هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يقبل المشهد
السياسي في لبنان على فراغ سياسي، خلفته استقالة حكومة حسان دياب، بعد نحو سبعة
أشهر من توليها رئاسة السلطة، في ظل ظرف حساس وصعب تمر به البلاد.
وأعلن رئيس الحكومة
اللبنانية، حسان دياب، استقالة حكومته، بعد أسبوع على كارثة انفجار مرفأ بيروت،
التي تسببت في دمار كبير للعاصمة، واحتجاجات واسعة وحملة استقالة لوزراء ونواب.
ويطالب اللبنانيون
باستقالة كافة رموز الطبقة السياسية الحاكمة، ويحملونها مسؤولية أزمات متلاحقة
تعصف ببلدهم، ورفع محتجون مطالبات بإجراء انتخابات نيابية مبكرة وبتعديل القانون
الانتخابي.
وقبلت رئاسة
الجمهورية استقالة حكومة دياب، وطلبت من الوزراء العمل كحكومة "تصريف أعمال".
وحكومة تصريف الأعمال
تعنى بإنجاز مهام روتينية تسير الأمور الحياتية في إطار "الضرورة"، وليس
باستطاعتها اتخاذ القرارات المصيرية.
وانطلقت مشاورات
سياسية على مستويات عدة بهدف التوصل إلى تسمية رئيس حكومة جديد في لبنان.
اقرأ أيضا: صحيفة لبنانية: إغراءات أمريكية لحكومة بلا حزب الله وباسيل
وغالبا ما يستغرق
تشكيل الحكومات في لبنان على أسابيع وحتى أشهر، نظرا لنظام المحاصصة القائم بين
الأحزاب.
واستغرق تشكيل حكومة
دياب (المستقيلة) نحو شهرين منذ تسمية رئيسها في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2019 حتى
نيلها الثقة البرلمانية في 11 شباط/ فبراير الماضي.
مدة تشكيل "مفتوحة"
وقانونيا، لا توجد
مهلة أمام تأليف الحكومة بلبنان، والتي قد تستغرق فترة بسيطة أو تمتد لفترة طويلة،
بحسب أستاذ القانون الدولي بالجامعة اللبنانية خليل حسين.
وأوضح حسين في حديثه
لـ"عربي21" أن المهلة المفتوحة "بدون سقف زمني" أمام تشكيل
الحكومة، هي إحدى الثغرات في النظام الدستوري اللبناني، والذي تم إقراره في اتفاق
الطائف (عقب انتهاء الحرب الأهلية عام 1989).
ويشير إلى أنه بعد
تشكيل الائتلاف الحكومي، يفترض بالحكومة الجديدة إعداد "البيان الوزاري"
خلال مدة شهر لتعرض على مجلس النواب من أجل نيل أو حجب الثقة عنها.
وحول إمكانية منح
الثقة للحكومة المقبلة في ظل ما يعصف بالبرلمان من استقالات النواب المتوالية، يقول
أستاذ القانون الدولي: "مجلس النواب أمامه خيارات متعددة، إذ يتشكل من فرقاء سياسيين،
وعادة ما يكون الاتفاق على حكومة معينة قابل لنيل الثقة في ظل وجود إشارات داخلية
أو خارجية نحو تمريرها".
وفي ذات الوقت، يعتقد
حسين أن هناك "صعوبات جمة" لإمكانية تأليف حكومة وحدة وطنية، والتي طالب
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بها عند زيارته للبنان، الأسبوع الماضي.
ويضيف "أعتقد أن
الأمر قد يطول أمام إمكانية الوصول إلى حكومة ائتلاف وطني أو حكومة وحدة وطنية".
وعن المطالبة الشعبية
بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ينبه حسين إلى أن لبنان لا يتحمل إجراء مثل هذه
الانتخابات، ولم يشهد في تاريخه السياسي عمل انتخابات نيابية مبكرة.
ويُرجع أستاذ القانون الدولي بالجامعة اللبنانية سبب صعوبة إجراء انتخابات مبكرة إلى أن الأطراف التي
يمكن أن تقرر ذلك "لا مصلحة لها بالتغيير، ومتمسكة بالنظام غير المرن ليحافظ
على مصالحهم".
اختراق "حصار"
الحكومة
ويتفق الكاتب والمحلل
السياسي إبراهيم حيدر على أنه "ليس من السهل" التوصل لتسوية بين القوى
السياسية المتصارعة في لبنان بشأن "تكليف شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة".
ويُوضح حيدر في حديثه
لـ"عربي21" أن سبب الصعوبة هو "الهيمنة السياسية" التي كانت
قائمة في ظل الحكومة السابقة عبر تحالف الرئيس ميشال عون وحزب الله، ويقول: "التحالف
لا يريد تقديم تنازلات بهذا الموضوع".
وكشفت صحف لبنانية عن
مجريات المشاورات الحكومية، فمن جانبها قالت "الأخبار" إن تيار الرئيس
عون لا يمانع تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، فيما لم يتضح بعد موقف كلا من الثنائي
الشيعي "حركة أمل وحزب الله" من هذا المقترح، المدعوم من فرنسا وأمريكا
والسعودية، بحسب الصحيفة.
اقرأ أيضا: WSJ: خيارات محدودة أمام لبنان لملء فراغ السلطة
ويستبعد حيدر قبول تحالف
"عون وحزب الله" تكليف شخصية مستقلة كفؤاد سلام لرئاسة الحكومة، بذريعة
أنه "قريب من الأمريكيين".
وسلام دبلوماسي،
تولّى منصب سفير لبنان في الأمم المتحدة لسنوات، وهو قاض في محكمة العدل الدولية
في لاهاي، سبق أن طرح اسمه بعد استقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على وقع
تحرّكات شعبية غاضبة في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
وأفادت
مصادر صحيفة "النهار" أن الثنائي الشيعي ووليد جنبلاط يؤيدون عودة
الرئيس سعد الحريري لتولي تأليف حكومة توافقية.
ويعتقد حيدر أن
استقالة حكومة حسان دياب شكلت "سقوطا مدويا" للنهج السياسي الذي كان
قائما في البلد عبر تحالف "عون وحزب الله".
ويضيف ربما فتحت
"كارثة الانفجار" إمكانية أن تقوم تسوية سياسية داخلية برعاية دولية
تقودها فرنسا بموافقة أمريكية لتجري اتصالات عربية ترفع "المقاطعة" الخليجية عن لبنان، والتي كانت قائمة في عهد حكومة دياب المتهمة بالولاء
لحزب الله.
وعقب تعثر مفاوضات
حكومة دياب في الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي في أيار/ مايو الماضي،
اتجهت لعقد اتفاقيات تجارية مع الصين والعراق في محاولة لمواجهة "القرار بحصار البلد"، على حد
تعبير الحكومة حينها.
وصرح وزير خارجية
لبنان السابق وحليف حزب الله جبران باسيل في تموز/ يوليو الماضي بأن لبنان يواجه
"حصارا ماليا"، تفرضه القوى الدولية.
ويربط حيدر التوصل لتسوية
حول "تشكيل حكومة جديدة" بلبنان، بما سينتج عن التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، مشيرا إلى صعوبة الاستمرار
بحكومة تصريف أعمال.
ويعتقد حيدر أن
المطالبة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة في ظل عدم إحداث تغيير بموازين القوى القائمة
داخل لبنان "لا تغير شيئا".
ويؤكد المحلل السياسي على أن الخروج
من الأزمة الراهنة في لبنان يكون عبر "تشكيل حكومة مستقلة وشفافة بعيدة عن
مصالح القوى السياسية المتمسكة بالحكم منذ سنوات طويلة، وتكون قادرة على حمل
المطالب الشعبية، وتقوم بعملية إصلاح جدي وحقيقي".