هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة
"نيويوركر" مقالا لبرنارد أفيشاي قال فيه إن الاتفاق الإسرائيلي
الإماراتي ربما قاد إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين ولكنه يظل
"حيلة" أخرى من حيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبدأ بالحديث عن رحلة
طائرة العال 971 من تل أبيب عبر الأجواء السعودية، والتي هبطت في أبو ظبي. وكان
على متنها مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون خاصة جارد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب
الذي زعم أن الرئيس "يقوم بكتابة نص الشرق الأوسط الجديد". وهذه مبالغة، لكن أدم سميث ناقش قائلا إن "التبادل التجاري بين الغرباء لا يعزز المكاسب
الخاصة، بل يؤدي إلى ثقة متبادلة تبنى في النهاية على التعاطف، وهذه هي النظرية.
وأدى الاتفاق إلى ارتفاع الأسهم في سوق المال الإسرائيلي وتقوية الشيقل.
وفي الظاهر تبدو إسرائيل مستعدة لدفع ثمن سياسي للحصول على المنافع التجارية. ووصف سفير الإمارات
في واشنطن، يوسف العتيبة الاتفاق بأنه "نصر للدبلوماسية" حيث أوقف خطط
نتنياهو لضم أجزاء من الضفة الغربية وتصعيد العنف. وقال أنور قرقاش، وزير الدولة
للشؤون الخارجية إن التطبيع يعكس "الواقعية التي يحتاج إليها بشدة".
وأظهر استطلاع سريع
أن نسبة 8% من الإسرائيليين تفضل التطبيع على الضم. ولكن الإسرائيليين المعجبين
منهم والرافضين يعرفون أن التطبيع هو آخر مناورة لنتنياهو. وفي استطلاع آخر كشف عن
أن التطبيع يعكس قلق رئيس الوزراء من "الثمن القانوني الباهظ"، أي
محاكمته بالفساد وخرق الثقة التي بدأت في 24 أيار/مايو.
وقالت نسبة 18% إنه
مهتم بمصلحة الدولة. لكن الإستطلاع كشف أنه في حال أجريت انتخابات رابعة، فمن
السهل على كتلة اليمين المتطرف التي يقودها نتنياهو الفوز بغالبية مقاعد الكنيست.
ويحاول نتنياهو
استغلال التطبيع الجديد وكأنه في حملة انتخابية. وزعم أن ما جرى مع الإمارات هو
نجاح لـ "عقيدة نتنياهو" التي تقوم على "السلام من خلال
القوة" وأنه الشخص الوحيد القادر على التطبيع، ومن قالوا إن الفلسطينيين
لديهم فيتو على تقدم إسرائيل تجاه العرب ثبت خطؤهم.
وقالت الصحيفة: "بالتأكيد
فرفض السلطة الفلسطينية الإتفاق الذي وصفه المتحدث باسمها خيانة للقدس يعكس غياب
الخيال لدى القيادة الفلسطينية. كما أن قادة الإمارات لم يسمعوا ما قاله وأنه
وافق على تعليق مؤقت للضم الذي سيحدث فقط بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة.
ورغم حماس الرأي العام إلا أنه من الصعب رؤية بداية التطور الإقليمي ونهاية حيلة
نتنياهو.
وقال إن الواقعية
واضحة من قرار الإمارات، فهي تريد حماية نفسها من إيران التي تقع على الطرف الثاني
من خلال مسافة 24 ميلا. ويأمل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الحصول على التغطية
الجوية والمساعدة الأمنية من إسرائيل.
وطلب من أمريكا الحصول
على أسلحة متقدمة مثل طائرات بدون طيار "بريدتور" وأف-35. لكن نتنياهو
قال مدافعا إن "التفوق النوعي الإسرائيلي سيظل قائما. لكن الإمارات تواجه
معضلة اقتصادية لا علاقة لها بإيران، وتجت عن تراجع أسعار النفط. ويعيش معظم
السكان في دبي وأبو ظبي، ويتمتع مليون شخص من عوائد البترودولار، وتقود الشرطة في
دبي سيارات بوغاتيس وفيراري ولامبورغيني".
وفي أيار/مايو اعتقلت
الشرطة شخصا عطس على ورقة نقدية ووجهت له تهمة "إهانة مكانة مؤسسات
الإمارات". وهناك 9 ملايين شخص من العمالة الوافدة، نسبة 60% جاءت من جنوب
آسيا. ولا منظور أمام الوافدين للحصول على المواطنة وكلهم عمال فنيون ويدويون. وهناك
حوالي 100.000 فلسطيني بعضهم في مناصب عليا، مثل محمد دحلان القيادي الفتحاوي
السابق في غزة. ويشك أنه عمل من خلف الستار مع المخابرات الإسرائيلية على التقدم
في الإتفاق.
وقال أفيشاي إن الأساس
الاقتصادي للإمارات غير واضح. فلن تتمكن في المستقبل من شراء حنق الناس من خلال
الثروة النفطية التي لا تشكل سوى ثلث الناتج المحلي العام. وتزعم الحكومة نجاح
سياسة التنويع الاقتصادي، وهذا سراب لأن التنويع الحقيقي يقتضي تطوير القدرات
العلمية والتكنولوجية بين المواطنين والمقيمين.
إقرأ أيضا: ابن سلمان اعتزم لقاء نتنياهو بواشنطن ولكنه تراجع
وهذا ما يفترض أن
تجلبه الشراكة مع الشركات الإسرائيلية ومقرها في تل أبيب والتعاون مع مراكز القوة
التكنولوجية في المنطقة. وقال المستثمر التكنولوجي يوسي فاردي إن أشخاصا من
الإمارات اتصلوا به بعد الإتفاق وعرضوا المشاركة في عمليات استثمارية.
وهناك شائعات عن دفع
الإمارات مليون دولار في السنة لأي شخص عمل في الوحدة الاستخباراتية الشهيرة في
الجيش الإسرائيلي 8200 التي تم فيها تربية واحتضان معظم المواهب التكنولوجية في
إسرائيل.
وبحسب الصحافي الإسرائيلي
المخضرم هنريك تشيمرمان والذي عمل لعقود على توثيق الصلات التجارية بين إسرائيل
والأردن ودول الخليج وأنشأ الغرفة التجارية الإسرائيلية، ومجلس التعاون، فإنه يتوقع
تركيز الإمارات وإسرائيل على الصناعات الدوائية الحيوية والزراعة المائية، والأمن
الإلكتروني وبنية الاتصالات، والطاقة النظيفة والسياحة وليس السلاح. وقال إن
السعوديين سيراقبون التجربة.
وأضاف تشيمرمان: "قال لي مسؤول سعودي بارز إن 70% من مواطنينا هم تحت سن الثلاثين. وبالنسبة
لهم وبقية الشباب في الخليج فحرب 48 و67 و73 هي حروب الرومان".
وتابع الصحفي: "يعرف
الشباب السعودي أن هناك تعاونا في المجال الأمني والعسكري" ولكن صاحبه
السعودي حذر قائلا: "لا يمكن زراعة شجرة بجذر واحد". وكل هذا لا يدعم
مزاعم نتنياهو أنه هو وحده من حقق التطبيع.
وقال إيهود أولمرت
رئيس الوزراء السابق إن الاتصالات، وعلى مستوى عال بدأت في عهد أرييل شارون. وزادت
خلال فترة حكم اولمرت في الفترة ما بين 2006- 2008 . وقال إن الشراكة كانت
"قوية" خاصة في مجال التبادل الأمني والعسكري المتعلق بإيران.
وأضاف: "العلاقة
مع الإمارات في مجالات مهمة أعمق وأوسع من العلاقة مع الأردن ومصر.
والعلاقات عميقة جدا قبل عقيدة نتنياهو". وأشار أولمرت إلى أن قادة الإمارات
بحثوا عن تعاون مع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية، والجماعات والبحث العلمي. و"لو
لم يكن نتنياهو داعية حرب ضد الفلسطينيين، لحصلنا على هذا قبل 10 أعوام".
ونفس الأمر يقال عن
الضم وعلاقته بالإتفاق، فنتنياهو كما يقول المحامي مايكل سفراد الذي يقدم
الإستشارة في مجال حقوق الإنسان: "تخلى عن تفعيل الضم القانوني، لكنه يواصل
عملية الضم وتأكيد السيطرة الكاملة على الضفة الغربية وسكانها".
وكتب سام بحور، رجل
الأعمال في رام الله بصحيفة "هآرتس": "لم تحصل الإمارات على أي
تأكيدات من إسرائيل أنها لن توسع المستوطنات أو تنشئ أخرى جديدة أو تعزز
البيروقراطية على المناطق".
وفي مكالمة مع بحور
قال: "سرق نتنياهو الأرض، وهدد بجعلها إسرائيلية، ثم نسب إليه فضل التراجع عن
التهديد، ربما كان نظام عباس في حالة سبات وليس نحن".
وقالت الصحيفة إن مدى
انتفاع نتنياهو بالصفقة، يظل معتمدا على موقفه الغامض من الضم. فشعبيته تراجعت بعد
الإتفاقية ولا يزال بحاجة إلى أصوات من يهمهم الضم. ورغم حصوله على الثناء بسبب
تعامله مع فيروس كورونا، إلا أن الإصابات ارتفعت وحصلت تظاهرات تحتج على طريقة
تعامله.
ولا تزال اتهامات
الفساد تلاحق نتنياهو، فقد ظهر في المحكمة محاطا بوزرائه، وهاجم الصحافة والنائب
العام واتهمهم بتلفيق الاتهامات.
وفي بداية آب/أغسطس
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريرا قالت فيه إن نتنياهو والمقربين منه
انتفعوا من صفقة غواصات مع ألمانيا.