هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
من المنتظر أن يجتمع البرلمان
المصري لإقرار تعديلات وافقت عليها "اللجنة التشريعية" على نصوص "قانون
الطوارئ"؛ والتي استهجنها نشطاء ومعارضون، واعتبروا أنها تمنح رأس النظام سلطات
غير مسبوقة بجانب ما منحته "التعديلات الدستورية" قبل عام من سلطات.
وفي الوقت الذي تعاني فيه مصر
من تبعات انتشار فيروس كورونا الاقتصادية والصحية؛ يرى خبراء ومختصون بالقانون أن رئيس
الانقلاب عبدالفتاح السيسي، استغل جائحة كورونا
لتعزيز صلاحياته.
ووافقت لجنة الشئون الدستورية
والتشريعية بمجلس النواب، السبت الماضي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الطوارئ
الصادر بالقانون رقم 162 لسنة 1958.
ملامح التعديلات
ومن أهم ملامح تلك التعديلات
المثيرة للجدل: "حظر الاجتماعات العامة والخاصة والمواكب والتظاهر والاحتفالات
وغيرها من أشكال التجمعات". وكذلك، "حظر تصدير بعض السلع والمنتجات خارج البلاد،
ووضع قيود على تداول بعض السلع والمنتجات أو نقلها أو بيعها أو حيازتها، وتحديد سعر
بعض الخدمات أو السلع أو المنتجات".
إلى جانب "تحديد طريقة جمع
التبرعات المالية والعينية لمواجهة الحالة الطارئة، وقواعد تخصيص هذه التبرعات والإنفاق
منها".
وأيضا "فرض الرقابة على
أعمال المختبرات العلمية والبحثية والمعملية فيما يتعلق بالتعامل مع المواد البيولوجية،
وتشديد الإجراءات على حيازتها واستخدامها ونقلها، وكذا على الأجهزة المعملية التى تستخدم
فى ذلك، وتحديد ضوابط التخلص من المخلفات والنفايات البيولوجية".
بالإضافة إلى النص على
"تقرير دعم مالي أو عيني للقطاعات الاقتصادية المتضررة، وتحديد قواعد صرفه للمنشآت
والشركات والمشروعات المختلفة".
تلك التعديلات تأتي في الوقت
الذي حاز فيه رئيس الانقلاب على صلاحيات كبيرة وواسعة إثر التعديلات الدستورية التي
تمت قبل عام وجعلته يهيمن على قطاعات عديدة وسيادية في الدولة وتنتقص من استقلال القضاء
وتمنحه فرصة لحكم مصر حتى 2030.
كما أن هذه ليست التعديلات الأولى
التي يقوم بها نظام السيسي، حيث قام بتعديلات لقانون الطوارئ في 11 نيسان/ أبريل
2017، تسمح للشرطة بالقبض على المشتبه فيهم دون إذن مسبق من النيابة العامة، واحتجاز
كل من يمثل "خطرا على الأمن العام" لمدد مفتوحة دون تحقيق قضائي أو توجيه
اتهام".
"خائف
منذ 20 نوفمبر"
وفي تفسيره لأسباب لجوء السيسي
لهذه التعديلات رغم ما حصل عليه من صلاحيات بالتعديلات الدستورية، قال أحد السياسيين
المصريين: "يبدو أن رأس النظام خائف من الانقلاب عليه، ويتحسس من تهييج الشارع
ضده في ظل معاناة المصريين بجائحة كورونا، وبخاصة عدم قدرة الفقراء على توفير بعض السلع
والخدمات".
السياسي الذي رفض ذكر اسمه، أضاف
بحديثه لـ"عربي21": "ولهذا يحاول السيسي أن يفرض قبضتة الأمنية بشكل
كبير مستغلا أزمة كورونا؛ خاصة وأنه يعلم أنه يمكن استغلال الوضع الاقتصادي والصحي
ضده وأيضا أزمة عودة المصريين من الخارج".
وأشار إلى أن أزمة السيسي متواصلة
منذ التظاهرات الشعبية التي دعا لها المقاول المعارض من الخارج محمد علي، ضده في تشرين
الثاني/ نوفمبر 2019، والتي شهدتها عدة مدن مصرية إثر تسريبات طالت تعاملاته المالية
هو وأسرته وبعض قادة الجيش.
"هنا
تكمن المشكلة"
وفي رؤيته لمدى خطورة تلك التعديلات
على واقع مصر ومستقبلها، أشار نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية مجدي حمدان موسى، إلى
بند "حظر تصدير بعض السلع والمنتجات خارج البلاد، ووضع قيود على تداول بعض السلع
والمنتجات أو نقلها أو بيعها أو حيازتها".
موسى، قال لـ"عربي21":
"هنا تكمن المشكلة"، متسائلا: "ما هي السلع التي ستضع عليها قيود؟".
وأضاف: "في ظل أزمة كورونا
فإن الهيئات والأفراد لديهم إدراك عالي وقدرة على وقف الاجتماعات العامة، فلم يختص
الاجتماعات الخاصة بالمنع بجانب الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهر والاحتفالات وغيرها
من أشكال التجمعات؟".
ويعتقد موسى أن هذا يعني أنه
"سيتم تحديد عدد الاجتماعات، وهو ما يخالف
قانون التظاهر الذي ينص على أن تجمع عدد معين يعني عدم خضوعهم لقانون التظاهر"،
مشيرا إلى أنه "بهذا يتم تدمير تلك المواد دستوريا وقانونيا".
واستغرب موسى إقرار بند يخص ضوابط
التخلص من النفايات، مشيرا إلى أن "هناك قواعد محددة لهذا الأمر ضمن قوانين واختصاصات
وزارة البيئة، وهو مايبعث على التساؤل حو ماهية هذه الضوابط".
وتساءل نائب رئيس حزب الجبهة
الديمقراطية: "لماذا من الأساس التفكير في تعديلات قانون هو في الأصل مقيد للتحركات
والحريات؟ مشيرا لحالة "الغموض الشديد حول الأمر".
وقال إنه "لا توجد دولة
بالعالم في ظل تلك الجائحة فكر مسؤولوها في تعديل القوانين إلا في مصر"، مضيفا:
"وهنا تكمن ضبابية المشهد". مستغربا أن يقوم النظام بهذا التعديل وهو "يملك
كل الصلاحيات وخاصة بعد تعديلات قانون الطواري منتصف 2017، والتعديلات الدستورية في
2019. وتمديده لقانون الطوارئ بشكل دوري كل 3 أشهر".
"نحن
في خطر"
وقال القاضي المصري المستشار
أحمد ضياءالدين، إن "خطورة تلك التعديلات تكمن في تثبيت حكم النظام العسكري الحاكم
وعصابته مدى الحياة وتأمينهم".
وأكد لـ"عربي21" أن
"النظام لا يحتاج لجانا تشريعية، ولا إقرار ما شابه من قوانين عبر البرلمان فهو
لا يتعامل مع المصريين سواء داخليا أو خارجيا على أنهم من البشر".
وأكد أنه "للأسف؛ نحن كمصريين
في خطر في ظل هذا النظام لأننا لم نعد في دولة بل نحن في غابة".
"لسنا في دولة قانون"
وفي تعليقه قال أحد قضاة مصر
السابقين، إن "الأمر لا يستحق عناء متابعة ما يصدره البرلمان من قوانين وتعديلات؛
لأننا لسنا في دولة سيادة القانون".
وأكد لـ"عربي21"، رافضا
ذكر اسمه، أن "جميع القرارات تصدر وفقا لهوى السلطة الحاكمة سواء وافقت صحيح القانون
أو لم توافقه".
وأشار إلى أن "الأمور لم
تعد تقاس بمدى قانونيتها من عدمه بقدر مدى رضاء السلطة بها".
وأوضح أن "النصوص القانونية
للأسف لم تعد سوى حبرا على ورق لا يلقى لها بالا إذا ما خالفت رغبة النظام الحاكم".
وختم القول: "ولذلك فالاهتمام
كثيرا بدراسة ما يصدره البرلمان من قرارات وقوانين وبحث تأثيرها على الأوضاع السياسية
والحريات العامة غير ذي جدوى، فقد زُهِقت واستراحت".
اقرأ أيضا: خطوات نحو منح السيسي سلطات شاملة في غمرة "كورونا"