هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أظهرت دراسة جديدة التأثير الذي يشكّله مقاتلو تنظيم الدولة الأجانب - الأوروبيون - وإمكانية تشكيلهم نواة جديدة لداعش، بسبب أسلوب تعامل حكومات الغرب معهم.
التقرير الذي نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجي بالتعاون مع كلية "كينغز" البحثية في لندن، أشار إلى أن تخلي حكومات الغرب عن السعي في إعادة مواطنيها المنضمين إلى "داعش"، دفع بهؤلاء إلى التفكير جديا في إعادة إحياء "الخلافة" مجددا، بحسب توصيفهم.
وحذّرت الدراسة من أن المقاتلين الأوروبيين يتدفقون إلى المناطق الأكثر سخونة هذه الفترة، وهي جنوب شرق آسيا (الفلبين)، ووسط وغرب أفريقيا، حيث ينشط التنظيم بشكل كبير.
الدراسة التي جاءت كجزء من تقرير مفصّل للمعهد الدولي عن مسار الصراعات الإقليمية في 2020، أوضحت أن النقطة المفصلية في مسار "داعش" الجديد لم تكن بمقتل زعيمه "أبو بكر البغدادي" في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، إذ سبقتها بسبعة شهور، وتحديدا بآذار/ مارس 2019، عند خسارتها الباغوز، آخر معاقلها الحقيقية في سوريا والعراق.
وبحسب البحث، فإن سقوط الباغوز بيد قوات سوريا الديمقراطية، أعلن عن دخول التنظيم في مرحلة جديدة قديمة بالنسبة له، وهي حرب العصابات، والعمليات المباغتة، دون وجود منطقة تحت سيطرته، وهو أسلوب اتبعه التنظيم قبل العام 2013.
أربعة أصناف
قسّمت الدراسة مقاتلي داعش الأجانب إلى أربعة أصناف:
الأول: المقاتلون الذين لا يزالون ينشطون مع التنظيم سواء في سوريا والعراق، أو فروع أخرى حول العالم، وهم من "المحاربين القدامى" كما يطلق عليهم.
الثاني: المتنقلون إلى ولايات أخرى دون وجود معلومات حول نشاطهم.
الثالث: هم الأسرى سواء في بلدانهم الأصلية، أو لدى قوات سوريا الديقراطية
الرابع: العائدون إلى أوروبا دون أن يتم اكتشافهم، إما عبر القدوم مع حملات اللجوء، أو بطرق أخرى، علما أن من عاد بعلم السلطات يقدر بنحو ألفي شخص.
مرونة واستفادة من الفروع
أوضحت الدراسة أن مقاتلي "داعش" الأجانب يتنقلون من سوريا والعراق إلى جنوب وشرق آسيا، وقارة أفريقيا، ويعودون إلى أوروبا بمرونة كبيرة.
وأوضحت أنه بينما تتصارع الحكومات الغربية حول قضية إعادة مقاتلي داعش وأسرهم، يعمل مقاتلو التنظيم في سوريا والعراق بشكل مرن على إعادة تموضعه مستغلا الوضع الأمني الهش بالبلدين.
وبحسب أرقام صادرة عن مجلس الأمن، فإن مقاتلي تنظيم الدولة الأجانب منذ إعلانه الخلافة بالموصل عام 2014، ولغاية بداية سقوطه في 2017 وصل إلى أكثر من 40 ألف مقاتل.
وأوضحت الدراسة أن البيعات العديدة التي حصل عليها التنظيم إبان سطوته (2014-2017) بدأ بحصد ثمارها الآن إثر تقهقره في معقليه الأساسيين بسوريا والعراق.
إذ ينشط التنظيم بشكل كبير في وسط وغرب أفريقيا، وفي أفغانستان، وسيناء بمصر، وجنوب وشرق آسيا، إضافة إلى نشاط جزئي باليمن.
اقرأ أيضا: زعيم تنظيم الدولة "ليس من أصول عربية".. وهذه أهدافه
تكتيكات العمل
أوضحت الدراسة أن التنظيم اتخذ تكتيكات جديدة لأسلوب عمله الحالي القائم على شن عمليات دون السعي إلى السيطرة على أي منطقة.
وبحسب هذه التكتيكات، فإن التنظيم يحرص على أن يحافظ مقاتلوه على الحد الأدنى من الخبرة العسكرية، ويعملون في المناطق الريفية والنائية، ويعتمدون على حفر الأنفاق، والتمركز فيها وبالبيوت الآمنة.
ولفتت الدراسة إلى أن "القتال حتى الموت" لا يزال تكتيكا يتبعه مقاتلو داعش الأجانب المتواجدين في مناطق مختلفة من العالم.
مسؤولية دولية
أوضحت الدراسة أن قدرة التنظيم في نقل مقاتليه من قارة إلى أخرى يضع اللوم على الدول في نقص وغياب التنسيق فيما بينها.
ولفتت إلى أنه وبرغم أن بعض تنقلات عناصر التنظيم من دولة إلى أخرى تستغرق شهورا، إلا أن غياب التنسيق بين استخبارات دول العالم، إضافة إلى "الانتربول" يساهم في زيادة نشاط "داعش" وقدرته على التحرك.
وقالت الدراسة إن دول الغرب ملزمة بإعادة مواطنيها المنتمين إلى "داعش"، ومحاكمتهم وفقا للقوانين المتبعة، ومن ثم عليها أن تدمج من يخرج من السجن في المجتمع المحلي، محذرة من أن عدم التحرك في هذا الاتجاه يعني بقاء هؤلاء المقاتلين في بيئة خصبة لـ"داعش جديدة" حتى لو كانوا بسجون "قسد" حاليا.
اللافت أن تجاهل الغرب لمقاتليها، وتجريد عدد منهم من جنسياتهم، يأتي رغم أن أحدث التقارير حول العائدين إلى أوروبا، أشارت إلى تخلي نسبة كبيرة منهم عن أفكار التنظيم.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" نقلت الشهر الماضي عن الخبير البلجيكي توماس رينارد والباحث في الإرهاب، قوله إن "هناك عدة إشارات تشير لمشاعر خيبة بين العائدين ومن أفرج عنهم".
وأضاف: "لا يبدو أنهم أعادوا الربط مع شبكاتهم القديمة، أو يريدون العودة للنشاطات المتطرفة العلنية، ولدينا تقارير من الخدمات الأمنية تؤكد هذا".
اقرأ أيضا: WP: جهاديو أوروبا يشعرون بالخيبة من تنظيم الدولة
خلاصة
رأت الدراسة أنه على المدر القصير سيستمر تدفق مقاتلي تنظيم الدولة نحو الفروع الأكثر اشتعالا، ولكن لن يكون هناك "دولة" بشكلها السابق.
وأوضحت الدراسة أن التنظيم ربما يستهدف في الفترة المقبلة العمل في مثلث (أفغانستان، باكستان، الهند) على أن يعمل بشكل شبه مستقل عن بقية الولايات الأخرى، إضافة إلى مواصلة نشاطه في الفلبين رغم الحرب الشرسة ضده.
كما خلصت الدراسة إلى إمكانية سعي التننظيم لتوسيع نشاطه تحت مسميات مجموعات صغيرة أخرى، ترتبط به بشكل غير معلن.
لتحميل الدراسة (هنا)