هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إقدام السلطات
الأردنية، السبت، على إغلاق مقرات نقابة المعلمين، واعتقال أعضاء مجلسها، وكف يده
عن النقابة لمدة سنتين؛ تساؤلات حول توقيت هذه الإجراءات، وأبعادها وتداعياتها على
المشهد السياسي في البلاد.
وتقرر ظهر السبت كف
يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين الثلاثة عشر عن العمل، وإحالتهم إلى مدعي عام عمان،
وتوقيفهم لمدة أسبوع في أحد مراكز الإصلاح والتأهيل، وإغلاق مقرات النقابة لمدة
سنتين، وذلك لنظر النيابة العامة في قضايا جزائية حول تجاوزات مالية، وقرارات
للمجلس اشتملت على إجراءات تحريضية، وفيديوهات متداولة صادرة عن نائب النقيب، بحسب
مدعي عام عمان حسن العبداللات.
وأعرب الوزير
الأسبق صبري الربيحات عن استغرابه مما جرى مع المعلمين، مؤكدا أن "التوقيت
غير مناسب، لأن الحكومة بدأت للتو باستعادة بعض الثقة الشعبية نتيجة إجراءاتها
الوقائية إزاء فيروس كورونا، وباتت الأجواء مناسبة لتأسيس قواعد للحوار والتفاعل
والمنطق".
وقال
لـ"عربي21" إنه "ليس من المناسب أن تتخذ أي إجراءات صدامية من هذا
النوع، فأمامنا أزمات كبيرة تستدعي تمتين الجبهة الداخلية، كأزمة كورونا وتبعاتها
الاقتصادية، وخطة الضم الإسرائيلية"، لافتا إلى قرب بدء السنة الدراسية
الجديدة، "وهذا لا يحتمل إحداث إشكالات جديدة قد تؤثر على الوضع الدراسي
لطلبتنا".
وقال الربيحات إن
"نقابة المعلمين ليست متطرفة حتى تعامل بهذه الطريقة، وأعضاء مجلسها النقابي
يطالبون بتطبيق اتفاقية وقعت مع الحكومة، وربما كانوا جاهزين لقبول تأجيل تسديد
الالتزامات التي وعدت بها الحكومة"، مضيفا: "لا أعرف ما الذي جرى
بالضبط، وأنا متفاجئ بهذا الوضع".
وأوضح أن "ثمة
معتقدا خاطئا عند الجميع، وهو أن نقابة المعلمين إخوان مسلمون"، مضيفا:
"ربما يكون عضو أو عضوان في مجلس النقابة من الإخوان، ومع ذلك فالإخوان
كغيرهم مواطنون أردنيون من حقهم أن يعبروا عن رأيهم، وأن يتنافسوا مع الآخرين على
قيادة العمل النقابي".
وحول من يتحمل
مسؤولية ما جرى للمعلمين؛ قال الربيحات إن الحكومة بريئة من كل السياسات التي فيها
مجابهة مباشرة واشتباك مع الشعب، موجها أصابع الاتهام إلى "تيار داخل البلد
يتخذ قرارات غير متوقعة تضر بالسلم المجتمعي وبمصلحة البلد"، ولكنه امتنع عن
ذكر اسمه صراحة.
ورأى الربيحات أن
ما جرى سيترك ندبة في جسم وروح المجتمع الأردني، لأن الإجراءات تمت بسرعة ودون
شرح أو توضيح، مطالبا الإعلام الرسمي بـ"الإجابة عن تساؤلات الناس؛ لئلا تبقى
سياسات الدولة غامضة ولا تخضع للتفسير والانشقاقات داخل البلد".
اقرأ أيضا: اقتحام واعتقال وإغلاق مقرات نقابة المعلمين بالأردن (شاهد)
"استمرار التردي
الديمقراطي"
ورغم أن الإجراءات
الأخيرة تجاه "المعلمين" كانت متوقعة، إلا إنها شكلت صدمة في الشارع
الأردني كونها نحو حل مجلس النقابة من خلال المدعي العام وليس من خلال قرار المحكمة،
بحسب مراقبين.
ورأى نائب أمين عام
حزب الشراكة والإنقاذ، المهندس سالم الفلاحات، أن الإجراءات المتخذة ضد نقابة
المعلمين تشكل "استمرارا لحالة التردي الديمقراطي الذي تعيشه البلاد".
وقال
لـ"عربي21" إن الحكومة ربما توهمت أن الفرصة مواتية للإجهاز على نقابة
استطاعت أن تنتزع حقها خلال مسيرة طويلة زادت عن 60 عاما، وإضراب استمر حوالي
شهرا كاملا، مضيفا أن "الهدف ليس التخلص من علاوة المعلمين التي انتزعتها
مجلس النقابة، وإنما هي خطوة باتجاه ضرب العمل الوطني كله".
واستبعد الفلاحات
أن تكون ثمة علاقة بين "الإجراءات القمعية" بحق المعلمين وبين اقتراب
موعد الانتخابات النيابية، معللا ذلك بأن "ما جرى يحسن ظروف المعارضة، وربما
يدفع مزيدا من المواطنين إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات".
وقال إن "سياسات
الحكومة التي تتعارض مع الحريات العامة بدأت منذ زمن بعيد، ولكن الحكومة تؤمن
بالتدرج لحين الوصول إلى إفراغ الديمقراطية من محتواها".
ولم يستبعد
الفلاحات أن يكون ثمة رابط بين إيقاف نقابة المعلمين، وبين قرار محكمة التمييز
باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منحلة وغير قانونية، مضيفا: "ربما تتم تهيئة
الظروف لإسكات الصوت الوطني ولو على شكل حجج قانونية".
وحول السيناريوهات
المرتقبة؛ توقع الفلاحات أن يتراجع صاحب القرار عن إجراءاته ضد نقابة المعلمين،
وإلا فإن الحكومة ستستمر في إجراءاتها القمعية، وتدخل البلاد إلى نفق مجهول.
"أحكام عرفية"
من جهته؛ وصف
النائب صالح العرموطي الإجراءات المتخذة بحق نقابة المعلمين بـ"التعسفية،
وغير القانونية".
ورأى في حديثه
لـ"عربي21" أن "هذه خطوة أولى في سبيل استهداف العمل الحزبي
والنقابي في المملكة"، مشيرا إلى أن استهداف نقابة المعلمين جاء بعد اعتقال
أمين عام حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب، وقرار محكمة التمييز باعتبار
"الإخوان المسلمين" جماعة منحلة، ما يشي بأن ثمة نهجا قمعيا يستهدف
الحريات العامة ومؤسسات المجتمع المدني.
وتابع: "نشعر
أننا نعيش عهدا أسوأ من عهد الأحكام العرفية، وكان الأحرى بالحكومة أن تحاور جميع
الأطراف، لا أن تلجأ إلى قمع الحريات واعتقال الأحرار".
وفي ردة فعله على
الإجراءات المتخذة ضد نقابة المعلمين؛ استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي ما وصفه بـ"الحملة
المسعورة" التي تقوم بها الحكومة ضد الحريات العامة، وتكريس نهج الأحكام العرفية
وسياسة التأزيم.
واعتبر الحزب في تصريح
صادر عنه، السبت، أن ما جرى للمعلمين "يمثل تغولاً على إرادة المواطنين وحقوقهم
وحرياتهم، بما يعكس كونه قرارا سياسيا واستمرارا للعقلية العرفية التي توسعت فيها الحكومة
تحت مظلة قانون الدفاع".
وأكد أن "مثل هذه
الإجراءات ستزيد من حالة الاحتقان المجتمعي وتأزيم الحالة الوطنية في ظل ما يمر به
الأردن من تحديات وأزمات خطيرة لا تحتمل مزيداً من العبث السياسي والمجتمعي".
وطالب الحزب الحكومة بـ"التراجع عن جميع الإجراءات
الأخيرة بحق نقابة المعلمين، والاحتكام إلى القضاء ليقول كلمته في ملف النقابة، والعودة
إلى طاولة الحوار كسبيل لمعالجة الأزمات أو الخلافات في وجهات النظر".
وعاد التصعيد بين نقابة
المعلمين والحكومة بعدما أوقفت الأخيرة صرف علاوة للمعلمين بسبب الأوضاع الاقتصادية
لجائحة كورونا، كانوا قد انتزعوها في 2019 بعد إضراب استمر طيلة شهر أيلول/ سبتمبر،
وعُد الأطول في تاريخ المملكة.
وحاول موقع "عربي21"
الاتصال بوزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة، ولكنه لم يرد.
اقرأ أيضا: إضراب لمعتقلي نقابة المعلمين وتظاهرات بمحافظات أردنية