هل تؤثر المناظرات على ميول الناخب الأمريكي؟.. خبراء يجيبون

تستعر المنافسة بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، في الانتخابات الرئاسة الأمريكية، التي ستجرى في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر.

وتنتظر الأوساط الأمريكية مناظرة مرتقبة بين الرجلين الثلاثاء المقبل ستتمحور حول ستّة ملفات، من بينها: جائحة كوفيد-19، والمحكمة العليا، والاقتصاد، و"القضايا العرقية والعنف".

وقال مدير المناظرة، كريس والاس، المذيع في شبكة "فوكس نيوز"، إنّ المناظرة، ومدّتها 90 دقيقة ستشمل ملفّين إضافيين، يتعلقان بـ"حصيلة أداء كلّ من ترامب وبايدن" و"نزاهة الاستحقاق الرئاسي".

تاريخ المناظرات

 
وتعود فكرة المناظرات إلى عام 1858 حينما عُقدت سلسلة من سبع مناظرات بين المرشحين لمجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية إلينوي أبراهام لنكولن وستيفن دوغلاس في ذلك العام، وتمت المناقشات بدون مشرف أو لجنة.

وتبادل المرشحان الأدوار آنذاك بافتتاح كل مناظرة بخطاب مدته ساعة، ثم كان يجب على المرشح الآخر الرد في ساعة ونصف، وأخيرًا كان المرشح الأول ينهي المناظرة برد مدته نصف ساعة، وأعيد انتخاب دوغلاس آنذاك إلى مجلس الشيوخ لاحقًا من قبل الهيئة التشريعية في إلينوي.

وبدءا من عام 1948 أصبحت المناظرات بين المرشحين للرئاسة أمرا واقعا بعدما جرت مناظرة في ولاية أوريغون بين الجمهوريين توماس إي ديوي وهارولد ستاسين وذلك خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري.

وحذا الديمقراطيون حذوهم حينما أجروا مناظرة عام 1956 بين المرشحين أدلاي ستيفنسون وإيستس كيفوفر، تلاها مناظرة عام 1960 بين جون إف كينيدي وهيوبرت همفري.

وفي عام 1956 سعى الطالب في جامعة ماريلاند، فريد كان، إلى إجراء مناظرة بين المرشحين الديمقراطي أدلاي ستيفنسون والجمهوري دوايت آيزنهاو، وذلك في حرم الجامعة، وتم الاتصال بجميع وسائل الإعلام.

اقرأ أيضا: بايدن يرهن فوزه بإقبال ذوي الأصول الأفريقية على التصويت

وعلى الرغم من عدم إجراء المناظرة، إلا أنها لاقت اهتماما كبيرا وكانت سببا في وضع الأساس لمناقشات كينيدي ونيكسون بعد أربع سنوات خلال الحملة الرئاسية لعام 1960.

تأثير المناظرات على الناخبين

ويبقى السؤال: ما أهمية المناظرات وما تأثيرها على صوت الناخب الأمريكي، وهل يمكن أن تدفعه لتغيير رأيه؟

ويرد المختص بالشأن الأمريكي جو معكرون على هذا التساؤل بالقول: "تكمن أهمية المناظرات الرئاسية في توقيتها وطبيعة السباق، وهي تُظهر شخصية المرشحين وتعاملهم مع الخصوم وخطابهم للأمريكيين".

وحول تأثيرها على رأي الناخب الأمريكي قال معكرون لـ"عربي21": "لا تعتبر المناظرات عامل حسم في الانتخابات بشكل عام أو في التأثير على ميول الناخب الأمريكي، فمثلا كان أداء الرؤساء جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب ضعيفا في المناظرات، ولكن لم يؤثر ضعفهم هذا على نتائجهم وتمكنوا من الفوز بالانتخابات".

وأكد على أن "المناظرات مهمة فقط بالنسبة إلى الناخبين المتأرجحين، بحيث إنها قد تحسم وجهة تصويتهم كما أنها قد تؤثر على إقبال الناخبين الديمقراطيين أو الجمهوريين في حال كان أداء مرشحهم ضعيفا أو قويا، لكن المناظرات بشكل عام لا تكون حاسمة، إلا إذا قام أحد المرشحين بهفوة كبيرة قد تنعكس سلبا عليه في استطلاعات الرأي".

مناظرة بايدن-ترامب

 
وتعتبر مناظرة الأسبوع المقبل بين بايدن وترامب، الأولى في سلسلة المناظرات بينهما، والتي تثير تساؤلات عن من سيتسيدها، ومن سيستغلها لدعم حظوظه بشكل أكبر في الانتخابات؟

بدوره، أشار سكوت ثومان كبير المراسلين في شبكة "SBG" الأمريكية إلى أن "رويترز ذكرت في استطلاع لها أن حوالي 5 في المئة فقط من الناخبين المحتملين ما زالوا لا يتخذون قراراتهم بعد"، مضيفا أن "هذا الرقم ضئيل جدا، ومع ذلك فإنه يمكن "للهوامش" (النسب الصغيرة) أن تحدث فرقًا كبيرًا".

وتابع ثومان في حديث لـ"عربي21": "فمثلا في انتخابات عام عام 2016، أحدثت أصوات ما يقارب 78,000 شخص في ولايات ويسكونسن وميتشيغان وبنسلفانيا الفرق وساعدته على الفوز بالرئاسة، لذلك إذا كانت المناظرات قادرة على تحريك مؤشر أصوات الناس فقد يكون ذلك مهمًا".

وأوضح الصحفي الأمريكي أن "العامل المهم في كل هذا هو أن المزيد من الناس قد يصوتون مبكرًا أكثر من أي وقت مضى"، مضيفا أنه "لطالما اشتكى فريق ترامب من حقيقة أن ولاية كارولاينا الشمالية على سبيل المثال، سيكون لديها ما يقرب من شهر من التصويت المبكر قبل بدء المناظرة الأولى".

ولفت إلى أن "الأجواء الانتخابية ملبدة، بالتالي فإن حديث أي شخص بأنه يعرف كيف سينتهي الأمر أو ما هو التأثير الذي سيكون للمناظرات بالضبط، سيكون مجرد تخمين وليس أمرا واقعا".

اقرأ أيضا: هذا ما ستتناوله المناظرة الأولى بين ترامب وبايدن

وعبر عن اعتقاده بأنه "ستتم متابعة ومراقبة المناظرات بين بايدن وترامب بشكل كبير، لكن كلا الرجلين معروفان جيدًا بالفعل، ويحتاج تغيير رأي شخص اتخذ قراره بالفعل إلى لحظة نقاش جذري من أحد المرشحين".

من جهته، يرى أستاذ الإدارة والسياسة العامة صلاح الحنيني، أن الفرق سيكون شاسعا بين ترامب وبايدن في المناظرة، فالأخير كان سيناتورا لما يقارب الثلاثين عاما، وهو متمرس وكان نائب الرئيس أوباما أي أنه كان قريبا من دائرة صنع القرار الأمريكي والمؤسسات الأمريكية وعلى علم بخفايا الدول العميقة".

الخطاب الشعبوي

وتابع الحنيني في حديث لـ"عربي21": "بالمقابل فإن ترامب على الرغم من خطابه الشعبوي، سيكون أضعف في المناظرة خاصة أنه لا يوجد لديه خبرة بالحضور الإعلامي والخطاب المفوه".

وأشار إلى أن "بايدن سيستغل بشكل صحيح المعطيات الحالية في أمريكا من ناحية قضايا ومشاكل الأقليات وعلى رأسها السود، وسيركز على القطاع الصحي والسياسات الاقتصادية، وسيستغل هفوات ترامب وإخفاقاته في معالجة كورونا والتصدي له".

وأوضح أنه "حتى لو استخدم ترامب الخطاب الشعبوي والعنصري فإن تأثيره سيقتصر على مناصريه" متسائلا: "هل يمكنه إقناع الولايات الديمقراطية أو المتأرجحة بين الجمهوريين والديمقراطيين؟"، وأجاب: "لا أعتقد ذلك، وأظن أن بايدن سيقنع الصوت المتأرجح".

وحول دور المناظرات في حسم الناخب رأيه حول من يصوت، قال الحنيني: "المناظرات ليس عاملا رئيسيا في توجيه أصوات الناخبين، وهي لا تشكل أهمية كبيرة لصناعة القرار السياسي أو التأثير في صوت الناخب".

وأضاف: "ويدل على ذلك مؤشرات شعبية وتقدم بايدن على ترامب في استطلاعات الرأي، ولكن حتى هذه أيضا أحيانا تخدع حيث كانت سابقا تشير إلى فوز هيلاري كلينتون وفي النهاية فاز ترامب، في المحصلة فإن بايدن سينجح في المناظرة ولكن ليس بالضرورة أن يفوز في الانتخابات".