هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا سلط
الضوء على الصراع المحتدم بين المختبرات الكبرى في العالم على اكتشاف لقاح لفيروس
كورونا، والآثار المترتبة عن تحويل الدواء المنتظر إلى تجارة مربحة.
وقال كُتاب التقرير الذي ترجمته
"عربي21"، إن إيجاد لقاح قبل 2021 يبدو هدفا غير واقعي، لكن ذلك لم
يمنع المختبرات من ترويج منتجاتها التي لم تظهر بعد، والتي تتنافس الدول على
الحصول عليها بملايين الدولارات.
يوم 16 حزيران/ يونيو الجاري، أدى
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة إلى عملاق صناعة الأدوية "مارسي
ليتوال"، وقد أعلنت المجموعة أنها تعتزم استثمار ما يقارب من نصف مليار يورو، لإنشاء مصنع جديد لـ"تأمين ما تحتاجه فرنسا وأوروبا من لقاحات في حال انتشار
أوبئة جديدة".
وقد أثار تصريح بول هدسون، المدير
العام للمجموعة جدلاً واسعا بقوله إنّ الأمريكيين يمكن أن يحظوا بأولوية الاستفادة
من اللقاح نظرا لمساهمتهم الاستثمارية في البحوث.
في هذا الشأن، تقول الأمريكية سويري
مون، المديرة المساعدة في مركز الصحة العالمي بالمعهد العالي للدراسات الدولية
والتنمية بجنيف: "لم يسبق أن اعتُبر اللقاح سلعة استراتيجية وضرورة للأمن
القومي والانتعاش الاقتصادي والصحة العامة كما هو اليوم".
وأوضح التقرير، أنه مع وصول عدد ضحايا
الوباء إلى ما يقرب من 470 ألف شخص، يبدو الحل الأنجع والأفضل حاليا للخروج من
الأزمة هو تحصين الناس ضد الفيروس.
وفقًا لمعهد باستور، فإن نسبة المصابين
بالفيروس تتراوح بين 3 و7 بالمئة، وهي نسبة بعيدة عن نسبة 60 إلى 70 بالمئة
الضرورية لتحقيق "المناعة الجماعية"، لذلك يتفق الجميع على أنه
"سيتعين علينا أن نتعلم كيف نتعايش مع الفيروس".
وأكد التقرير أن الباحثين المتخصصين في
الأمراض المعدية قد نبهوا من خطورة فيروس كورونا المستجد منذ 2018، وقد أدرجته
منظمة الصحة العالمية ضمن قائمة الفيروسات التي تشكل "خطرًا عالميًا".
وفي أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي،
عندما اعترف الرئيس الصيني بخطورة الوضع، بدأ العلماء بالبحث عن اللقاح. سارعت
المؤسسات البحثية الكبرى على غرار جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة ومعهد باستور
في فرنسا وهارفارد في الولايات المتحدة، وعمالقة صناعة الأدوية مثل سانوفي وميرك
وجونسون آند جونسون وأسترا زنكا، إلى إجراء البحوث والعمل على تطوير اللقاح
المناسب.
تنافس بين المخابر
أشار التقرير إلى أن الخبراء والعلماء
منقسمون بشأن الأسس التي يمكن اعتمادها في تطوير اللقاح المناسب لعلاج وباء
كوفيد-19.
هناك الأطروحات "القديمة"
التي تميل إلى استخدام نسخة معدّلة من الفيروس الأصلي، والتوجهات "الحديثة"
التي تسعى للاستفادة من لقاحات قديمة مثل التطعيم المضاد للحصبة. وتراهن
الأطروحات المستقبلية على استخدام الحمض النووي أو الحمض النووي الريبوزي.
يضيف التقرير أنه رغم كل هذه الجهود لم
يتم إلى حد الآن اكتشاف لقاح فعال يمكن تسويقه. حاليا يتصدر "لقاح أم أر أن
آي-1273" القائمة، كما تبرز تجربة شركة أسترازينيكا البريطانية التي تعمل مع
جامعة أكسفورد، والتي ركزت على فيروس الشمبانزي غير الضار. كما تراهن شركة جونسون
آند جونسون الأمريكية على تقنية مماثلة بتطوير اللقاح المستخدم في علاج إيبولا.
ويقول باسكال سوريوت الرئيس التنفيذي
لشركة أسترازينيكا إن هناك إجماعا على أن" بروتين إس هو الجزء الذي من
المرجح أن يؤدي إلى استجابة مناعية". لكنه يؤكد أن الوقت غير مناسب للتنافس.
معركة بين القوى الكبرى
أكد التقرير إلى أن هناك معركة حقيقية
بين القوى العالمية العظمى من أجل تطوير اللقاح، وقد تم رصد تمويلات بمليارات
الدولارات للفوز بهذه المعركة التي تمثل الولايات المتحدة وأوروبا والصين أطرافها
الرئيسية.
يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن
على الأمريكيين أن يبحثوا لوحدهم عن اللقاح، أما المفوضية الأوروبية فقد أعلنت جمع
9.8 مليارات يورو بعد الحملة العالمية التي أطلقتها.
وفي الصين، اعتُبر تطوير لقاح
"أولوية مطلقة"، وقطعت بكين خطوات كبيرة بعد أن تجندت الجامعات والشركات
الخاصة وقوات الجيش لإنجاح هذه المهمة.
جهود متسارعة قبل اختفاء المرض
بينت الصحيفة أنه بدلا من الفترة
المتعارف عليها عمليا لإنتاج لقاح جديد، والتي تتراوح بين 5 و10 سنوات، فإن الحديث
يدور اليوم عن تطوير لقاح لعلاج فيروس كورونا المستجد بحلول كانون الثاني/يناير
2021، أو ربما في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، وهي مواعيد اعتبرتها لوموند غير
واقعية.
وأوضح التقرير أن المختبرات أطلقت
بالفعل التجارب السريرية الأولى، لكن المشكل أن شركات صناعة الأدوية الأكثر تقدما
مثل موديرنا أو أسترازينيكا، لا تملك البيانات الكافية حاليا، وهي تسارع الخطى قبل
أن يتراجع الفيروس ويعيق مجهوداتها في تطوير اللقاح.
ونقلت الصحيفة عن باسكال سوريوت الذي
يجري حاليا دراسة ميدانية في البرازيل قوله: "إذا لم تكن هناك إصابات كثيرة،
فسوف يستغرق الأمر شهورا. نحن نحاول الإسراع قدر الإمكان للقيام بالأبحاث قبل أن
يختفي المرض".
وفي الولايات المتحدة، يفكر البعض في
القيام بتجربة نقل العدوى إلى عدد من المتطوعين الذين يتم تطعيمهم، لمعرفة مدى
فعالية اللقاح.
حتى لا يتحوّل اللقاح إلى سلعة
اعتبرت الصحيفة أن المعركة الأساسية هي
تعميم اللقاح وعدم تحويله إلى سلعة هدفها تحقيق الأرباح.
في 18 و19 أيار/مايو الماضي، تبنت
الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية بعد نقاش محتدم قرارا بإتاحة اللقاحات
المستقبلية لكل دول العالم. لكن المختبرات تقوم حاليا ببيع وعود بلقاح لم يُكتشف
بعد.
وعدت شركة أسترازينيكا ببيع لقاحها
الذي طورته جامعة أكسفورد بحوالي 2 دولار للجرعة، وقد طلبت الولايات المتحدة 400
مليون جرعة في وقت مبكر من الشهر الماضي مقابل 1.2 مليار دولار.
وفي 13 حزيران/ يونيو، وقّع تحالف يضم ألمانيا
وفرنسا وإيطاليا وهولندا عقدا للحصول على 300 مليون جرعة مقابل 750 مليون يورو، مع
خيار الحصول على 100 مليون جرعة إضافية.
وترى الخبيرة سويري مون أن
"القطاع العام الذي يتحمل معظم التكاليف والمخاطر، يجب أن يلعب دورا توجيهيا
أكبر بكثير من خلال الاطلاع على البيانات والتحكم في الأسعار وضمان وصول اللقاح
للأشخاص الأكثر عرضة للخطر، مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية والفئات العمرية
الأكبر سنا، قبل غيرهم".