تناولت الصحف الإسبانية
الانتخابات التي أجريت
في
سوريا، معتبرة أن هذه العملية التي تغيب عنها أجزاء هامة من الشعب، نتائجها
معروفة سلفا وهي تهدف لتجميل النظام، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والأمنية.
قالت صحيفة
الموندو في تقرير ترجمته
"عربي21"، إن سوريا رغم كل ما تمر به من ظروف، أجرت يوم الأحد انتخابات
تشريعية هي الثالثة منذ اندلاع الحرب الأهلية.
واعتبرت الصحيفة أن هذه العملية الانتخابية
مصممة لمنح غطاء ديمقراطي لنظام الحكم على أساس وراثي القائم في سوريا منذ حوالي
نصف قرن، ومن المتوقع أن تؤكد نتائجها سلطة المرشحين المنتمين لحزب البعث الحاكم.
وقالت إن هذه الانتخابات التي تجري فقط في مناطق
سيطرة النظام، تم تأخيرها بسبب انتشار فيروس كورونا، ولكن هذا الخطر الذي يهدد صحة
السوريين لا يزال قائما.
وأشارت الصحيفة إلى أن وكالة الأنباء الرسمية
للنظام "سانا"، أوردت أن أعدادا كبيرة من السوريين توجهت إلى مراكز
الاقتراع، الموزعة بين عدة مناطق منها دمشق وحلب ومدن الحسكة ودير الزور في الشرق.
وسيختار الناخبون 250 عضوا لمجلس الشعب السوري من بين 1656 مترشحا. وقد أظهرت وسائل
الإعلام الرسمية صفوفا من الشباب وكبار السن من الناخبين بصدد الإدلاء بأصواتهم مع
الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي.
وذكرت أن إحدى مهام هذا المجلس التشريعي ستكون
تعيين رئيس وزراء جديد ليحل محل حسين عرنوس، إضافة إلى المصادقة على الدستور
الجديد.
ولكن برغم أن قوات النظام تسيطر على أغلب أنحاء
سوريا، وتسعى من خلال هذه العملية السياسية إلى إثبات أن الصراع العسكري في سوريا
يمكن حله بالوسائل السياسية، فإن الاستقرار في الواقع لا يزال حلما بعيد المنال.
إذ أن سوريا ترزح الآن تحت وطأة أزمة اقتصادية
حادة عمقها انهيار العملة المحلية، والعقوبات المفروضة من الولايات المتحدة، التي
رغم كونها موجهة لشخصيات من النظام الحاكم، فإنها تؤثر سلبا على كامل البلاد.
وتنقل الصحيفة في هذا السياق عن نور، وهو أستاذ
جامعي ينتمي إلى المعارضة في إدلب قوله: "إن الأموال السورية أصبحت عديمة
الفائدة، ونحن نستعمل الليرة التركية منذ فترة."
نفس الموقف عبر عنه سكان السويداء الواقعة في
أقصى الجنوب، وقد احتج المئات من سكان المدينة خلال الشهر الماضي بسبب تردي
الأوضاع المعيشية.
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمة الأمم المتحدة لم
تعترف بنتائج الانتخابات التشريعية في سنة 2016، معتبرة أنها كانت تفتقر للشفافية.
وهذه المرة يتوقع المراقبون أن يحدث نفس
السيناريو، حيث يقول كرم شعار، الخبير في الشأن السوري في معهد دراسات الشرق
الأوسط: "إن نظام
الأسد يستخدم الانتخابات البرلمانية لتقديم المكافآت على
الولاء. هذه المرة من المتوقع أن يفوز أمراء الحرب وقادة الميليشيات بمقاعد أكثر،
بسبب وقوفهم إلى جانب الدولة خلال الأعوام الأربعة الماضية."
وأوردت الصحيفة أن هذه الانتخابات التي يشارك
فيها أيضا رجال أعمال خاضعون لعقوبات من واشنطن، تم ضبط قائمة المشاركين فيها
وحظيت بالقبول المسبق من النظام. أما المعارضة المعترف بها فإنها من المنتظر أن
تلتزم بالمقاطعة.
وأشارت إلى أن هذه الانتخابات لا تتزامن فقط مع
مرور عشرين عاما على وصول بشار الأسد للسلطة بعد وفاة والده، بل أيضا مع تفشي
فيروس كورونا. ورغم أن الرواية الرسمية تشير إلى ندرة الحالات المسجلة، فإن عديد
المنظمات الصحية أوردت تزايدا في أعداد المصابين بالعدوى في صفوف موظفيها.
وفي إدلب التي تعاني من تدهور فادح في المرافق
الصحية، بسبب حملة القصف الروسي على هذه منشآتها، تم تسجيل 17 إصابة في الأيام
الأخيرة، وكثيرون يخشون من أن هذه هي بداية الكابوس.
وحول نفس الموضوع، نشرت صحيفة
"
لاراثون" الإسبانية تقريرا تحت عنوان "انتخابات في سوريا لتجميل
الجزار بشار الأسد"، قالت فيه إن سوريا تعرضت للدمار بسبب الحرب، وتواجه الآن
خطر وباء كورونا، إلى جانب العقوبات الأمريكية المسلطة بعد صدور قانون قيصر.
وأضافت الصحيفة أن هذه الانتخابات لم يشارك
فيها كل السوريين، إذ أن هنالك خمسة ملايين يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة،
كما أن ما لا يقل عن ربع السكان يعيشون في مناطق سيطرة المعارضة مثل إدلب ومناطق
الحكم الذاتي في كردستان، وهي كلها لن تجري فيها هذه الانتخابات التي تحوم شكوك
كبيرة منذ الآن حول مصداقيتها.
ونوهت إلى أنه في ظل الدمار الذي تعرضت له
سوريا، ووفاة حوالي نصف مليون شخص، من الصعب احتساب نسبة المشاركين في الاقتراع.
ومن المنتظر أن يفوز إئتلاف الوحدة الوطنية، الذي يضم حزب البعث، بالغالبية الساحقة
من مقاعد البرلمان.
وقالت الصحيفة إن السوريين في ظل أسوأ أزمة
اقتصادية تعاني منها بلادهم خلال العقد الأخير، قلقون بشأن الأوضاع المعيشية أكثر
من السياسة، ولذلك فإن مخرجات هذه الانتخابات لن تكون حرة ولا منصفة.
وأوردت أن سوريا مثل جارتها لبنان تدخل أزمة
حادة، سببها نقص الوقود والغاز، إلى جانب ارتفاع أسعار الغذاء. وتشير بيانات
برنامج الغذاء العالمي إلى أن كلفة سلة الطعام شهدت ارتفاعا بنسبة 47 بالمائة من
تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وهو ما دفع بالكثير من العائلات لإخراج أبنائهم من
المدرسة وإرسالهم للعمل.
كما شهد يوم الانتخابات اضطرابات أمنية، إذ أنه
في الليلة السابقة حدث انفجاران في جنوب دمشق، قرب محطة الوقود في نهر عائشة.
وتحدثت المعارضة عن حدوث انفجارين آخرين يوم الأحد في شمال البلاد، في عفرين ومعبر
باب السلام.
ونقلت الصحيفة عن حسن دباس، الأستاذ في الجامعة
الأمريكية في لبنان قوله: "ربما يكون الأسد مسيطرا على 70 أو 80 بالمائة من
مساحة البلاد، ولكن الأمن منعدم في الجنوب، وتنظيم الدولة يتمتع بحضور قوي في
الصحراء في وسط البلاد، كما أن المنطقة الكردية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في
الشمال تسيطر على أغلب الموارد النفطية والحبوب، فيما يواجه النظام الحاكم مشكلة
النقص في الخبز."
ونقلت عن وسام زرقا، الناشط والمعارض السوري
قوله: "لا توجد كمية من الصابون والماء كافية لغسل دماء الآلاف من السوريين
الذين تعرضوا للقتل والقصف على يد النظام السوري."