صحافة إسرائيلية

تقدير إسرائيلي: أزمة كورونا تفرض برودا على العلاقات مع الصين

 أجرت وزارة الصحة الإسرائيلية محادثات مع شركة BGI الصينية منذ أواخر آذار/مارس لبناء مختبر ضخم لإجراء اختبارات فيروس كورونا- جيتي
أجرت وزارة الصحة الإسرائيلية محادثات مع شركة BGI الصينية منذ أواخر آذار/مارس لبناء مختبر ضخم لإجراء اختبارات فيروس كورونا- جيتي

قالت مستشرقة إسرائيلية إن "أزمة فيروس كورونا قد تجلب حالة من البرود في العلاقات الإسرائيلية الصينية، فليس الجميع في إسرائيل، خاصة المؤسسة الأمنية، متحمسين للتعاون مع شركة صينية كبيرة في المعركة ضد الفيروس، مع أن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة، بنى أرقامه المعلنة في زيادة الفحوصات اليومية على توقع التعاون مع الشركة الصينية BGI أوائل نيسان/ أبريل، التي تضم أكبر شركة DNA وعلم الوراثة في العالم".


وأضافت كسينيا سفيتلوفا في مقالها على موقع "المونيتور"، ترجمته "عربي21" أن "المشكلة تكمن في أن الطريق للتعاون الإسرائيلي مع العملاق الصيني مليء بالعقبات، أهمها الانتقادات الحادة من كبار شخصيات المؤسسة الأمنية، والمتخصصين في إسرائيل، ممن أعربوا عن مخاوفهم أن هذا التعاون يعرض قواعد البيانات الإسرائيلية الحساسة للصين، فضلا عن الضغط الأمريكي على تل أبيب للتراجع عن علاقتها الناشئة مع بكين".


وأشارت سيفاتلوفا، العضو السابق بلجنة الخارجية والأمن بالكنيست، أن ذلك "يطرح سؤالا حول تأثير العمر المتوقع للفيروس على العلاقة الوثيقة التي طورتها إسرائيل والصين خلال العقد الماضي، مع أن إسرائيل تواجه خيارات صعبة، فقد أجرت محادثات مع BGI وشركائها منذ أواخر آذار/ مارس لبناء مختبر ضخم لإجراء اختبارات الفيروس، والحصول على المعدات اللازمة لإجراء آلاف الاختبارات في اليوم".


وكشفت سيفاتلوفا، التي أعدت تقارير من سوريا ولبنان وليبيا ومصر وتونس والخليج العربي، وتتحدث الإنجليزية والروسية والعربية، أن "من بين المشاركين في المحادثات رئيس الموساد يوسي كوهين وممثلين عن وزارات الحرب والخارجية والصحة، لكن الكثيرين أعربوا عن انزعاجهم الشديد خشية انتهاك الصين لخصوصية الإسرائيليين، وتوفر معلومات شخصية حساسة للشركة الصينية، ونتيجة لذلك، تم تعليق التفاهمات معها".


الجنرال يوحانان لوكر رئيس شركة كلاليت للتأمين الصحي "رفض العمل مع شركة BGI، معترضا على وصولها لقواعد بيانات شركته وغيرها من البيانات الحساسة عن عملائها الإسرائيليين، ومع استمرار الانتقادات لوزارة الصحة لفشلها بإجراء اختبارات كافية، فقد وقعت في النهاية عقدا مع BGI، وأعلن وزير الخارجية يسرائيل كاتس أن أول شحنة من مجموعات اختبارات للفيروسات، ستصل إلى إسرائيل الأسبوع القادم".


وأكدت أن "كل ذلك يكشف عدم وجود إجماع داخل القيادة الإسرائيلية، بل مزيدا من الجدل الحيوي والانتقادات الحادة للتعاون الإسرائيلي مع الصين، بصورة أصبحت أكثر حدة من أي وقت مضى، مصحوبة بالضغوط الأمريكية وقضايا الخصوصية، والخوف من تطوير الاعتماد على الصناعة الصينية".


تومي شتاينر، كبير الباحثين بمعهد السياسات والاستراتيجيات بالمركز متعدد التخصصات في هرتسليا، قال "إن الكثيرين في إسرائيل قلقون بشأن وصول المعلومات الحساسة لأيدي الشركات الصينية، بغض النظر عما إذا كانت خاصة أم حكومية مملوكة، مع أن علاقات إسرائيل بالصين يرجح أن تهدأ على المديين المتوسط والطويل، في الغالب بسبب الولايات المتحدة".


جوليا شولمان، كبيرة مديري المشاريع الخاصة في المؤسسة الأمريكية للدفاع عن الديمقراطيات، أشارت إلى أن "أمام إسرائيل فرصة حقيقية للاعتراف بمدى ضعفها، ومدى اعتمادها على الشركات الصينية، وينبغي أن يكون تفشي الفيروس دعوة لها للاستيقاظ، لأنه كشف عن اعتمادها على الصين كمصدر عالمي، مع أنها اليوم تسيطر على 15% من الاقتصاد الإسرائيلي".


وأضافت أنه "فيما تفتقر إسرائيل اليوم للمعدات الطبية، لكنْ لديها أيضا نقص في البيض والجبنة، فيما تمتلك مجموعة برايت فود، المملوكة للصين 56% من شركة تنوفا الإسرائيلية للأجبان والألبان، وهي أكبر تعاونيات سابقة لتصنيع الأغذية في إسرائيل، ومتخصصة في البيض ومنتجات الألبان، مما يتطلب أن يشجع كورونا إسرائيل على تنويع شراكاتها التجارية، والانفتاح على دول كالهند وسنغافورة".


وأوضحت أن "علاقات إسرائيل والصين تشمل التكنولوجيا والبنى التحتية والجامعات،وشهدت علاقاتهما الاقتصادية زيادة مطردة على مدى السنوات الماضية، واستثمرت الصين مبالغ كبيرة بمشاريع البنى التحتية الإسرائيلية، وكانت شريكة بمبادرات مهمة، كبناء الخط الأحمر وهو أول امتداد لخط سكة حديد خفيف من بتاح تكفا إلى تل أبيب، والعمليات في ميناء حيفا، وبناء ميناء أشدود وحفر أنفاق الكرمل وعشرات المشاريع الأخرى".


وأكدت أن "الصين تستورد الكثير من التكنولوجيا من إسرائيل إلى درجة تزعج الأمريكيين، وفي 2019 طالبت واشنطن أن تفرض تل أبيب ضوابط أكثر صرامة على مبيعاتها التكنولوجية إلى بكين، وحينها شكلت الحكومة الإسرائيلية لجنة لتقييد الاستثمارات الصينية فيها، وهو ما أوصى به أعضاء الكنيست المعارضون وخبراء التكنولوجيا الإلكترونية منذ سنوات".

 

وأشارت أن "الصين تواصل سياستها للتعاون مع إسرائيل، فوقعت اتفاقية مع مدينة أسدود للمشاركة في مبادرة الحزام والطريق في بكين، وتعهدت ببناء برجين تجاريين في المدينة، ومركز لوجستي كبير في القسم الخلفي من الميناء، ونظام سكك حديدية خفيفة، ومعهد أكاديمي تتعاون عبره الجامعات الإسرائيلية والصينية، مع أن العديد من الخبراء الإسرائيليين انتقدوا خصخصة الموانئ، لأنه يشكل تهديدا وجوديا لأمن إسرائيل".


وختمت بالقول بأنه "في عصر كورونا، يحتاج أكثر المؤيدين الإسرائيليين حماسة للتعاون الاقتصادي مع الصين، لموازنة الفرص مقابل المخاطر التي تعرضت لها خلال الأزمة الحالية، وبالنظر للتوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، يتوقع من تل أبيب أن تتماشى مع واشنطن، وتبدي مزيدا من الحذر في تعاملاتها مع الشركات الصينية، خاصة عندما تكون البنية التحتية الوطنية الاستراتيجية والتكنولوجيات الحساسة في خطر".

التعليقات (0)