هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالا لهيئتها التحريرية، وجهت فيه انتقادا حادا للسلطات في السعودية، على رأسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، معتبرة أنه ازداد قسوة منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وتمر اليوم الجمعة الذكرى الثانية لمقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
ولفتت الصحيفة التي كان يكتب فيها خاشقجي بشكل منتظم، إلى أنه "مر عامان منذ مقتل المرموق جمال خاشقجي، وتعرّضه للذبح داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. بقيت حقيقتان على حالهما طيلة تلك الفترة: لم تتحقق العدالة فيمن أمر بقتله وخطط لتلك الجريمة".
أما الحقيقة الثانية، بحسب الصحيفة، فهي أن "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، استمر في قمعه الوحشي الذي جعل نظامه الأكثر قسوة وإجراما في تاريخ البلاد الحديث".
وأضافت أنه "على الرغم من أن ردة الفعل الدولية التي أعقبت مقتل خاشقجي جعلته منبوذا، إلّا أن ولي العهد لم يغير من سلوكه شيئا".
ولتدلل على ما أوردته، لفتت إلى أنه "في ذروة ردة الفعل خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وفقا لدعوى رُفعت في آب/ أغسطس الماضي، أرسل ابن سلمان فريق قتل آخر إلى كندا في محاولة فاشلة لقتل مسؤول الاستخبارات السابق المنفي سعد الجبري".
وأكدت أنه منذ آذار/ مارس من هذا العام، اعتقل النظام السعودي أيضا اثنين من أبناء الجبري وأحد إخوته، واحتجزهم كرهائن بحكم الأمر الواقع، في محاولة لإجباره على العودة إلى المملكة.
ومن الأمثلة التي اهتمت بها الصحيفة أيضا على قسوة ابن سلمان، أنه "استمر في حبس الأمراء ورجال الأعمال والنشطاء الذين يعتبرهم مصدر تهديد، عادة من دون عناء توجيه الاتهامات إليهم حتى".
وأكدت كذلك أنه "لم يُطلق سراح أي من الناشطات في مجال حقوق المرأة الذي يبلغ عددهن أكثر من عشرين ناشطة ممن تعرضن للاعتقال منذ عام 2018 بشكل كامل. ما زلن في السجن أو رهن الاعتقال المنزلي من دون إدانتهن بارتكاب جريمة إطلاقا".
وأشارت إلى أنه "لم يُعاقب سعود القحطاني كبير مساعدي محمد بن سلمان الذي دبر مقتل خاشقجي واعتقال النساء وتعذيبهن. كما لم يتحمل محمد بن سلمان نفسه المسؤولية عن الأمر بارتكاب هذه الجرائم، على الرغم من أن وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي أيه” وتحقيقات الأمم المتحدة، خلصتا إلى أنه جدير باللوم في هذا الشأن".
واعتبرت أن "السلوك الاستبدادي لولي العهد، هو ما دفع خاشقجي الذي كان يبلغ من العمر 58 عاما، إلى المنفى في الولايات المتحدة، بعد حياة مهنية أمضاها كصحفي في الجرائد السعودية الرئيسية وكمتحدث باسم السفارتين السعوديتين في لندن وواشنطن".
وأضافت: "لم يكن خاشقجي يعتبر نفسه معارضا سياسيا، بل كان مؤيدا للإصلاحات السلمية من داخل النظام، بما في ذلك حرية التعبير وحقوق المرأة. ورحب بالتحرر الاجتماعي الذي طبّقه محمد بن سلمان، مثل افتتاح دور السينما والسماح للمرأة بقيادة السيارة، لكنه تساءل عن سبب اضطهاد الأشخاص الذين دعوا له. وتساءل في أحد أعمدة صحيفة البوست: لماذا يجب على السعوديين "الاختيار بين دور السينما وحقوقنا كمواطنين في التحدث علانية، سواء لدعم أو انتقاد تصرفات حكومتنا؟".
وأوردت أنه "كان بإمكان ولي العهد أن يمنح مصداقية لمبادرته التحديثية المدعوة برؤية 2030، من خلال احتضان كتّاب مثل خاشقجي ونشطاء مثل لجين الهذلول السجينة، التي طالبت بحق المرأة في القيادة. وبدلا من ذلك، فقد أبعد المستثمرين الأجانب الذين يعتمد عليهم برنامجه بسبب سلوكه المتهور ووحشيته المروعة".
وأكدت أن "محاولات ابن سلمان الأخيرة لتحسين صورته، كانت تشمل أعمالا رمزية ضعيفة بشكل مثير للشفقة".
وفي الشهر الماضي، على سبيل المثال، أعلن النظام السعودي عن الحكم على ثمانية عملاء من المستوى الأدنى بالسجن لمدد تتراوح بين 7 و20 عاما بتهمة قتل خاشقجي. كان ذلك، كما وصفته محققة الأمم المتحدة أغنيس كالامار، "محاكاة ساخرة للعدالة".
وعُقدت المحاكمة سرا، ولم تُذكر أسماء المدانين. حتى يومنا هذا، لم توضح السلطات السعودية ما حدث لجثمان خاشقجي بعد أن تم تقطيعه بمنشار عظام، ولم تسلّمه لعائلته.
وقالت الصحيفة: "مع ذلك، فإنّ ولي العهد يأمل بإعادة تأهيل صورته من قبل قادة العالم المشاركين في قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها حاليا في الرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. على الرغم من أن جائحة كوفيد-19 المستمر أجبرت السعوديين على عقد قمة افتراضية، إلا أنهم سيظلون هم المضيفون، ما يسمح لابن سلمان بالظهور كقائد عالمي في وضع جيد، إلى جانب البريطاني بوريس جونسون والفرنسي إيمانويل ماكرون والألمانية آنغيلا ميركل والكندي جَستِن ترودو، من بين آخرين".
وأضافت: "ناهيك عن الرئيس ترامب الذي برّأ جريمة محمد بن سلمان ضد خاشقجي بعد أسابيع من وقوعها، ثم تفاخر أمام بوب وودوارد من صحيفة البوست بأنه أنقذ مؤخرته".
ولفتت إلى أنه "في حال عقد اجتماع مجموعة العشرين، حتى وإن كان عبر الإنترنت، فيجب أن يُعرف باسم قمّة الإفلات من العقاب".
وقالت: "ستكون نتيجتها الوحيدة ذات المغزى هي السماح لمحمد بن سلمان باستنتاج أنه حر في قتل الصحفيين الآخرين، وتعذيب المزيد من الناشطات في مجال حقوق المرأة من دون عواقب".
وختمت بالقول: "كان القادة الديمقراطيون يتحدثون عن الحاجة إلى دعم القيم الليبرالية التي تتعرض لهجوم من الصين وروسيا والأنظمة الاستبدادية الأخرى والدفاع عنها. قد تكون الطريقة الممتازة للبدء في ذلك، هي اشتراط مشاركتهم في قمة مجموعة العشرين بإطلاق سراح محمد بن سلمان للسجناء السياسيين، وتحمله المسؤولية الكاملة عن مقتل خاشقجي".