مدونات

مصر: سد يوم القيامة

سد النهضة- جيتي
سد النهضة- جيتي
السد مشروع تنموي إثيوبي، بسعة 73 مليار متر مكعب وبتكلفة أربعة مليارات دولار. ويهدف لتوليد 6000 ميجاوط من الطاقة كهربائية، يشكل خطرا وتهديدا على مصر والسودان. 

الدعوات التي يتداولها عامة الناس عاطفية جدا وغير منطقية وصدامية، لا تحسب العواقب والخسائر المصرية حال تشغيل السد.

الضرر على إثيوبيا مالي، لكنه على مصر والسودان متعدد الأوجه، ولا حصر لنتائجه.

بني السد قرب الحدود الإثيوبية السودانية (40 كم) على ارتفاع 4000 متر فوق سطح البحر، بعيدا عن العمق الإثيوبي. وتدمير السد أو قصفه، حال تشغيله يعني دمارا وكارثة.

هل تتخيل سدا يحتجز 73 مليار متر مكعب، بعرض 1800 متر، بارتفاع 170 مترا، يسقط مخزون مياهه من ارتفاع 4000 متر، باتجاه أراضي السودان ومصر؟

ولك أن تتخيل تجمع مياه السد، مع بحيرة ناصر لتصير 207 مليار متر مكعب، لتشكل تسونامي مخيفا يجرف في طريقه قرى ومدنا مصرية بأكملها بمساحة 1536 كم من الشمال إلى الحنوب (مصر والسودان) عدا عن سكانها، مع تدمير مظاهر الحياة كافة، بعد غرق الأراضي جراء رتفاع منسوب المياه بـ15 - 20 مترا.

يوفر النيل لمصر ما يقارب من 90 في المئة من احتياجاتها من المياه العذبة، 60 في المئة منها مصدره إثيوبيا. 

تبلغ حصة مصر السنوية من النيل 55 مليار متر مكعب، من أصل 88 مليار، والكمية تحمي مخزون السد العالي من الانخفاض.

إثيوبيا تريد منح مصر 37 مليار متر مكعب، أي أقل من حصتها المعتادة، ما ينتج عنه خراب للأراضي الزراعية المصرية.

الدعوات المطالبة بتدمير السد، ليست إلا أوهاما، وتدمير مصر السد يعني دمارا لها وللسودان.

الدولة المصرية وساستها، اختلفت معها أم اتفقت، يعني خطورة المشهد، لذا تصير فكرة تدويل الكارثة ضرورة وأكسيد الحياة المصرية.

الدعوات مقسومة إلى قسمين: منها ما يدعو لتدمير السد قبل تشغيله، ومنها بعد تشغيله، وفي الحالتين يمثل التوجه إعلان حرب على الدولة الإثيوبية، دون تحديد، هل تملك مصر القدرة على ذلك أم لا؟

المشروع صار أمرا واقعا لا فكاك منه، وتشغيله في صلب المشاريع التنموية الإثيوبية، وهدف قومي، والتخلي عنه يشكل فضيحة، خاصة أن إثيوبيا تعد من الدول المتقدمة تنمويا في أفريقيا.

هذه القضايا لا تحسمها الجيوش والصواريخ والتهديدات الفارغة، بل الأفكار والعقول القادرة على إيجاد الحل والبدائل.

السد في حال انتهاء منه، لا بد أن يصير حجرا أساسيا في صلب الأمن القومي المصري والسوداني، وحمايته فعل وطني، لأن دماره يعني نهايتهما، دون أن تتأثر إثيوبيا، الواقعه خلفه.

ملاحظة عابرة يمكن استثمارها كورقة ضغط، إثيوبيا دولة حبيسة (لا إطلالة لها على البحر) محاصرة من قبل إريتريا؛ الدولة التي قادت ثورة لعقود في سبيل استقلالها عنها، وفيما مضى سعت للانضمام لجامعة الدول العربية، لكنها قبلت كمراقب فيها، لا عضوا!

هل يمكن إعادة استثمار العلاقات مع إريتريا، خصوصا أن مصر دعمتها خلال ثورتها؟

هل تفكر مصر بربط نهر الكونغو، بالنيل لتعويض خسائرها؟
التعليقات (0)