كم مرة اقترب العالم من حافة صراع نووي جراء "خطأ"؟

سلط تقرير نشرته شبكة "بي بي سي" البريطانية على إنذارات خاطئة كادت تشعل حربا عالمية ثالثة، تستخدم فيها قنابل نووية، ما من شأنه تدمير البشرية.

وأكد التقرير أنه من المستبعد تماما أن يتعمد أي زعيم في العالم إشعال حرب نووية، "إلا إذا كان قد فقد صوابه"، إلا أن الأمر قد يحدث جراء خطأ غير مقصود، قبل أن يصبح المشهد خارج السيطرة.

ولفت إلى أنه منذ إنتاج أول قنبلة نووية، فإن العالم اقترب من حافة صراع نووي مدمر 22 مرة على الأقل، عدد منها بسبب إساءة تفسير أحداث غاية في البساطة، مثل سرب من البجع أو لون القمر أو مشاكل طفيفة في الكمبيوتر أو ظواهر جوية فضائية غامضة.

سقوط "بالخطأ"!

وفي عام 1958، أسقطت طائرة من دون قصد قنبلة ذرية على حديقة خلفية لمنزل عائلي بولاية ساوث كارولاينا الأمريكية، في حادث مثير للقلق على نحو جدي.

والعجيب، بحسب التقرير، أن القنبلة لم تسفر عن مقتل أحد من أفراد العائلة، إذ إن الانفجار النووي لم يحدث جراء نزع النواة الانشطارية من القنبلة في وقت سابق.

ولم تكن تلك أكثر الحوادث إثارة للاستياء، ففي 25 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1962، لمح حارس في مركز التوجيه بقطاع الدفاع الجوي في مدينة دولوث، شبحا غير واضح المعالم يحاول تسلق السياج حول المركز، وأطلق عليه الرصاص ثم رفع حالة التأهب خشية أن يكون ذلك جزءا من هجوم سوفييتي مدبر. وسرعان ما سُمع دوي صافرات الإنذار في جميع القواعد الجوية في المنطقة.

وزاد الأمر سوءا عندما ضغط أحد العاملين في قاعدة "فولك فيلد" الجوية المجاورة، على زر خاطئ، وبدلا من سماع التحذيرات الأمنية المعتادة، سمع الطيارون صافرات الطوارئ تخبرهم بالإقلاع على الفور.

وسرعان ما سادت حالة من الهرج والمرج، وهرع الجميع إلى طائراتهم للإقلاع في الجو مسلحين بالأسلحة النووية.

وتبيّن لاحقا أن ذلك "المتسلل" الذي يحاول تسلق السياج خفية لم يكن سوى دب أسود، أي أن الأمر كله كان خطأ منذ البداية، لتنطلق شاحنة مسرعة في منتصف الليل على مدرج الطائرات لإيقافها قبل إغراق العالم بالدمار.

وكان ذلك في أوج أزمة الصواريخ الكوبية، وكان الجيمع متأهبا للقتال، بحسب التقرير، فقبل 11 يوما، التقطت طائرة تجسس صورا لصواريخ وقاذفة صواريخ وشاحنات سرية في كوبا، تدل على أن الاتحاد السوفييتي يحشد قواته لضرب أهداف في الولايات المتحدة. وكما هو معلوم، كانت ضربة واحدة كفيلة بتصعيد الصراع بين الجانبين.

اقرأ أيضا: هذه مواقع مخازن الرؤوس النووية عالميا.. كوارث موقوتة (خريطة)

وفي عام 1995، كان بوريس يلتسن، الرئيس الروسي آنذاك، أول زعيم في التاريخ يتخذ قرار استخدام الحقيبة النووية التي تحتوي على تعليمات إطلاق القنابل الذرية. إذ لاحظ مشغلو الرادار الروسيون أن صاروخا انطلق بمحاذاة ساحل النرويج، وصعد إلى السماء.

ودعا يلتسن مستشاريه على الفور لمناقشة شن هجوم مضاد. وبعد دقائق أدركوا أن الصاروخ خرج من البحر ولم يعد مصدر تهديد.

واكتشف لاحقا أن هذا الصاروخ هو مسبار علمي أرسلته النرويج لاستكشاف الأضواء الشمالية.

واندهش المسؤولون النرويجيون من هذه البلبلة التي سببها الصاروخ رغم أنهم أعلنوا على الملأ أنهم سيطلقونه قبل شهر على الأقل.

ووقع آخر هذه الحوادث منذ وقت قريب، في عام 2010، حين فقد سلاح الجو الأمريكي القدرة على التواصل مؤقتا مع 50 صاروخا نوويا، ما يعني أنه كان من المستحيل إيقاف أي إطلاق آلي للصواريخ النووية.

خطر قائم دائما

تسببت أنظمة الإنذار المبكر التي وضعت إبان الحرب الباردة، في الكثير من الأخطاء، إذ ترصد هذه الأنظمة الصورايخ النووية قبل أن تضرب الهدف، حتى تتمكن الدولة من شن هجوم مضاد قبل تدمير أسلحتها، ما يعني أن امتلاك العالم لتلك الأسلحة سيبقى مصدر تهديد للبشرية في جميع الأحوال، جراء ما تسببه من توتر.

وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الأسلحة النووية الحديثة وتطورها التكنولوجي الفائق، إذ من المتوقع أن يبلغ إنفاق الولايات المتحدة على ترسانتها النووية 400 مليار دولار في الفترة ما بين 2017 و2026، فإن هناك أحداثا تاريخية تكشف عن مدى سهولة تعطل التدابير الأمنية التي تُتخذ لمنع إطلاق الأسلحة النووية دون قصد، بسبب أخطاء بشرية أو حيوانات برية متطفلة.

ويشير التقرير إلى أنه من السهل أن ننسى أن هناك نحو 14 ألف قنبلة نووية في العالم، وهي أسلحة لديها القدرة مجتمعة على حصد أرواح نحو ثلاثة مليارات شخص أو ربما تؤدي إلى فناء الجنس البشري في حالة حدوث شتاء نووي.

وبخلاف المسؤولين الفنيين، فإن مصدر القلق الرئيسي هنا هو الزعماء الذين يملكون صلاحيات الموافقة على شن الهجوم النووي.

وعلاوة على ذلك، فإن "الثمالة" تعد من المشاكل المنتشرة بين أفراد الجيش الذين يحرسون ترسانة الأسلحة النووية في الولايات المتحدة. وفي عام 2016، اعترف أفراد طاقم طائرة حربية أمريكية بقاعدة عسكرية أنهم يتعاطون مخدرات، منها الكوكايين وحمض الليسرجيك.