هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت الزيارة السريعة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العاصمة العراقية بغداد، جملة من التساؤلات بخصوص أسبابها، وكذلك تصريحاته بشأن التدخلات الخارجية في شؤون العراق، وإعادة هيكلة قواته الأمنية.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره العراقي برهم صالح، قال ماكرون، الأربعاء، إن فرنسا "ترفض التدخلات الخارجية، لأنها تضعف العراق، وفرنسا ستأتي بالمجتمع الدولي لدعم العراق في بسط الاستقرار"، مشيرا أيضا لـ"هيكلة القوات الأمنية العراقية وإعادة تطبيعها".
مشروع عراقي
من جهته، قال الدكتور ريبوار عبد الله أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين بأربيل، إن "وجهة النظر الفرنسية تجاه العراق، هي مع استقرار البلد وفرض سيادته، وأن الشارع العراقي والرؤية السياسية السائدة بالعراق مع سيادة البلد بعيدا جميع التدخلات".
وأضاف عبد الله في حديث لـ"عربي21": "من هذا المنطلق، فإن العراقيين بحاجة إلى فاعل دولي غير الولايات المتحدة لدعم ومساندة هذا التوجه الجديد للعراق. لذلك فإن حديث ماكرون عن وجود مشروع لدى العراقيين ودعم فرنسا له، كان يقصد به مشروع استقلالية العراق".
وبخصوص لقاء رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني مع ماكرون، قال عبد الله إن "قدوم البارزاني إلى بغداد كان بطلب من ماكرون، وبالتالي جرى اللقاء بين الطرفين، لكن ليس موضوع تركيا وتدخلها العسكري هو السبب في زيارة البارزاني إلى بغداد".
من جهته، قال السياسي العراقي الدكتور أحمد المساري لـ"عربي21" إننا "نرفض كل التدخلات سواء كانت إيرانية أو أمريكية أو تركية أو غيرها، لكن التدخل الصريح هو من إيران، أما موضوع السيادة والأمن فهي مواضيع سيادية عراقية تخص العراقيين فقط، ولا يحق لأحد التدخل بها حتى لو كانوا أصدقاء سواء فرنسا أو أمريكا".
اقرأ أيضا : ماكرون في العراق.. تدخل إيران و"تنظيم الدولة" أبرز الملفات
وأضاف: "لا نريد للعراق أن يكون جزءا من أي محور ولا جزءا من أي صراع إقليمي ودولي، لأن البلد فيه ما يكفيه من مشاكل اقتصادية وصحية وغيرها، فإذا كانوا أصدقاء للعراق فليعينونا على أزماتنا، أما جر البلد إلى سياسة المحاور فهذا مرفوض وليس من مصلحة العراق".
خيار التدويل
ولفت أستاذ العلوم السياسية من إقليم كردستان العراق إلى أن "حديث ماكرون عن التدخلات كان يقصد به التدخلات الإيرانية والتركية والصراع الإيراني الأمريكي وتداعياته على العراق واقتصاده وأمنه".
وأعرب عن اعتقاده بأنه "آن الأوان لأن تدوّل قضية السيادة العراقية بسبب الانتهاكات المتكررة لها جراء وجود حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، والذي يعرّض الإقليم للقصف التركي والإيراني".
ورأى عبد الله أن "الوقت مناسب الآن، لأن هناك فاعلا رئيسيا ودوليا له ثقل سياسي كبير مثل فرنسا لدعم مثل هذا التوجه، وبالتالي فإن مرحلة تدويل قضية السيادة العراقية قد بدأت عندما زار ماكرون بغداد".
وفي السياق ذاته، قال السياسي العراقي بهاء الأعرجي في تغريدة على "تويتر" إن "ماكرون في بغداد ممثِّلاً لقادة المجتمع الدولي وفي مقدمتهم قادة الولايات المتحدة الأمريكية وهو في مهمة رسمية لإيصال رسائل إلى قادة الكتل، وإن لم تنجح مهمته خلال الفترة القريبة فسنكون أمام الخطوة الأولى لتدويل القضية العراقية".
— بهاء الأعرجي (@bahaa_alaaraji) September 2, 2020
هيكلة الأمن
وبخصوص حديث ماكرون عن إعادة هيكلة القوات الأمنية في العراق، قال عبد الله إن "ترسيخ مبدأ سيادة العراق بحاجة إلى قوة عسكرية وطنية ويجب أن تكون بعيدة عن الولاءات السياسية والطائفية، والكل يعلم أن الجيش العراقي ليس له دور على عكس الحشد الشعبي، لأن الكثير من فصائله تتبنى إستراتيجية إيران في المنطقة".
وتابع: "لذلك فسيادة العراق بحاجة إلى قوة وطنية بعيدة عن الولاءات حتى تستطيع إعادة هيبة الدولة، وأن فرنسا هي الفاعل الذي له حضور على الساحة الدولية وهي عضو في مجلس الأمن الدولي".
ورأى عبد الله أن "دور فرنسا الدولي في العراق سيعزز التوجه السائد لدى العراقيين والكثير من السنة والأكراد والشيعة بأن يكون للعراق قراره السياسي والسيادي".
ومثل ذلك علق النائب السابق أحمد المساري في حديثه لـ"عربي21" بالقول: إن "الدستور العراقي كان واضحا بأن تتشكل المؤسسات العسكرية والأمنية من مكونات الشعب العراقي حسب توازناتها".
وأردف المساري، قائلا: "المفروض أن يتحقق التوازن الوطني في كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسستان الأمنية والعسكرية. وإذا كان ماكرون تحدث عن هذا الموضوع فهو مبدأ دستوري، ونحن منذ البداية نطالب به".