هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على المشاكل الاقتصادية والسياسية الحادة التي تعاني منها المملكة العربية السعودية، بسبب قرارها غير المدروس بخفض أسعار النفط في وقت سابق من العام الحالي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرياض شنت هذه الحرب بهدف إلحاق الضرر بخصومها، لكنها أضرت في الحقيقة باقتصادها، وهي تجني الآن ثمار ما فعلته عندما أغرقت السوق العالمي بالنفط.
الضغط على الولايات المتحدة
أوضحت الصحيفة أن النتائج بدت للوهلة الأولى في صالح السعودية. فقد كان الغرض من خفض الأسعار هو استهداف المنافس الرئيسي في سوق النفط العالمية، الولايات المتحدة، والأهم من ذلك عدم الخضوع لأي سقف صادرات في سوق النفط العالمي.
وكانت صناعة النفط الأمريكي قد شهدت تطورا كبيرا في السنة الماضية، حيث زاد الإنتاج بشكل ملحوظ وزادت معه الصادرات.
وأشارت الصحيفة إلى أن موجة انخفاض الأسعار التي تسببت فيها المملكة العربية السعودية أدت إلى إغلاق العديد من المنصات النفطية في الولايات المتحدة، وهو ما جعل المملكة تتبوأ مجددا المركز الأول عالميا في تصدير النفط.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، صدرت المملكة ما يقارب 11 مليون برميل يوميا إلى الأسواق الأجنبية، في حين أن الولايات المتحدة صدرت 8.6 ملايين برميل فقط.
وأكدت الصحيفة أنه رغم انتهاء حرب الأسعار، ما زالت التوقعات فيما يتعلق بإنتاج النفط الصخري الأمريكي متشائمة.
وبحسب الخبراء، فإن إنتاج النفط في الولايات المتحدة في السنوات القادمة قد ينخفض بمقدار الثلث أو ما يقرب من النصف، وهذا يعني أن الصادرات ستنخفض أكثر فأكثر.
اقرأ أيضا : موقع روسي: ترامب يواصل البحث عن طريقة لمعاقبة السعودية
وأوضحت الصحيفة أن تراجع صناعة النفط في الولايات المتحدة لا يعني عودة الصادرات السعودية إلى السوق الأمريكي إلى معدلاتها السابقة، فإذا كانت المملكة قد زودت الولايات المتحدة في نيسان/ أبريل الماضي بنحو 1.3 مليون برميل يوميا، فعند النصف الأول من حزيران/ يونيو، تراجع المعدل اليومي إلى حوالي 133 ألف برميل نفط.
وحسب الصحيفة، فإن هذا الانخفاض في صادرات النفط السعودي إلى الولايات المتحدة فرضته واشنطن، ولم يكن قرارا سعوديا.
وحتى العلاقة القوية بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترامب لم تسهم في إعادة الأمور إلى نصابها، إذ تبقى المصالح الأمريكية وانتعاش قطاع النفط الصخري هي الأهم بالنسبة للرئيس الأمريكي.
مشاكل حادة تعاني منها المملكة
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب النفطية التي شنتها المملكة العربية السعودية في الفترة الماضية، بدأت تلقي بظلالها السلبية على المشاريع الطموحة للأمير محمد بن سلمان.
وكان ولي العهد السعودي قد سوّق لصورته في الغرب عبر "رؤية 2030" التي كانت تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، من خلال تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق ومشاريع عملاقة رُصدت لها استثمارات بقيمة تريليون دولار، بالإضافة إلى الترويج إلى الانفتاح الثقافي والاجتماعي.
وكان من المقرر أن تغطي عوائد النفط نصيب الأسد من الاعتمادات المرصودة لتنفيذ هذه "الرؤية"، لكن هذه الخطط أصبحت محل شكوك وتساؤلات، حسب الصحيفة.
ووفقا لنتائج الربع الأول من سنة 2020، انخفضت أرباح شركة أرامكو السعودية بنسبة 25 بالمائة تقريبا، لتصل إلى 16.6 مليار دولار.
وأوضحت الصحيفة أن القادم يبدو أسوأ بالنسبة للمملكة العربية السعودية بسبب أزمة النفط وانخفاض رصيد العملات الأجنبية.
وبحلول آيار/ مايو 2020، بقي حوالي 450 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي في خزينة المملكة، بعد أن أنفقت خلال الشهرين السابقين حوالي 10 بالمائة من احتياطياتها.
وأضافت الصحيفة أن جائحة كورونا مثّلت تحديا إضافيا للاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية، حيث تضررت كل القطاعات تقريبا، وهو ما اضطر الدولة إلى ضخ الكثير من الأموال من أجل إنعاش القطاعات الأكثر تضررا.
واعتبرت الصحيفة أن مشاكل الاقتصاد السعودي قد لا تتوقف عند هذا الحد، بعد أن أعلنت الحكومة إمكانية إلغاء موسم الحج، كما تشير التقديرات إلى احتمال تخفيض العمالة الأجنبية في المملكة بحوالي النصف.
ومن المنتظر حسب الصحيفة، أن تؤدي أزمة أسعار النفط وانخفاض الدخل وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي والمشاكل الجيوسياسية إلى حالة من الارتباك داخل المملكة.
وخلصت الصحيفة إلى أن السبب الرئيسي فيما تمر به البلاد من أزمات هو رغبة ولي العهد محمد بن سلمان في تحدي الدول الكبرى.