صحافة دولية

"حزب الله" باختبار أمام "كورونا" وأزمة اقتصادية: مخاطر وفرص

حزب الله سبق أن أعلن أن فيروس كورونا "عدو جديد"- جيتي
حزب الله سبق أن أعلن أن فيروس كورونا "عدو جديد"- جيتي

نشر مركز الدراسات الجيوسياسية الإيطالي، تقريرا تحدث فيه عن موقع حزب الله اللبناني من جائحة كورونا والأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، والمخاطر التي تهدده والفرص المتاحة أمامه.

وقال المركز بموقعه الإلكتروني، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه بينما تزيد واشنطن من ضغوطها على حزب الله، تسعى الحركة إلى تعزيز نفوذها من خلال استغلال الأزمة الصحية والاقتصادية التي ربما تشكل فرصة لاكتساب المزيد من الدعم، ولكن طريقها لا يخلو من المخاطر.

وأورد الموقع أن حزب الله اللبناني "تمكن في العقود الثلاثة الماضية من ترسيخ جذوره في النظام اللبناني، والتحول من مليشيا ثورية مستعدة لتخريب النظام إلى حزب سياسي مندمج تماما مع النسيج الاجتماعي السياسي للبلاد".

 

وأضاف: "سمح له ذلك بإضفاء الشرعية على وجوده مع الحفاظ على ترسانته العسكرية. وبفضل شبكة مكثفة من الخدمات الاجتماعية التي تستهدف الفئات الفقيرة، بما في ذلك تمويل المدارس والمستشفيات في أكثر المناطق تهميشا في البلاد، كسب حزب الله تعاطف جزء كبير من اللبنانيين ودعمهم، ليتمكن بذلك من الوصول إلى السلطة".

 

ومنذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي، شكل كل من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر لرئيس الجمهورية ميشال عون غالبية الحكومة.

 

اقرأ أيضا: ألمانيا تحظر "حزب الله" وتصنفها "إرهابية".. وإسرائيل ترحب

ويشهد التحالف بين الأطراف الثلاثة، الذي أبرم بناء على اتفاق يعود لسنة 2006، على تغيير إضافي داخل "حزب الله"، الذي أصبح الآن قادرا على تشكيل تحالفات متعددة الطوائف ومستقرة؛ ما يُظهر مدى اكتمال اندماجه الآن في المشهد السياسي اللبناني المعقد.

وأشار الموقع إلى أنه رغم الضغط الخارجي والديناميكيات الداخلية التي تضع دائما مصير الحركة تحت الاختبار، لم يفقد حزب الله قدرته على التّجدد والتّكيف مع البيئة المحيطة به التي سمحت له دائما بالصمود.

 

وأورد في تقريره: "يعود جزء من الفضل إلى إيران الراعي الرئيس لحزب الله، بيد أن حزب الله أصبح الآن قادرًا على التحرك بشكل مستقل في السياق الإقليمي للمشرق، إلى جانب تنويع مصادر تمويله، مع الحفاظ على روابط قوية مع طهران".

كورونا.. عدو جديد لحزب الله أم فرصة؟

أوضح الموقع أن استعداد لبنان لمجابهة فيروس "كوفيد-19" كان سيئا، ذلك أن نظامه الصحي غير قادر على ضمان استجابة فعالة وكافية لاحتمال تفشي الوباء على نطاق واسع، ولم تكن تدابير الإغلاق الشامل ناجعة في تقييد حركة المواطنين بشكل كامل، حيث لم يمنعهم ذلك من الخروج إلى الشوارع للتظاهر ضد غلاء المعيشة.

 

وبحسب تقدير الموقع، فإنه في ظل حالة الطوارئ الصحية الجديدة، "قدّم حزب الله نفسه ممثلا بديلا للدولة في خدمة جميع اللبنانيين، وحشد شبكته الصحية الموازية من خلال توفير المعدات الطبية وإرسال المتطوعين والمتخصصين".

وأكد الموقع أن قدرة حزب الله على الوصول إلى أكثر المناطق تهميشا في البلاد، تسمح له بتوسيع قاعدته الشعبية وتلميع صورته باعتباره حزبا يخدم الجميع بغض النظر عن الانتماء الديني.

 

في أحد خطاباته الأخيرة، حدد أمينه العام حسن نصر الله أن فيروس كورونا عدو جديد لحزب الله وجميع اللبنانيين، وأكد مرة أخرى دور الحزب في مقاومة عدو غير مرئي هذه المرة. ولكن الموقع رأى أنه "من الواضح أن حزب الله يجني من خلال مواجهة هذه الأزمة الجديدة ثمار سنوات من سياسة المساعدات الاجتماعية".

 

ما يهدد مكانة حزب الله

وتناول الموقع ما يهدد مكانة حزب الله عند اللبنانيين، حيث قال: "إذا كان حزب الله يسعى إلى كسب المزيد من الدعم من خلال مجابهة الوباء، فإن الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة التي تعد الأسوأ في تاريخ لبنان، تجعل مكانته على المحك".

 

واستهدفت الاحتجاجات التي اندلعت في الأسابيع الأخيرة معاقله، مبرهنة أنها ضد جميع الأطراف السياسية دون استثناء.

واعتبر الموقع أن موقف حزب الله المتشنج منذ شهرين بشأن التدخل المحتمل لصندوق النقد الدولي في لبنان، كان سببا في جعل أي نوع من التفاوض مستحيلا، لكن نصر الله عبر الشهر الماضي عن بوادر انفتاح شريطة حماية سيادة لبنان.

 

ويفسر هذا التغيير في موقف حزب الله، بحسب الموقع، الحاجة إلى الحفاظ على تأييد الفقراء الذين يشكلون أساس قاعدته الانتخابية منذ التسعينيات.

 

اقرأ أيضا: موقع لبناني: حزب الله وإيران قد يغادران سوريا لهذا السبب

 
كما أن الخلافات المستمرة على الحدود مع إسرائيل التي كانت آخرها تعدي القوات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، والانخراط المستمر لحزب الله في الحرب الأهلية السورية، يعرضان موقفه للخطر.

 

وقد لا يجد الصراع المسلح المحتمل بين الجانبين دعما من اللبنانيين، بعد أن أرهقتهم سنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية. وبوجود عوامل داخلية وخارجية متعددة تهدد شعبية حزب الله، بات يتحتم على نصر الله حُسن التعامل معها، وفقا للموقع.

حزب الله والبنك المركزي

في الشهر الماضي، تعرض البنك المركزي اللبناني إلى انتقادات حكومية. وأثار الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء حسان دياب وبعض نواب حزب الله، على محافظ البنك المركزي رياض سلامة، الذي يسيّر هذه المؤسسة منذ ما يقارب 30 سنة تقريبا، ضجة كبيرة.

 

ويرجع ذلك أساسا إلى أن سلامة لعب دورا رائدا في التخفيف من آثار الأزمة المالية لسنة 2008 والحفاظ على قيمة الليرة مستقرة في ظل الأحداث العديدة التي هزت الجمهورية اللبنانية في العقدين الماضيين.

وذكر الموقع أن رئيس الوزراء حمّل سلامة مسؤولية الأزمة المالية الحالية، واتهمه بانتهاج سياسات نقدية أدت إلى انهيار الليرة مقابل الدولار. ويمكن لهذه الاتهامات أن تخفي نية حزب الله استبدال سلامة وتعيين محافظ جديد تثق فيه سيسمح لها بتوسيع نطاق نفوذها في لبنان بشكل ملحوظ.

 

ويأتي هذا الهجوم في وقت باتت فيه أموال حزب الله مستهدفة من الدول الغربية. وعلى مر السنين، أظهر سلامة تعاونا كبيرا مع المجتمع الدولي في ما يتعلق بمكافحة غسيل الأموال، الذي يعد من المصادر الرئيسة لتمويل "حزب الله".

ويرى الموقع أن قدرة حزب الله على الصمود والتكيف ستخضع للاختبار مجددا خلال الأشهر المقبلة. لكن ما يبدو واضحا أن النظام اللبناني، الذي أصبحت الحركة الآن جزءا منه، يتجه ببطء نحو الانهيار.

 

فالاحتجاجات المتزايدة والأزمة الاقتصادية والمالية وأزمة الهجرة التي ابتليت بها البلاد لسنوات، وأخيرا الأزمة الصحية، كلها عناصر تُنذر بتداعي ركائز النظام الحالي في لبنان.

التعليقات (0)