هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسببت تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، وما تبعها من إجراءات احترازية في مصر كحظر التجول، ومنع إقامة الأسواق، والتي تزامنت مع موسم رمضان الذي يبدأ في شعبان، إلى تضرر العديد من المظاهر الاجتماعية والدينية التقليدية الخاصة بشهر رمضان الكريم.
وللمرة الثانية مددت السلطات المصرية قرار حظر التجول الجزئي الذي يبدأ من الثامنة مساء وحتى صباح اليوم التالي، وحظرت إقامة أي فعاليات أو أسواق شعبية، أو شوادر لبيع منتجات شهر رمضان كالزينة والفوانيس والخيامية وغيرها من مظاهر الاحتفال التقليدية.
وكان عدد كبير من التجار والمستوردين وأصحاب المحلات يأملون في أن تنتهي فترة الحظر الأولى في التاسع من نيسان/ إبريل الجاري لفتح الباب أمام بيع البضائع المتكدسة في المستودعات والمخازن والورش الصغيرة التي اكتظت بالبضاعة.
اختفاء مظاهر الاحتفال
ورصد مراسل "عربي21" إقبالا ضعيفا من المواطنين على شراء فوانيس رمضان، رغم حرص بعض الأسر المصرية على شراء الفانوس والخيامية والزينة، ولكن هذه العام خلت الشرفات، والشوارع وأعمدة الإنارة والميادين من تعليق الزينة والأنوار المعبرة عن بهجة المسلمين بقدوم الشهر الكريم.
كما اكتظت المحلات الكبيرة بالفوانيس الرمضانية من كل الأشكال والأنواع والأحجام رغم تراجع الأسعار نسبيا مقارنة بالعام الماضي بنحو 10% وتراوح سعر الفانوس الصغير من 15 – 30 جنيها، والفانوس المتوسط ما بين 45 وحتى 80 جنيها، والفوانيس الكبيرة ما بين 120 و250 جنيها بحسب جودة الفانوس. (الدولار يساوي 15,7 جنيها)
اقرأ أيضا: رمضان السابع للمعتقلين بمصر.. كيف ضاعفت كورونا آلامهم؟
وقال أحد المواطنين لـ"عربي21": "نشعر بالأسى لعدم تمكننا من شراء زينة رمضان ومشاركة الجيران في تعليقها بين أعمدة الإنارة مثل كل عام، كنا نسهر طوال الليل في مساعدة البعض لتعليق الفوانيس وأشرطة الزينة الملونة، ولكن هذا العام الشوارع والمنازل فارغة من أي مظاهر".
كورونا تضرب فوانيس رمضان
وأكد نائب رئيس شعبة لعب الأطفال بغرفة القاهرة التجارية، بركات صفا، أن "موسم زينة رمضان وما يتعلق به من فوانيس وخيامية وأنوار تعرض لانتكاسة بسبب الحظر المفروض، خاصة وأن الزينة والأنوار تعلق ليلا، والحظر يبدأ من الليل حتى صباح اليوم الثاني، وتعتمد المبيعات على الشوادر التي تقام في الأحياء والشوارع، وكنا نأمل أن لا يزيد الحظر عن أسبوعين، وينتهي في التاسع من أبريل الماضي، ولكن قرار مده كان بمثابة الرصاصة الأخيرة في موسم رمضان".
وبشأن طبيعة الضرر الذي لحق بالتجار والورش والعمال، أكد لـ"عربي21" أن "موسم فوانيس رمضان هذه المرة 100% مصري، وبالتالي الصناعات الصغيرة، والورش، والأسر المنتجة تضررت من استمرار الحظر؛ لأنها كانت تنتج طوال العام وتأمل في البيع في موسم رمضان، والآن المبيعات لا تذكر، ومحدودة للغاية بالطبع بسبب الأزمة".
ودعا صفا الدولة "لمساعدة الفئات المتضررة من أصحاب الورش والعمال والصناعات الصغيرة؛ لأن هؤلاء أصبح لديهم مخزون للعام القادم بعد تراكم البضاعة في الورش والمخازن، ولن يكون هناك تصنيع أيضا للموسم القادم لأن البضاعة موجودة، وبالتالي دورة رأس المال سوف تتوقف لعدم وجود سيولة للإنتاج"، مشيرا إلى أن "هناك مساعدات مختلفة كالإعفاء من الإيجارات، أو إعانات مالية لأن أصحاب العمل لا يمكنهم أن يوفوا مرتبات وأجور العمال كاملة".
من جهته؛ أكدت الإخصائية الاجتماعية، أميرة عطية، بإحدى المدارس الإعدادية، أن "جائحة كورونا أثرت ليس فقط على زينة وبهجة شهر رمضان، بل على التقارب الأسري والعائلي في مصر، التي ترتبط بعادات أصيلة في هذا الشهر من خلال التزاور وتناول الإفطار سويا".
اقرأ أيضا: NYT: كورونا يقضي على طقوس رمضان بمصر وهكذا يريده السيسي
وأشارت إلى أن "العديد من الأسر المغتربة في العاصمة أو المحافظات الصناعية ستحرم من التزاور، وبعض الأطفال الذين يصومون الشهر لأول مرة سيحرمون من تعليق الزينة ومتعة الإفطار الجماعي وصلاة التراويح، ولكن على أسرهم أن تعوض ذلك بسرد الذكريات الجميلة لهم".
تراجع ظاهرة الفوانيس
من جهته، قال رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية سابقا، أحمد شيحة، إن "كل فوانيس ولعب ومستلزمات رمضان كالزينة والأنوار يجلبها المستوردون قبل شهر رمضان بشهر أي في شهر شعبان، أو قبل ذلك، وحجم الاستيراد ليس كبيرا مقارنة بالسنوات الماضية، خاصة مع اندثار فكرة الفانوس لدى الكثير من الأسر المصرية".
وأوضح لـ"عربي21": أن "ظاهرة فوانيس رمضان أخذت في التراجع منذ ثلاث سنوات على الأقل؛ لكن مستوردي لعب الأطفال يجلبون ألعابا مختلفة الأشكال ليس لها علاقة بفانوس رمضان، ويضعون فيها أغاني رمضان الشهيرة، ويطلقون عليها فوانيس، كالدمى على شكل اللاعب محمد صلاح".
وعن تراجع تلك العادة القديمة، أكد أن "الفانوس التقليدي المعروف بشكله التراثي تم منعه من الاستيراد"، مشيرا إلى أن "الفانوس المكون من الصاج والألواح الملونة ويشعل بداخله الشمع لم يعد متداولا لأنه غير آمن، ولم يعد مطلبا إلا في بعض الأماكن في المقاهي والمطاعم والكافيهات كرمز من رموز الشهر الكريم، وتم استبدال الشموع باللمبات الكهربائية".