هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
التكنولوجيا موجودة من أجل رصد معظم الحالات الجديدة من فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) في الولايات المتحدة، وهي ليست بباهظة الثمن، فبينما كانت الولايات المتحدة تحت الإغلاق، طوّر العلماء عددا من أطقم الاختبار السهلة، التي تستطيع رصد حالات الإصابة بالفيروس في البيوت والمكاتب والمراكز الطبية، هذا بينما ابتكر آخرون أجهزة قابلة للارتداء تستطيع رصد أبسط التغيرات، التي تحدث في نبض القلب قبل أن يرى الناس أي أعراض.
غير أن ما يحول دون اعتماد كل هذه الابتكارات
هو المخاوف بشأن الخصوصية، والتقنين غير المناسب، والموقف انهزامي بشأن إجراء
الاختبارات وتعقب المخالطين، فالأميركيون يبدون مقتنعين جدا بأن عددا كبيرا من
الإصابات تُلتقط من الغرباء المارين على الرصيف أو في السوبرماركت، رغم الأدلة
المتزايدة على أنها تأتي بشكل رئيسي من مخالطين، يمكن تعقبهم، أو تجمعات يمكن
تجنبها.
الضجة الأخيرة على خلفية تصريح منظمة الصحة
العالمية حول حاملي الفيروس «الذين لا تظهر عليهم أعراض»، تُبرز مستوى الانفعال
الذي يطبع هذا النقاش، فقد قالت ماريا فان كيرخوف، مديرة الأمراض المعدية في
المنظمة، في البداية: إن الحالات التي يقوم فيها مصابون لا يبدون أي أعراض بنقل
المرض إلى أشخاص آخرين، نادرة، لكن بعد ذلك، عدّلت تصريحها قائلة: إن مثل هذه
الحالات التي لا تُبدي أي أعراض غير مفهومة بشكل جيد.
وذلك صحيح، لكن رسالة كيرخوف ضاعت في نهاية
المطاف، وهي أن هناك دلائل على أن السبب الرئيسي للمرض، يبدو أنه الأشخاص المصابون
الذين يبدون أعراضا؛ وأن هؤلاء يستطيعون نشر المرض قبل أن يُبدوا أعراضا، وأن
الوفيات يمكن تجنبها من خلال إيجاد الأشخاص الذين لديهم أعراض، وتعقب المخالطين،
وعزل من تُظهر نتائج الاختبارات إصابتهم.
الجمع الاستراتيجي بين الاختبارات الروتينية
وتعقب المخالطين، أسلوبٌ ساعد الكثير من البلدان، من آيسلاندا إلى ألمانيا إلى
كوريا الجنوبية، على تجنب حصيلة الوفيات الثقيلة التي عانت منها الولايات المتحدة،
وفي الأثناء، سجلت الولايات المتحدة تقدما بطيئا مع رفع قدرة إجراء الاختبارات،
لكن في غياب تخطيط استراتيجي محكم، فهذا الأسبوع، أفادت صحيفة «بوسطن غلوب» أن عدد
أطقم الاختبار كان أكبر من آخذي الاختبار بثلاث مرات في ولاية ماساتشوسيتس، نظرا
لأن حالات الإصابة انخفضت، ولأنه ما زال يُعتقد على نطاق واسع أن الاختبارات مخصصة
للأشخاص الذين يُبدون أعراضا للمرض.
وعليه، فما نحتاجه في الحقيقة هو المراقبة،
وهي كلمة قبيحة بالنسبة للأذن الأميركية، لكن في سياق الصحة العامة ينبغي النظر
إليها، باعتبارها تجسسا على الفيروس، وليس على الأشخاص.
وإذا كان بالإمكان القيام بنوع من المراقبة من
خلال الاختبارات الحالية، فلا شك أننا سنبلي بلاء أحسن إذا استخدمنا اختبارات أسرع
وأرخص وأسهل، ولهذا الغرض، استخدم الأستاذ بمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، «لي
غهرك»، وزميلته «آيرين بوش»، إحدى تكنولوجيات الاختبار تلك: أي ما يسمى «اختبار
المستضد»، الذي يستطيع رصد إصابة نشطة باستخدام شريط اختبار يشبه اختبار الحمل،
لكن أحد أسباب عدم استخدامها على نطاق واسع بعد، هو أن المقنّين في «هيئة الأغذية
والأدوية» يركّزون بشكل مبالغ فيه على دقة الاختبارات، والحال أنه يجدر بهم أن
يركزوا على كيفية استخدام الاختبارات، وعلى ما إن كانت دقيقة بما يكفي، حتى تكون
فائدتها أكبر من ضررها في سياقات محددة.
بيتينا فرايس، رئيسة قسم الأمراض المعدية
بجامعة ستوني بروك، تقول: إن الاختبار والمراقبة أساسيان من أجل الإبقاء على دوران
عجلة الاقتصاد من دون المجازفة وركوب خطر ارتفاعات جديدة للفيروس، وحتى ينجح هذا
الأمر، ينبغي أن تكون الاختبارات الروتينية سهلة نسبيا، فالناس لن ينتظروا لساعات
طويلة في صف كل يوم في أحد مراكز المسح من السيارة والخضوع لعمليات مسح عميقة
ومتكررة في الأنف.
ويقول غيرهك: إن «اختبار المستضد» يمكن أن
يوجه للعمل مع أنواع مختلفة من العيّنات، بما في ذلك اللّعاب أو مسوح الأنف التي
تأخذ عينة من عمق أسهل، والنتائج تستغرق 15 دقيقة على الأكثر، في حين تظهر نتائج
الحمولات الفيروسة العالية بشكل فوري تقريبا.
الطبيب إيريك توبول، الذي يدير «معهد سكريبس
للبحوث»، يرصد نجاح بلدان مختلفة في محاربة الفيروس، ويعتبر الولايات المتحدة صاحبة
أسوء أداء حتى الآن، مع أن العلماء الأميركيين كانوا منهمكين مؤخرا، في ابتكار طرق
ذكية للخروج من الفوضى.
لقد كان هدف الإغلاقات هو كسب الوقت من أجل
المستشفيات والباحثين، والسماح لمسؤولي الصحة العامة بفرصة لاجتراح استراتيجية ذات
أهداف دقيقة، وقد قام الأطباء والعلماء بدورهم؛ إذ باتت لدينا التكنولوجيا للسيطرة
على المرض، والآن، نحتاج إلى التزام منظّم من أجل استخدامها.
(الاتحاد الإماراتية)