هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت مجلة "فورين أفيرز"، إن الحرس الثوري الإيراني أدرك مقدار
الغضب الشعبي على حكومة الرئيس حسن روحاني، وسعى للمنافسة في ظل فشل إدارة تفشي
فيروس كورونا، بتقديم نفسه الطرف الأقدر على احتواء الوباء.
ونشرت المجلة مقالا للأكاديمية الإيرانية آرياني طبطبائي، ترجمته "عربي21"، قالت فيه إنه "مهما كانت فوائد فعل الحرس الثوري في مجال الصحة العامة، إلا أن استراتيجية
العلاقات العامة واضحة، وهو يأمل أن يكسب من هذه الأزمة على حساب البراغماتي
روحاني، وتصوير أنهم المنقذون لإيران، وبالتالي التخلص من المعتدلين في
الانتخابات الرئاسية المقبلة".
ولفتت إلى أن التوتر يتصاعد بين الطرفين منذ أن تسلم روحاني الرئاسة عام
2013، وقد حاول احتواء القوة الاقتصادية للحرس الثوري وشبكات التجارة المزدهرة
التابعة لهم، ورغم معارضتهم سار في إصلاحاته لجعل الاقتصاد أكثر شفافية لجذب
البنوك والأعمال إلى إيران، بعد التوصل للاتفاق النووي".
ورأت أن إدراج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحرس الثوري على قائمة
المنظمات الإرهابية تسبب بترجيح الكفة في الصراع الداخلي لصالح الحرس، مضيفة:
"ولو استمر روحاني في الضغط ضد النفوذ الاقتصادي للحرس الثوري، لكان سيخاطر
بالظهور على أنه حليف لأمريكا، ومنذ ذلك الحين تراجع الرئيس الإيراني من موقفه الحاد
من الحرس الثوري لحماية نفسه ومؤيديه من ذلك الاتهام".
وقالت إنه حتى في الظروف المواتية تمكن الحرس الثوري من خلق مشاكل لأنفسهم.
وعانوا من سلسلة من الكوارث والأخطاء في الأشهر الأخيرة. ففي كانون ثان/ يناير، أسقطوا
بالخطأ طائرة مدنية أوكرانية، في محاولة للرد على اغتيال اللواء قاسم سليماني، أحد
أهم قادة القوات. وقتل جميع من كان على متن الطائرة.
وبعد إنكار علاقتهم بسقوط
الطائرة ابتداء، اعترفوا بدورهم في سقوط الطائرة، ولكن لم يتحملوا المسؤولية كاملة؛ فلم يستقل أي مسؤول رفيع أو فقد موقعه.
وأضافت: "كان الحرس الثوري يأمل القيام برد حاسم ومذهل على مقتل
سليماني، بضرب قاعدتين في العراق تستضيفان قوات أمريكية، لكن إسقاط الطائرة
الأوكرانية غطى على الهجوم الصاروخي. ولجعل الأمور أسوأ، قام النظام بالتغطية، وأظهر غياب المساءلة، خاصة داخل الحرس الثوري، وهو ما جدد الغضب الشعبي.
ومنحت الصعوبات التي واجهها روحاني لإبطاء تفشي فيروس كورونا فرصة للحرس
الثوري لتحسين صورتهم محليا وفي الخارج. وانتشر الفيروس بسرعة كبيرة في إيران، مع أن
نظامها الصحي متطور نسبيا، بحسب المجلة.
وقالت إن الحكومة مسؤولة بشكل كبير عن حجم التفشي. فقد قللت السلطات من شأن
مخاطر الإصابة بالفيروس، حتى عندما بدأ يصاب به مسؤول بعد الآخر. رفضوا فرض إغلاق
بعد ظهور مجموعة من الحالات في مدينة قم، مدعين بأن الحجر ليس حلا لمشكلة في القرن
الحادي والعشرين.
وأصر نائب وزير الصحة، إيراج حيريجي، على أن هذه الإجراءات تعود لما قبل
"الحرب العالمية الأولى".
وقامت السلطات بإجراء الانتخابات البرلمانية في
أواخر شهر شباط، وشجعوا الناس بالذهاب للتصويت، بالرغم من خطر الإصابة. وعندما قامت
الحكومة بفرض القيود، وشجعت التباعد الاجتماعي في آذار/ مارس، كان الأمر متأخرا لوقف
انتشار المرض.
وقالت إنه كان من الواضح أن حكومة روحاني تحمل عبئا كبيرا، لأن معدلات
الإصابة تصاعدت بشكل سريع في شباط/ فبراير وأوائل آذار/ مارس. وفي عيون
معارضيه المحافظين كان الرئيس مفقودا، وقاموا بحملة على مواقع التواصل الاجتماعي
تحت هاشتاغ، أين روحاني؟ وأصدر البرلمانيون المحافظون بيانا ركز على عدم كفاءة
فريق روحاني.
وشاهد الحرس الثوري فرصته لفرض قيادته، وصوروا أنفسهم على أنهم حماة الصحة
العامة وأبطال مكافحة عدو غير مرئي. وبرزوا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي
الإعلام التقليدي وهم يقدمون المساعدات لمن هم بحاجة، من توزيع الأموال إلى دعم
الإنتاج المحلي إلى أجهزة الفحص والكمامات، بل إنهم كشفوا عن جهاز زعموا مقدرته
على التعرف على المصابين بفيروس كورونا، عن بعد 100 متر، مع أنه ليس من الواضح إن
كان هناك استخدام حقيقي سوى الدعاية.
وأعلن قادة الحرس الثوري بأنهم سيتبرعون بعشرين بالمئة من رواتبهم لجهود
الإغاثة. وتم تصوير أفرادهم وهم يقومون بتطهير الشوارع والسيارات والأشجار. ومعهم
في ذلك قوات البسيج. كما أن الحرس الثوري أخذوا على عاتقهم إصدار شهادات الوفاة،
وهي "سلطة تسمح للحرس الثوري بتوجيه السردية الإعلامية عن طريق إخفاء الأعداد
الحقيقية للوفيات جراء فيروس كورونا"، وفقا للمجلة.
وقالت طبطبائي: "ليس غريبا أن بعض خطط الحرس الثوري، تتنافس بشكل
مباشر مع خطط الحكومة، مثل خطة لتوزيع المساعدات المالية على محدودي الدخل. وهذا
متعمد لإظهار فعالية الحرس مقارنة بالحكومة. هذه الاستراتيجية ليست جديدة. ففي
الماضي قام الحرس الثوري بتحويل أي كارثة كبيرة، بما في ذلك الزلازل والفيضانات،
إلى حملات علاقة عامة يهدف منها للظهور بأنهم حازمون وبارعون والحكومة بطيئة
وفاشلة".
ومن شأن ما يقوم به الحرس الثوري، بحسب المجلة، أن "يعرقل ترشح روحاني
لفترة ثالثة في 2012، عبر إفقاده مصداقيته، والدفع بمرشح محافظ أو متشدد للرئاسة،
وربما على علاقة بالحرس الثوري نفسه، على حساب المعتدلين".
وأضافت: "لن يكون لكتلة روحاني إنجازات تستطيع استعراضها في الحملة
الانتخابية. وكان الرئيس قد قضى معظم فترته وهو يحاول التوصل إلى اتفاقية نووية، ثم
محاولة إنقاذها، بعد أن انسحب ترامب منها عام 2018. وتسببت العقوبات التي فرضتها
إدارة ترامب بأضرار كبيرة للاقتصاد الإيراني، وتركها غير قادرة على مكافحة الجائحة. لكنها ساعدت في الوقت ذاته سردية الحرس الثوري بأن أمريكا تسعى لإيذاء إيران، وأن
محاولات روحاني التوصل إلى اتفاق مع أمريكا كانت ساذجة".
ولفتت إلى أن الإعلامي الموالي للحرس الثوري أظهر أن شبكة الوكلاء تقدم
المساعدات للإيرانيين، بينما يضاعف الغرب عقوباته. وبثت وكالة تسنيم نيوز أفرادا
من مليشيا شيعية عراقية يقومون بتعقيم المقدسات في مدينة قم،
وقالت المجلة إن ذلك لا يهدف فقط إلى إظهار قيمة وكلاء إيران (التي يقوم الحرس الثوري برعايتها وينفق عليها مليارات الدولارات بحسب بعض التقديرات)، ولكن لإظهار أن هذه المجموعات هي الشريك الدولي الحقيقي، في المقابل يأمل الحرس الثوري إظهار أن محاولات تفاعل روحاني مع الغرب كانت متهورة، ولا بد من فشلها".