هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على ما قالت إنه تجاهل من شركة "فيسبوك" لمنشروات الرئيس دونالد ترامب "التحريضية والمضللة"، وخطاب الكراهية الذي يبثه اليمين.
وفي تقرير ترجمته "عربي21"، اعتبر الصحيفة أن رئيس فيسبوك، مارك زوكربيرغ، يحاول استيعاب ترامب، رغم توجه الشركة السابق بمواجهة الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية والتحريض.
وتقول الصحيفة إن مدراء الشركة بدأوا عام 2015 بوضع استثناءات لترامب، الذي كان مرشحا للرئاسة في حينه، ما شكل بداية لحرب "المعلومات المزيفة" في السنوات التالية.
وشكل منشور ترامب الذي هدد فيه باستخدام الجيش ضد المتظاهرين، مؤخرا، مثار جدل واسع. وتشير الصحيفة إلى أن زوكربيرغ قال للرئيس إن المنشور وضع الشركة في موقع صعب.
وقامت شركة تويتر بإخفاء المنشور نفسه في أقوى إجراء تتخذه ضد الرئيس.
أما بالنسبة لمدراء فيسبوك في واشنطن، فلم يخرق المنشور قواعد النشر التي تسمح لمسؤولي الحكومة الحديث عن استخدام القوة من أجل تحذير الرأي العام، ولكن بدرجة ما. واتصل المدراء بالبيت الأبيض حيث حاولوا تخفيف اللغة أو إلغاء المنشور.
وقام ترامب إثر ذلك بوضع منشور آخر قال فيه إنه كان يريد التحذير. ثم خرج زوكربيرغ لشرح السبب الذي جعله يبقي على التهديد المثير للجدل، إلا أن ما قاله ترامب بعد ذلك لم يساعده، بحسب "واشنطن بوست".
وترى الصحيفة أن ترامب لم من خطابه منذ ترشحه للرئاسة الأمريكية في الوقت الذي غير فيه موقع فيسبوك، وبشكل مستمر، سياساتها بطرق تجعلها تتجاوز رئاسته.
وتقول الصحيفة إن فيسبوك قيد جهوده ضد الأخبار الكاذبة والمضللة وتبنى سياسة تسمح للساسة بالكذب.
وبنت الصحيفة هذه النتيجة على عدد من الموظفين السابقين والحاليين والوثائق التي لم يعلن عنها واطلعت عليها "واشنطن بوست".
وكشفت واحدة من الوثائق أن العملية بدأت عام 2015 تقريبا، عندما قام ترامب كمرشح بنشر فيديو يدعو فيه لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة ورفض مدراء فيسبوك حذفه.
وكان التنازل الذي قدم لترامب بمثابة إشعال لمعركة المعلومات. وفتح المجال أمام ساسة تعودوا على العالم الرقمي لنشر أخبار مضللة ولغة تحريضية لملايين الناس. وتعقد بذلك فهم الرأي العام لأحداث مهمة مثل وباء فيروس كورونا وتفاقمت حالة الاستقطاب.
ومع تزايد قوة وسلطة ترامب اختارت شركة فيسبوك موقف اللامبالاة حتى لا تتعرض لغضبه والمستخدمين للشبكة من جماعات اليمين، بحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، ما أدى لحرف ميزان الأخبار في الشبكة حسب موظفين حاليين وسابقين.
اقرأ أيضا: FT: مشكلة فيسبوك بين ضغط ترامب وثورة موظفيها
وتواجه شركة فيسبوك اليوم مقاطعة كبيرة من الشركات الإعلانية بشكل أدى لانخفاض أسهمهما في السوق المالي وسط مطالبات بسياسة متشددة ضد خطاب الكراهية.
وقالت شركة "ستاربكس" الأحد إنها ستتوقف عن نشر الدعايات عبر منصات التواصل الاجتماعي. وتعاني فيسبوك من تدني معنويات العاملين فيها حيث قام أكثر من خمسة آلاف موظف بشجب قرار الشركة الحفاظ على منشور ترامب الذي قال فيه "عندما يبدأ النهب يبدأ القتل".
واضطر زوكربيرغ وبسبب الضغوط المتزايدة للإعلان يوم الجمعة عن سياسات جديدة تهدف لمراقبة المحتوى على الموقع عبر وتضم علامة على المنشورات التي تخرق قواعد خطاب الكراهية.
ولكن الشركة اعتبرت أن المنشور محل النقد لم يخرق القواعد.
وتعلق الصحيفة بالقول إنه في الوقت الذي تدخل فيه أمريكا معركة انتخابية حاسمة وتواجه اضطرابات اجتماعية ووباء كورونا فإن المجال مفتوح لترامب على وسائل التواصل الاجتماعي.
واستخدم الرئيس فيسبوك وغيرها من منصات التواصل في الأشهر الأخيرة لنشر معلومات مضللة عن كورونا والغش في الإنتخابات ودوافع المتظاهرين واستهدف في كل هذا حركات اليسار التي اتهمها بالوقوف وراء الإحتجاجات بدون أن يقدم الدليل، بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أن سياسة فيسبوك تضعها في مواجهة مع شركات وادي السيلكون الأخرى. فقد قامت تويتر بتعليم عدد من تغريدات الرئيس ووصفتها بالمنتهكة لقواعد النشر والمضللة. وقامت شركة سنابشات بالحد من حساب ترامب.
وقال ديفيد تيل، مهندس أمن في فيسبوك الذي استقال من الشركة في آذار/مارس بعدما رفض زملاؤه حذف منشور للرئيس البرازيلي: "قيمة محاباة الناس في القوة تتفوق على كل اهتمام لفيسبوك".
وترد شركة فيسبوك بالقول إن استخدام الساسة خطاب الكراهية سابق على ظهور منصات التواصل. وقال نيك كليغ، نائب مدير فيسبوك للشؤون الدولية والاتصالات إن وادي سيلكون لم يخترغ خطاب الكراهية.
اقرأ أيضا: كيف استفاد متظاهرو الولايات المتحدة من الثورات العربية؟
وفي بيان للصحيفة قال كليغ "من الربيع العربي إلى المرشحين المحليين الذين يتحدون المسؤولين ساعدت منصات التواصل الاجتماعي على فتح السياسة ولم تحابي طرفا على آخر".
وأضاف: "تظهر الدراسات أن دوافع الشعبوية معقدة ولا يمكن حصرها في استخدام منصات التواصل. وفي الحقيقة فالاستقطاب السياسي انخفض في بعض الدول بسبب الإنترنت".
ورفضت شركة فيسبوك توفير زوكربيرغ للتعليق ولكنها قالت إنه عارض ترامب عندما وضع منشور منع المسلمين.
وعادة ما يتحدث زوكربيرغ عن صعوبة الخيارات والحفاظ على قيم فيسبوك والشركات التابعة لها مثل واتساب وإنستغرام لـ 3 مليارات مستخدم شهريا.
وفتح حديث فيسبوك عن تعقد الخيارات للتعامل مع فيديو "منع المسلمين" الحديث عن المخاطر، وتساءل البعض: "هل كانت المنصة ستسمح لهلتر ببث خطابه عبرها؟". وفي النهاية أقنع جويل كابلان، نائب مدير الشركة للسياسة الدولية، زوكربيرغ، بعدم حذف الفيديو.
وتم إقناع زوكربيرغ في ربيع 2016 ألا يكتب منشورا يشجب فيه دعوة ترامب لبناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك. وانتهى الموقع بالحديث عن كيفية التعامل مع القادة الشعبويين مثل ترامب والرئيس الفليبيني رودريغو دوترتي وجائير بولسونارو، الرئيس البرازيلي.
وتنقل الصحيفة عن "كلير وردل"، مديرة "فيرست درافت"، وهي منظمة مكرسة لمكافحة التضليل: "مع أن فيسبوك حاول قمع التضليل إلا أن أكثر المؤثرين إثارة للمشاكل هم سياسيون".
وتضيف أن ترامب مثل تحديا خاصا، "فلم يكن أحد يفكر بانتخاب رئيس تلفظ بهذا الكلام".
وبعد الانتخابات بدا واضحا أن روسيا حاولت التلاعب بالانتخابات الأمريكية وأنها استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي، ولهذا أصبحت شركة فيسبوك هدفا لترامب.
وقال في تغريدة إن وسائل التواصل تقف ضده وتحاول تقويض انتصاره. وفي نفس الوقت قام قادة الحزب الجمهوري بمهاجمة منصات التواصل خاصة فيسبوك وتويتر واتهموها بالميل نحو الليبراليين ومنع اليمين من التعبير عن مواقفه.
وقال نو ويكسلر، المتحدث السابق باسم فيسبوك: "لا يوجد دليل بحثي يدعم مزاعم ترامب بأن منصات التواصل تقمع المحتوى المحافظ ولكنه استطاع دفعها لمراجعة سياساتها".
وفي محاولة فيسبوك التعامل مع التدخل الأجنبي والتضليل، حذر مدراؤها في العاصمة واشنطن من المبالغة في الرد من أجل النجاة في ظل المناخ السياسي الجديد.
وقدم فريق الأمن أو ما يعرف بمشروع بي تقريرا حول الطريقة التي انتشرت فيها الأخبار المضللة أثناء الانتخابات. وعندما أشار التقرير لعدد من الصفحات التي خرقت قواعد النشر، عارض المسؤولون البارزون ومن بينهم كابلان إغلاقها.
وتختم واشنطن بوست بالقول إن زوكربيرغ يواجه عزلة داخل وادي السيلكون بسبب سياسة التساهل بشأن حرية التعبير. ففي أيار/مايو 2019 رفض حذف فيديو مزيف أظهر رئيسة مجلس النواب وكأنها مخمورة.