هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وجه أعضاء بالحزب الديمقراطي بالكونغرس الأمريكي رسالة شديدة اللهجة إلى النظام المصري حول المعتقلين السياسيين، وهو ما اعتبره حقوقيون انتصارا معنويا.
صحيفة "واشنطن بوست"، كشفت عن تقديم 56 نائبا ديمقراطيا رسالة للسيسي، تدين انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وتؤكد أنه إذا فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة الأمريكية الشهر المقبل فلن يتسامح معها.
وحث المشرعون السيسي على إطلاق سراح السجناء "قبل أن يصبح سجنهم غير المشروع حكما بالإعدام، بسبب جائحة فيروس كورونا"، وأشاروا إلى وفاة الصحفي محمد منير بعد إصابته بفيروس كورونا خلال الحبس الاحتياطي.
النائب رو خانا، أحد الموقعين على الرسالة، قال إن "هذا يعني أن علاقتنا مع مصر ستتم إعادة فحصها من منظور حقوق الإنسان، موضحا أن الدافع الفوري للرسالة كان الحملة المصرية ضد النشطاء المؤيدين للديمقراطية في الأسابيع الأخيرة.
موقف بايدن
وفي 12 تموز/ يوليو الماضي، أصدر المرشح الديمقراطي على منصب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تحذيرا صارما للسيسي، قائلا إنه إذا تم انتخابه رئيسا فلن يكون هناك "شيكات على بياض للديكتاتور المفضل لترامب".
وتشهد علاقات السيسي وترامب توافقا كبيرا في معظم القضايا الإقليمية والدولية، حتى أن الرئيس الأمريكي دائما ما يمتدح رئيس الانقلاب، وأطلق عليه اسم "ديكتاتوري المفضل".
وشن بايدن هجوما لاذعا على علاقة ترامب بالسيسي، مؤكدا أن قمع القاهرة لحقوق الإنسان لن يتم تجاهله من قبل إدارته حال فوزه بالرئاسة الأمريكية.
Mohamed Amashah is finally home after 486 days in Egyptian prison for holding a protest sign. Arresting, torturing, and exiling activists like Sarah Hegazy and Mohamed Soltan or threatening their families is unacceptable. No more blank checks for Trump’s "favorite dictator." https://t.co/RtZkbGh6ik
— Joe Biden (@JoeBiden) July 12, 2020
وأكد مقال للكاتبة نهال الطوسي، باليومية الأمريكية "بوليتيكو"، 9 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أن بايدن، "تغاضى عندما كان نائبا لأوباما عن استيلاء السيسي على السلطة وتثبيت أركان حكمه بمجزرة راح ضحيتها 800 من الإخوان المسلمين".
وأضافت الكاتبة: "وهذه الأيام، وسعيا وراء مقعد الرئاسة، تغيرت نبرة بايدن تجاه السيسي وتجاه الديكتاتوريين بشكل عام، فأصبح يروج بأن حقوق الإنسان والديمقراطية من أولويات سياسته الخارجية".
ولم يرجح مسؤولون أمريكيون أن "يغير بايدن العلاقة مع القاهرة بشكل أساسي بقطع كل أو جزء كبير من المساعدات العسكرية، لكنه على الأرجح سيكون أكثر انتقادا للسيسي علنا، وسيرفض مقابلته"، وفق المقال.
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، طرح الكاتب هاني مصطفى التساؤلات: "هل فعلا سيحرم بايدن مصر من مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات سنويا؟ وهل سيغامر بالخروج من منطقة راحته ويعرض علاقته بالحليف القريب لأمريكا والذي يحرص على السلام مع إسرائيل؟ وهل تصرفات الرئيس بايدن ستماثل أقوال المرشح بايدن أم ستختلف، سواء مع الديكتاتور السيسي أو مع غيره؟".
"دعاية انتخابية"
وفي رؤيته للشكل المتوقع لعلاقة مصر وواشنطن حال فوز بايدن بمنصب الرئيس الأمريكي، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الدكتور عبدالله الأشعل: "هذه مناورة انتخابية من بايدن ومن الديمقراطيين"، مؤكدا أن "الخلاصة هي أنه لن يتغير شيء".
الأشعل، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "الخط الثابت لواشنطن نحو دول الشرق الأوسط وبينها مصر لا يتغير بتغير الإدارات، وهو تنصيب الشخص في الحكم لكي يخدم المصالح الاستراتيجية الأمريكية مقابل أمور، من بينها الالتزام بعدم القيام بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
ويعتقد أنه حتى انتقادات الحزب الديمقراطي عبر النواب الـ56 لملف مصر الحقوقي هي أيضا لـ"الاستهلاك الإعلامي، وكسب الناخب الأمريكي، وليست عن موقف ثابت من ملف مصر الحقوقي"، جازما بأنها "مكسب انتخابي فقط".
"لا تغيير مع بايدن"
وفي رؤيته، قال الأكاديمي المصري الدكتور ممدوح المنير: "في المواقف الاستراتيجية للبيت الأبيض لا أتوقع حدوث تغيير هام بالموقف من النظام العسكري بمصر، ولا ننسى أن انقلاب 2013، ومذبحة رابعة وغيرها، جميعها وقعت بعهد باراك أوباما الديمقراطي".
مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية بإسطنبول، أكد في حديثه لـ"عربي21"، أن انتقاد الديمقراطيين وبايدن لملف مصر الحقوقي يشمل عدة مسارات، "أولها: جزء من دعم الحملة الانتخابية لبايدن".
وأوضح أنهم "أذكياء، ويعلمون جيدا أن السيسي لا يكره المصريين فقط، بل المسلمين جميعا تقريبا، وبالتالي هي مغازلة لأصوات العرب والمسلمين بأمريكا".
وثانيا: أضاف المنير أن "هناك نواب ديمقراطيين رافضين فعليا لانتهاكات حقوق الإنسان بمصر وللسيسي نفسه أيضا؛ وبالتالي هي حملة لتحقيق عدة مكاسب، منها الانتخابي، ومنها إدانة فعلية لما يفعله السيسي ونظامه".
ولفت المنير إلى أنه "لا يعتقد حدوث تغيير حقيقي إذا فاز بايدن؛ فالسياسة الأمريكية تجاه العرب آخر ما تفكر فيه بملف حقوق الإنسان، ولكنها لن تمانع من بعض المواقف التي تضغط فيها على مصر بالملف الحقوقي فقط؛ لتحسين الصورة الذهنية أمام المواطنين الأمريكيين ليس إلا".
لن يزيد عن الانتقادات
مدير منتدي شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية محمد حامد، من جانبه، أكد أن "مصر ربطت علاقتها مع أمريكا عبر شركات العلاقات العامة وشركات اللوبي، وليس عبر إدارة اعتباطية أو الاعتماد على الإرث التاريخي للعلاقات المصرية الأمريكية التي عادت عام 1974، وتوطدت إثر اتفاقية كامب ديفيد".
حامد، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "القاهرة منذ انتخاب ترامب قررت أن يكون العنصر الهام والفاعل بالعلاقات مع واشنطن هي شركات العلاقات العامة، التي تقدم صورة ذهنية جيدة، وتلمع صورة القاهرة وحاكمها ونظامها السياسي، كما تفعل باقي الحكومات".
وأشار إلى أن "بايدن كان حليفا للرئيس حسني مبارك، وكان ضد إسقاط نظامه، وصوت بمجلس الأمن القومي الأمريكي على ذلك إبان ثورة يناير".
ويتوقع الباحث المصري أن "يحاول بايدن الحفاظ على استقرار مصر؛ وبالتأكيد سوف يوجه انتقادات لملف مصر الحقوقي، ولكن هنا ستحتمي مصر بشركات الخدمات العامة واللوبي لتلميع صورتها، دون أن ترى حرجا بذلك".