قضايا وآراء

مستقبل العلاقات التركية المصرية

إبراهيم الديب
1300x600
1300x600
علاقات الدول تؤسس على المصالح، كما تحكمها عدد من الاعتبارات الدولية أولا، ثم الاعتبارات الخاصة بكل مكان وتاريخ دولة هي التي تحدد واقع ومستقبل هذه العلاقة.

في هذا السياق لا بد من تحديد الاعتبارات الخاصة بكل دولة. ونبدأ بالاعتبارات الدولية التي تقرر أن المنطقة العربية تقع تحت الهيمنة الامريكية.

وفي سياق تراجع أدوار القوى الإقليمية التقليدية السابقة، أصبح من مصلحة أمريكا اعتماد قوة إقليمية مستقرة لمشاركتها في إدارة ودعم الاستقرار في المنطقة، بما يحقق حماية المصالح الاستراتجية الامريكية بالمنطقة ويعزز استقرارها.

أما عن الاعتبارات الخاصة بكل دولة..

- تركيا تحكمها عدة اعتبارات:

أولا: التزامها القيمي والأخلاقي بالقيم والمبادئ السياسية التي تعلنها وتمارسها حكومة العدالة والتنمية، بالالتزام بقيم الديمقراطية ورفض الانقلاب على إرادة الشعوب، والظلم والطغيان والاعتقال والقتل خارج القانون.

ثانيا: الرغبة الطبيعية في الانفتاح والتواصل مع المنطقة العربية، وخاصة مصر ذات الثقل التاريخي والاقتصادي والسياسي الكبير، باعتبار المنطقة العربية هي الامتداد والعمق الاستراتجي التركي الثقافي والتاريخي والحضاري، حيث تجمعهما عقيدة وتاريخ ومستقبل واحد.

ثالثا: سياسية تركيا الجديدة في تطوير وتعظيم ممكناتها الاقتصادية على قاعدة الشراكة والتعاون، وأحيانا دعم الدول النامية بما يعزز اقتصاديات ويحررها تدريجيا من ربقة الاستعمار الاقتصادي واستنزاف ثرواتها، بما يساعد على المدى المتوسط في إعادة ضبط توازنات الاقتصاد العالمي لصالح الشعوب.

رابعا: الرسالة الإنسانية التي تحملها تركيا لدعم الشعوب الفقيرة المقهورة بنيران الإرهاب.

خامسا: تركيا كقوة صاعدة في المنطقة من مصلحتها تأمين حقوقها وممتلكاتها ومواردها ومصالحها المشتركة مع دول المنطقة، مما يتطلب منها إقامة علاقات استراتيجية مع كل دول المنطقة.

ومصر تحكمها عدة اعتبارات..

أولا: دورانها في فلك المشروع الإقليمي بالمنطقة بقيادة الإمارات والسعودية، والتزامها بمناكفة ومحاولة تعطيل مشروع النمو التركي من جهة، وبمشروع الثورة المضادة ووقف رياح التغيير والديمقراطية في المنطقة، ودعم النظم العسكرية والاستبدادية في المنطقة، والتزمها بإملاءات عدم الشراكة مع تركيا كمشروع حضاري مستقل صاعد يمثل المنافس القوي على قيادة المنطقة.

ثانيا: الاحتياجات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية المستمرة لمصر وشعبها من تركيا.

ثالثا: العلاقات الثقافية والروحية التحتية التي تربط الشعب المصري بالشعب التركي والتاريخ العثماني المجيد؛ الذي يحاول الإعلام المصري تشويه وتزييفه من دون جدوى.

رابعا: ضعف الموقف المصري اقتصاديا وسياسيا، وتعرضه المستمر لسلسة من الأزمات الاستراتجية الكبرى، وحاجته الماسة إلى شريك وداعم قوى، بما يضع القرار المصري بين مطرقة الحليف والداعم، والالتزامات الإقليمية باستمرار قطع العلاقة مع تركيا ومحاولة مناكفتها في كل موضع ممكن، وبين سندان الضغط الشعبي والحاجة الطبيعية إلى التعاون والدعم التركي.

في هذا السياق يمكننا رسم تصور لما يمكن أن تكون عليه العلاقات التركية..

أولا: المستقبل المتوسط والبعيد هو إقامة علاقات تركية مصرية حقيقية إعلاء وحفاظا على مصالح الشعوب، من دون لقاء الرؤساء وقائمة رموز النظام الانقلابي، لالتزام تركيا ورئيسها بقيم ومبادئ تركيا في عدم القبول بالرؤساء والنظم المنقلبة على إرادة شعوبها والملوثة أيديها بدماء شعوبها.

ثانيا: على المدى القريب يمكن التنسيق والتعاون التدريجي في بعض الملفات المتتالية، بداية بالتي تؤكد للجميع ضرورة التعاون التركي المصري.
التعليقات (3)
د ابراهيم الديب
الإثنين، 13-07-2020 09:52 ص
اتحدث عن العلاقة بين الدولتين والشعبين وهى راسخة وان ما يعوقها هو وجود النظام الانقلابى الغير معترف به تركيا ، كما ان حجم التبادل التجارى بين البلدين يؤكد ذلك
بداني حورية
الأحد، 12-07-2020 11:11 م
ما تقوله عن وجود الحاجة الملحة لهذه العلاقة واضح.اما امكانية ان تكون العلاقة و تجسد في ظل الوضع السياسي الراهن في مصر فالامر يحتاج الى مزيد من الاحداث. اما على المستوى البعيد يحتاج القول بهذا الى عمل تحليل عميق للواقع وتصور للمستقبل بفكر استشرافي .
بداني حورية
الأحد، 12-07-2020 11:09 م
أستاذي الفاضل اتابع منذ مدة ما تكتبه و ما تبثه من فيديوهات عن العلاقة بين مصر و تركيا و مع ذلك لم اتبين التصورين:الاول و الثاني. ذلك ان المقدمات كلها توحي باستحالة إقامة علاقات بين الدولتين، مع العلم ان الشعوب مهما تقاربت و مهما ارادت و مهما كان بينها من نقاط مشتركة لا تستطيع إقامة مثل هذه العلاقات