صحافة دولية

عمدة لندن: كورونا يقتل الأقليات أكثر وعلينا معرفة السبب

"لا يخفى على أحد وجود رابط بين الصحة وغياب المساواة الاقتصادية الاجتماعية"- جيتي
"لا يخفى على أحد وجود رابط بين الصحة وغياب المساواة الاقتصادية الاجتماعية"- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لعمدة لندن، صديق خان، ذكّر فيه بأن مرض "كوفيد-19" لا يستثني أحدا، لا الصغار ولا الكبار ولا الفقراء ولا الأثرياء ولا أهل الشمال ولا أهل الجنوب، بحسبه.


واستدرك خان: "لكن هذا لا يعني أن آثار هذه الأزمة موزعة بالتساوي. وكل يوم نعيش هذا الوباء نكتشف أن فكرة كونه مرضا ساوى بين الناس هي ليست سوى أسطورة".


ويشير في هذا الإطار إلى أدلة على أن السود والآسيويين والأقليات الإثنية تأثرت بالمرض بنسبة أكبر، فبالرغم من كون هذه الفئة تشكل 14 بالمئة من المجتمع البريطاني، إلا أن أبناءها يشكلون ثلث حالات كورونا الحرجة في المستشفيات، بحسب دراسة حديثة.


و"أسباب عدم التساوي كثيرة ومختلفة"، بحسبه، "فنحن نعرف أن الأشخاص من هذه الخلفية هم الأكثر تعرضا للعمل في وظائف في الخطوط الأمامية – سواء كان ذلك في الخدمات الصحية الوطنية، والعاملين في الرعاية، أو في أسواق السوبرماركت وسائقي الباصات".

 

وأوضح أنهم يشكلون في خدمات الصحة الوطنية نحو 40 بالمئة من الأطباء و20 بالمئة من الممرضين. وفي لندن يشكلون 67 بالمئة من العاملين في الرعاية الاجتماعية، وهذا يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد.


ولكن أحد أكبر العوامل الذي يؤدي إلى هذا الفرق في الوفيات هو أن مجتمعات السود والآسيويين والأقليات الإثنية فقيرة. وهي حقيقة غير مريحة، ذلك أن نسبة من يعيش من هذه الإثنيات في حالة فقر وظروف سكن مكتظة، حيث يعيش أكثر من جيل من نفس العائلة في بيت واحد، مرتفعة جدا.


كما أنهم الأكثر احتمالا أن يعيشوا في حالة فقر ويعملوا في وظائف منخفضة الأجور، يضيف "خان"، إذ إن كثيرا منهم ليس لديه إمكانية العمل من بيته خلال فترة الإغلاق. كل ذلك يسهم في صحة أسوأ من المعدل للأشخاص من هذه الخلفية مقارنة بغيرهم، فضلا عن تسبب كل ذلك أيضا بانتشار زائد لأمراض مثل مرض القلب والأزمة والسكري في أوساطهم.


وبحسب ما نعرفه عن كوفيد-19 وكيف يهاجم من لديهم أمراضا معينة، فإنه ليس غريبا أن يكون الأشخاص المنحدرين من الأقليات الإثنية اكثر عرضة لأن يصابوا به ويموتوا.

 

اقرأ أيضا: "عنصرية كورونا".. ارتفاع معدل وفيات السود بأمريكا.. لماذا؟


ويقول: "لا يخفى على أحد وجود رابط بين الصحة وغياب المساواة الاقتصادية الاجتماعية – بالتأكيد لا يخفى ذلك على الأشخاص الذين يعيشون هذه الحياة ولا على المؤسسات الخيرية ولا على الناشطين والمنظمات بما فيها البلديات والتي كانت تحارب هذا الظلم لسنوات. ولكن أحد التداعيات غير المتوقعة لهذه الأزمة هي أنها كشف عمق عدم المساواة الموجودة بشكل واضح للعيان".


ويضيف: "طبعا أنا أرحب بإعلان الحكومة الأسبوع الماضي بأنها ستقوم ببحث أسباب تأثر الأشخاص من السود والآسيويين والأقليات الإثنية الأخرى بشكل أكبر من مرض كوفيد-19. ولكن نعلم مسبقا ماذا ستكون نتيجة البحث والعمل الذي يجب أن القيام به".


وما يمكن أن يكون مفيدا الآن، بحسب خان، هو التزام بجمع البيانات ونشرها بحيث يغطي كل الأشخاص الذين تأثروا بفيروس كورونا كي نستطيع فهم والتجاوب مع هذه المخاوف.

 

حاليا نعرف عمر وجنس كل من يصاب بفيروس كورونا ويموت بسببه ولكن ليست لدينا معلومات إضافية يمكن الاعتماد عليها مثل إثنية المريض.

 

ويوضح أنه لو تم جمع تلك المعلومات مباشرة ونشرها لساعد ذلك في تشكيل صورة حقيقية حول حجم المشكلة وتوفر الأدلة حول كيف يمكن حماية تلك المجتمعات من الفيروس. ولا تكفي الوعود بتوفير هذه البيانات لاحقا – نريد أن تجمع هذه المعلومات وتنشر الآن. فليس هناك سبب مقنع بالانتظار.


ولا بد أنه سيكون هنالك من يقول بأن الأمر لا علاقة له بإثنية الشخص، يضيف خان. ويعلق بالقول إنه حتى لو كان الأمر صعبا بالنسبة للبعض بأن يعترف، لا يمكننا أن نهمل حواجز التمييز والعنصرية الموجودة في مجتمعنا والتي تساعد على جعل الأقليات الإثنية أكثر احتمالا أن تعاني من الفقر والأوضاع الصحية السيئة والعمل في وظائف غير مضمونة وأجورها متدنية.


ولذلك يجب أن يكون هذا بمثابة جرس إنذار للبلد ومساعدا على تغييرات جذرية وعميقة، "وأفتخر بكوني أحد سكان لندن وأتحدث دائما كيف لا يمكن لشخص مثلي – ابن سائق باص وأبواه مهاجران وهو مسلم – أن يصل إلى المنصب الذي وصلت إليه في أي بلد أخر. ولكن أريد أن نكون أفضل من ذلك حتى وأن نتحلى فعلا بالقيم البريطانية، الإنصاف والمساواة والعدالة للجميع.


ويرى خان أنه "عندما تنتهي الأزمة، ستكون هنالك حاجة لصياغة عقد اجتماعي جديد يدعم المساواة الاقتصادية والعنصرية وتجعل رعاية شؤون كل المجتمعات متاحة في هذا البلد".

 

وهذه، بحسبه، ستكون أفضل طريقة نحيّي فيها كل الأشخاص الشجعان الذين ضحوا بأرواحهم على الخطوط الأولى للمعركة، "وهي الطريقة الوحيدة لإيجاد بلد حيث لا يتكرر أبدا أن تكون إثنية الشخص أو خلفيته أو وضعه الاقتصادي يشكل فرقا من حيث الحياة والموت".

التعليقات (0)