هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"
تقريرا للصحافيين أليكساندر بيرنز وجوناثان مارتين وماغي هابرمان قالوا فيه إن فشل
ترامب في احتواء تفشي فيروس كورونا ورفضه دعم سياسة صحة عامة واضحة خلق أزمة بينه
وبين الجمهوريين.
ففي الأيام الأخيرة اختلفت معه شخصيات
وازنة من الحزب الجمهوري ممن هم خارج البيت الأبيض على قضايا مثل لبس الكمامة في
الأماكن العامة واستمعوا لنصائح الأخصائيين الصحيين مثل الدكتور أنثوني فاوتشي
الذي تعرض لانتقادات شخصية لاذعة من الرئيس وغيره من الشخصيات اليمينية المتشددة
داخل الإدارة.
ومن ضمن الأشياء التي تبدو محفزة
لهؤلاء أن يختلفوا مع ترامب هي الأوضاع المتراجعة في ولاياتهم، وعدم اكتراث ترامب
كما يبدو نحو المشكلة ومقاربته للانتخابات الرئاسية حيث تراجع ترامب أمام منافسه
من الحزب الديمقراطي جو بايدن جونيور في الاستفتاءات.
فقام عدد من حكام الولايات المتحفظون
في العادة بإصدار أوامر حول لبس الكمامات والقيود على المحال التجارية بما يتعارض
مع مطالب ترامب. وبعض هؤلاء الحكام قاموا بالاتصال فيما بينهم وتبادلوا الأفكار
والمشاكل التي يواجهونها. وسعوا إلى الشراكة مع آخرين في الإدارة غير الرئيس مثل
نائب الرئيس، مايك بنس الذي يبدو أكثر تفهما للكارثة المستمرة.
وقال ديفيد كارني، المستشار لدى حاكم
تكساس، غريغ أبوت، بخصوص الجائحة: "لقد تعب الرئيس منها". وأشار إلى أن
أبوت يقوم ببنس مباشرة.
وطلب عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين
من الإدارة أن تعود إلى الإيجازات الصحية التي يقدمها الدكتور فاوتشي والدكتورة
ديبرا بيركس، واللذان أطلعا الشعب بشكل منتظم على المستجدات خلال الربيع، حتى
استولى ترامب على المنصة بإيجازاته وحده.
وفي ولايته كنتاكي الأسبوع الماضي
اختلف السيناتور ميش ماكونيل، زعيم الأكثرية، مع ترامب في كل قضية تتعلق بالفيروس
تقريبا.
والنتيجة هي توسيع صامت للهوة بين
ترامب وشخصيات بارزة في الحزب في الوقت الذي ينتشر فيه الفيروس خلال ساحات المعركة
السياسية في الجنوب والغرب مثل ولايات أريزونا وتكساس وجورجيا.
وأضافت الصحيفة أنه وسط المخاوف
المتزايدة في جزء كبير من البلد، يبدو ترامب أحيانا وكأنه يعيش في عالم مختلف حيث
توقع أن التفشي سينتهي بسرعة والادعاء الكاذب بأن سبب الازدياد الظاهري للحالات هو
الفحص المتزايد. وبمطالبه وأوامره أعاق
ترامب الجهود للتخفيف من آثار أزمة كورونا وهمش نفسه من المشاركة في هذه الجهود.
مشيرة إلى أن الخلافات التي تظهر داخل
حزب ترامب كانت بطيئة الحدوث ولكنها تعمقت بسرعة منذ ارتفاع مفاجئ سريع في حالات الإصابة
بفيروس كورونا التي انتشرت في أنحاء البلاد الشهر الماضي.
ثم انضم في أواخر شهر حزيران/ يونيو
حاكم ولاية يوتا، غاري هيربيرت، وهو جمهوري، إلى معارضي تصرفات ترامب.
وتعلق الصحيفة أن ترامب لم يلبس
الكمامة في الأماكن العامة إلا نادرا وقال في مقابلة على فوكس نيوز تم بثها يوم
الأحد بأنه لن يصدر أمرا عاما بلبس الكمامات، لأن الأمريكان يستحقون "حرية
ما" في هذا الموضوع.
اقرأ أيضا: أربعة عوامل تتنبأ بهزيمة ترامب في الانتخابات المقبلة
بعض الولايات التي ساء فيها التفشي في
الأسابيع الأخيرة يقودها جمهوريون قضوا أشهرا يتجنبون إغلاقات صارمة وفي بعض
الحالات لأن حكام تلك الولايات لم يرغبوا في خلق هوة بينهم وبين الرئيس الجمهوري الذي
رفض مثل تلك الخطوات. وكان هذا بالذات في الولايات الجنوبية مثل ميسيسيبي وألاباما
وفلوريدا حيث استمر الحكام بمقاومة فرض القيود أو أنهم تبنوا بعض تلك القيود
مؤخرا.
ولم يعط الحاكم الجمهوري مايك ديواين،
حاكم أوهايو، في مقابلة على "أن بي سي" جوابا مباشرا على السؤال إن كان
لديه ثقة بقيادة ترامب في هذه الأزمة، وكان جوابه هو أنه يثق "في هذه
الإدارة" ومدح بنس لقيامه "بمهمة رائعة جدا".
ورفض جود ديري، المتحدث باسم البيت
الأبيض، أي انتقادات لمقاربة ترامب.
وقال ديري في بيان له: "أي اقتراح
بأن الرئيس لا يعمل على مدار الساعة لحماية صحة وسلامة الأمريكيين، وأنه يقود كل
عملية تصدي الحكومة لهذه الجائحة بما في ذلك التسريع في تطوير لقاح وإعادة بناء
اقتصادنا اقتراح كاذب".
وما عدا بعض الاستثناءات تجنب
الجمهوريون أي مواجهة مباشرة مع ترامب. فقد تعلموا أن الانتقاد العلني هو مجرد
مضيعة للوقت – وضمان للتسبب بردة فعل فظة من ترامب دون فرصة لتغيير تصرفاته.
ولكن الكثير من أعضاء الكونغرس
الجمهوريين تعبوا من رسائل الإدارة المتضاربة، والحرب المفتوحة بين موظفي الرئيس
وطلبه من الولايات إعادة فتح الاقتصاد أو مواجهة عقوبة الحكومة الفيدرالية.
وقال السيناتور بن ساسي، الجمهوري عن
نبراسكا إنه يريد من الإدارة أن تقدم تفاصيل عن التطورات في مجال الصحة العامة
للشعب الأمريكي وشجب العداوة المفتوحة تجاه الدكتور فاوتشي من بعض المسؤولين في
الإدارة بمن فيهم بيتر نفارو، المستشار التجاري، الذي هاجم في مقال له الدكتور فاوتشي،
كبير خبراء الأمراض المعدية في أمريكا.
وقال ساسي: "أريد المزيد من
الإيجازات، ولكن الأهم من ذلك هو أنني أريد البيت الأبيض أن يبدأ بالعمل كفريق
واحد في مهمة لعلاج مشكلة حقيقية" مضيفا أن التناحر بين المستشارين يقوض
الثقة العامة بأن هؤلاء الأشخاص يدركون فعلا وزن وفاة عشرات الآلاف من الأمريكيين
وعشرات الملايين الذين فقدوا عملهم.
وكان السيناتور الجمهوري روي بلانت عن
ميسوري أكثر وضوحا: "كلما نقلوا الإيجازات الصحفية أكثر للممتهنين كلما كان
أفضل".
كما أن مجموعة من حكام الولايات
الجمهوريين يقومون على مدى أشهر باتصالات جماعية وعادة في الليل في غياب موظفيهم
للحوار بحسب أخصائي استراتيجي في الحزب مطلع على اتصالاتهم. وعلى عكس الاتصالات
التي يجرونها مع نائب الرئيس بنس والتي تركز على الفيروس فإنه لا يوجد مسؤولون
ديمقراطيون أو مسؤولون في البيت الأبيض ولذلك أصبحت تلك الاتصالات فرصة للحكام أن
يتشاوروا بحرية حول أفضل الممارسات وينفسوا عما في خواطرهم بشأن قيادة الرئيس
غريبة الأطوار.
وترامب نفسه يبدو أقل اهتماما
بالتحديات التي يفرضها الفيروس ومحبط لأنه لم يختف كما توقع.
والخلاف يزداد بينه
وبين قيادات الحزب الأخرى – ناهيك عن الناخبين. فقد أظهرت نتائج استطلاع أجرته "ايه
بي سي نيوز" وواشنطن بوست نشر الجمعة أن غالبية في البلد لا توافق على
الطريقة التي تعامل بها ترامب أزمة كورونا وقال ثلثا الأمريكيين بأنهم لا يثقون
بكلام ترامب حول المرض.
وموقف ترامب الآن سيئ جدا لدرجة أن
الجمهوريين الذين تجنبوا لسنوات التعليق المباشر على تصرفاته بدأوا يعترفون بعدم
شعبيته بصراحة. فمثلا رئيس مجلس النواب السابق بول ريان عكس صورة قاتمة لفرص ترامب
الانتخابية خلال نشاط عقد في سولامير، وهي شركة مرتبطة بالسناتور الجمهوري ميت
رومني وعائلته.
وقال ريان المتحفظ في العادة بأن ترامب
يخسر مناطق كاملة في وسط غرب البلاد وفي أريزونا والتي وصفها بأنها ولاية جمهورية
ولكنها الآن "تميل ضدنا".
ومع أن ريان لم ينتقد تعامل ترامب مع
تفشي الفيروس إلا أنه قال إن الرئيس لن يستطيع كسب الانتخابات هذا العام إن استمر
في الخسارة لبايدن بين ناخبي المدن. وقال: "بايدن يكسب الناخبين في الفئة 70
إلى 30 وإن استمر هذا فإن ترامب لن يفوز في ولايات مثل ويسكونسن وميتشيغان
وبنسلفانيا".
ولا يزال بعض المستشارين المقربين من
ترامب يصرون على أن الطريق الأفضل للأمام هي التقليل من شأن مخاطر المرض. ويعتبر
رئيس موظفي البيت الأبيض، مارك مادوس، أكثر الناس تركيزا على أن على البيت الأبيض
تجنب لفت الانتباه للفيروس، بحسب أشخاص مطلعين على النقاشات.
وكان مادوس معارضا للإيجازات المتعلقة
بالفيروس بينما لم يعارض المستشارون الآخرون مثل هوب هيكس وجاريد كوشنر تلك الإيجازات
ما داما غير موجودين في البيت الأبيض وقت عقدها – حيث يمكن لترامب أن يظهر
ويختطفها. ومع أن بنس يفضل عقد هذه الإيجازات مع خبراء صحة إلا أن مستشاري ترامب
للتواصل لا يريدون أن يكون نائب الرئيس جزءا منها.
وهناك عدد كبير من أعضاء الكونغرس من
الحزب الجمهوري يشاركون ترامب وجهة النظر في التعامل مع المرض.
فأصدر حاكم ولاية جورجيا الجمهوري،
بريان كيمب، أمرا يمنع السلطات المحلية من فرض لبس الكمامات، ثم رفع قضية على عمدة
أتلانتا، كيشا لانساب وتمز لأنها فرضت الكمامات. وجاء أمر كيمب ساعات بعد أن زار
ترامب الولاية ورفض لبس الكمامة في مطار أتلانتا. ولكن البعض في الحزب الجمهوري لا
يرون سبيلا إلا النأي بأنفسهم عن سياسات ترامب.