا من كورونا
وحول آلية التعامل مع مخلفات
الحرب، أوضح مسؤول الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في إدلب، عبد الله الطويل، لـ"عربي21"
أن "فرق إزالة الذخائر في منظمة الدفاع المدني تتوجه فور الإبلاغ عن وجود مخلفات
الحرب إلى الموقع، وتقوم بمسح المكان بشكل كامل، ثم يتم التعامل مع الذخائر أو القنابل
غير المتفجرة".
وبيّن أن فريق إزالة الذخائر
في الدفاع المدني يعمل منذ العام 2016، مشيرا إلى وجود 6 مراكز إزالة تتوزع في إدلب
وحلب، يعمل فيها نحو 100 عنصر، مضيفا أن الفرق أتلفت منذ تشكيلها ما يزيد على 44 ألف ذخيرة
غير متفجرة.
وأضاف الطويل أن استهداف مناطق
جنوب إدلب وشرقها بكميات كبيرة من الذخائر، وعدم تفجر قسم منها يشكل خطرا على المدنيين
الذين يفكرون بالعودة إلى مناطقهم بعد رحلة النزوح القسري.
وأكد أن فرق الدفاع المدني أحصت
مؤخرا وجود 79 منطقة ممتلئة بالذخائر غير المنفجرة، منها قرى ومناطق جبل الزاوية والنيرب
وسرمين وقرى ريف سراقب الشمالي، مشيرا إلى تنفيذ "الخوذ البيضاء" حملات توعية
للأهالي والأطفال حول خطر الذخائر غير المنفجرة.
معوقات عودة النازحين
وإلى جانب مخلفات الحرب، يعتبر
نقص الخدمات الضرورية (المياه، الخبز، الكهرباء، الخدمة الطبية) كذلك واحدا من بين
الأسباب التي تضعف العودة، وفق ما أكد محمد الحلاج الذي أكد أن هناك أسبابا أخرى،
منها الخوف من تجدد العمليات العسكرية، وكذلك تصدع العديد من الأبنية، ما يزيد من
نسب الخطر.
وحسب إحصائيات شبه رسمية، فقد عاد
نحو 11 ألف نازح في إدلب إلى منازلهم، بعد سريان وقف إطلاق النار في الخامس من آذار/
مارس الماضي، فيما يبلغ العدد الكلي للنازحين نحو مليون و41 ألفا.
وقبل أيام، حذرت هيئة الإغاثة
الإنسانية التركية (IHH) من كارثة إنسانية قد تعصف بالمدنيين السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام،
في حال انتقال عدوى وباء كورونا إلى مخيمات النازحين البدائية، التي يكاد يكون الحفاظ
فيها على التباعد الاجتماعي معدوما.
وأكد نائب رئيس الهيئة، أرهان
يَمَلَك، ضرورة حماية قرابة المليون نازح يقطنون في مخيمات بدائية بريفي محافظتي إدلب
وحلب (شمالا)، واتخاذ التدابير اللازمة لوقايتهم من وباء محتمل، مشيرا إلى أن هؤلاء
المدنيين هم بالأصل ضحايا الحرب الداخلية، وأي وباء محتمل سيزيد معاناتهم أضعافا مضاعفة.
اقرأ أيضا: تحذيرات من كارثة في المخيمات السورية إذا وصلها كورونا
وفي ما يتعلق بإحصائيات
فيروس كورونا، فقد شككت مصادر سورية بالأرقام التي أعلن عنها النظام السوري لإصابات كورونا
في مناطق سيطرته، وأوردت أرقاما نقلا عن مصادر غير رسمية، للعدد المُسجل في المحافظات
السورية.
وفيما يؤكد النظام السوري أن
عدد الإصابات في سوريا، بلغ 29، شفي منها 5 وتوفيت حالتان، ذكر مركز
"جسور للدراسات" في إحصائية تسلمتها "عربي21"، الثلاثاء، أن عدد
الإصابات وصل إلى 221 حالة.
وعزا المركز التفاوت بين الأرقام
الرسمية والمُسجلة إلى "غياب الشفافية والمسؤولية وضعف القدرة لدى النظام على
مكافحة الوباء، الذي يمثّل التحدي الأكبر بالنسبة له ولبقية أطراف الصراع السوري".
وتصدرت دمشق وريفها قائمة المدن
السورية الأكثر تسجيلا لإصابات كورونا، تلتها حماة، وحلب.
الجوع أخطر من كورونا
مصادر من داخل مناطق سيطرة النظام،
أشارت إلى عدم التزام السكان بالإجراءات الوقائية التي يفرضها النظام السوري في مناطق
سيطرته، وتحديدا المتعلقة بعدم التجوال في ساعات محددة.
وعزت المصادر ذلك في حديثها
لـ"عربي21" إلى الوضع الاقتصادي المتردي، وعدم توفر الاحتياجات التي تساعد
الأهالي على البقاء في المنازل، مشيرة إلى أن الجوع يمثل خطرا أكثر من كورونا.
وقال العضو السابق في المكتب
التنفيذي في المجلس المحلي لمدينة حلب، عبد اللطيف طبشو، لـ"عربي21"، إن
تحصيل لقمة العيش في سوريا، أهم بكثير من الإصابة بكورونا.
وأوضح أنه في ظل التضخم السائد
في الأسواق السورية، يعد تأمين الغذاء بالحد الأدنى واحدا من أهم التحديات اليومية
التي تواجه الشعب السوري.
استهتار
في المقابل، أكد طبشو أن عدم
الالتزام بالإجراءات يعود في بعض الأحيان إلى طبيعة الشعب السوري الذي اعتاد على التمرد
على كل القرارات، لعدم جدواها غالبا.
وفي مناطق سيطرة المعارضة، لا
يختلف الحال كثيرا، إذ تسجل الأخيرة حركة شبه طبيعية في الأسواق، وذلك على الرغم من
الدعوات إلى التقليل من التجمعات.
اقرأ أيضا: FT: الوضع الصحي في سوريا محطم وغير مهيأ لمواجهة كورونا
وفي هذا السياق، قال نقيب الأطباء
في الشمال السوري، محمد وليد تامر، إنه حتى الآن، هناك استهتار شعبي بفيروس كورونا، والحركة
في الأسواق وغيرها من التجمعات ما زالت اعتيادية، ومرد ذلك إلى مقارنة الأهالي الفيروس
بالحرب التي عاشوها.
وأضاف لـ"عربي21"،
أن الأهالي يقللون من شأن انتشار كورونا، ويتحدثون عن الحروب والبراميل المتفجرة التي
ألقاها نظام الأسد على المناطق المأهولة بالسكان، في نوع من الاستهتار.
وحسب نقيب الأطباء، فإن من الضروري
إجبار الأهالي على الالتزام في المنازل، داعيا في السياق ذاته، إلى إغلاق كل المراكز
الصحية والمشافي، والاكتفاء باستقبال الحالات الإسعافية الضرورية.
ومقابل إعلان النظام عن إصابة
29 حالة مؤكدة بفيروس كورنا، لم تعلن المعارضة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)
بعد عن تسجيل أي إصابات أو وفيات في مناطق سيطرة كل منهما.