هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ازداد في الآونة الأخيرة الحديث عن إرهاصات تشكل نظام عالمي جديد بقيادة
الصين، أو بمشاركتها بشكل فاعل على الأقل، مقابل تراجع هيمنة أمريكا، خاصة بعد
ظهور ما بدا "ضعفا" لدى الأخيرة أمام جائحة فيروس كورونا المستجد.
وتفوق العملاق الآسيوي على الولايات المتحدة بالفعل في العديد من المجالات على
مدار السنوات الأخيرة، نستعرض بعضها في هذا التقرير، ولا سيما منذ إطاحته باليابان
كثاني أكبر اقتصاد في العالم نهاية عام 2010.
القضاء على الفقر
حققت الصين تلك القفزات بسرعة كبيرة، وهي التي كان نحو 66.2 بالمئة من سكانها يعيشون تحت خط الفقر قبل أقل من أربعة عقود فقط، بحسب بيانات البنك الدولي.
ورغم تعداد سكانها الهائل، عند نحو مليار و390 مليون نسمة حاليا، فقد تمكنت الصين من القضاء على الفقر إلى حد
كبير، بل إنها تجاوزت الولايات المتحدة في ذلك خلال السنوات الأخيرة.
وبلغت نسبة الفقر، التي تعبر عن عدد السكان الذين يعيشون
بأقل من 1.9 دولارا في اليوم، نحو 1.9 بالمئة من الصينيين عام 2013، مقابل 1 بالمئة من الأمريكيين.
لكن هذا المشهد انقلب خلال الأعوام اللاحقة، إذ استمرت تلك النسبة بالانخفاض في الصين وصولا إلى 0.5 بالمئة عام 2016، مقابل ارتفاعها إلى 1.2 بالمئة في أمريكا.
استهلاك الطاقة
والنفط
تفوقت الصين على أمريكا كأكبر مستهلك للطاقة عام
2010، وكأكبر مستورد للنفط عام 2017، بحسب بيانات رسمية.
ويعكس ازدياد استهلاك الطاقة تطور النمو والتصنيع والإنفاق الحكومي والخاص، فيما قد يكون لتصدر الصين في استيراد الخام تأثيرات سياسية واستراتيجية على الساحة الدولية، إذ سيضع الدول والأقاليم المنتجة للنفط، وتلك التي تشكل ممرات له نحوها، في خضم تجاذبات حادة.
أصول النظام المصرفي
نما النظام المصرفي الصيني بشكل كبير وثابت على مدى
السنوات الماضية، وتجاوز حجمه،
من حيث مجموع الأصول، نظيره الأمريكي، عام 2010، بل واتسع الفارق بينهما إلى أكثر
من الضعف.
وتتركز أصول البنوك الصينية
داخل البلاد، ما يحد من أهمية تلك الطفرة على الساحة الدولية، لكن حيازاتها
الأجنبية تنمو بشكل متسارع، وازدادت بواقع 214.67 بالمئة عام 2016، مقارنة بما
كانت عليه قبل ذلك بخمسة أعوام، بحسب تقرير لمركز أبحاث السياسات الاقتصادية (CEPR).
اقرأ أيضا: هذه المشكلة تعرقل سعي الصين للتفوق في ظل أزمات أمريكا
الإسهام العلمي
عام 2016، فقدت الولايات المتحدة صدارة العالم من حيث عدد المنشورات المعتمدة في العلوم والهندسة لصالح الصين، بحسب بيانات "مجلس العلوم الوطني" التابع للحكومة الأمريكية.
وبحلول عام 2018، باتت الصين تنتج نحو 20.67 بالمئة من الأبحاث المحكّمة
عالميا، ووسعت الفارق بينها وبين أمريكا ليبلغ أكثر من 100 ألف منشور.
ولم يكن ذلك الإنجاز الأول في هذا المضمار، إذ سبق أن تفوق العملاق الآسيوي
بعدد الحاصلين على درجة الدكتوراه في العلوم والهندسة عام 2008، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
السيارات الكهربائية والهواتف الذكية
يشكل هذان القطاعان الملامح الأساسية للعالم المتقدم الذي تسير البشرية
نحوه، حيث تجوب الطرقات سيارات كهربائية ذكية وصديقة للبيئة، وتتحكم بجميع مناحي
حياتنا أجهزة محمولة، باتت بالفعل أساسية في تأدية أغلب الوظائف وفي تقصير
المسافات بين الأشخاص وتقليص زمن إنجاز المهام وحل مختلف المشاكل، فضلا عن توفير
فرص أفضل للتعلم والتطور.
وتولي بكين أهمية كبيرة لهذين القطاعين، وتمكنت البلاد من التربع على عرش
أسواق الهواتف الذكية بداية من عام 2012، على حساب الولايات المتحدة، ثم انتزعت
منها أيضا الصدارة من حيث مبيعات السيارات الكهربائية عام 2015.
ورغم إنجازاتها الكبيرة على مدار العقود الثلاث الماضية تحديدا، إلا أن مراقبين
يشككون في المقابل بقدرة بكين على ريادة العالم بالفعل، في ظل اعتمادها نظاما
سياسيا يوصف بـ"الاستبدادي"، واعتمادها على الأسواق الغربية، ولا سيما
الأمريكية، في تصريف منتجاتها والاستثمار وتحقيق النمو.